هذه نتيجة «النكران» و«التسويات»!
} إبراهيم وزنه
في كل مرّة أذكر مآثر بعض لاعبي الستينيات والسبعينيات الذين بذلوا التضحيات لرفع اسم لبنان عالياً في مرحلة العيش الرغيد، يتمنى عليّ الزملاء إنهاء الحديث وطيّ الذكريات لكونها لا تقدّم ولا تؤخّر، ودائماً على قاعدة “لكل زمان دولة ورجال” حتى وصل الأمر عند البعض إلى الاستخفاف بالأسماء التي أذكرها على مسامعهم… وصولاً إلى السخرية من زمن جميل… عشنا فيه المتعة الكرويّة بأحلى تجلّياتها وتابعنا ميدانياً ولسنوات طوال عدداً كبيراً من نجوم الساحرة المستديرة.
حيال هذه المشهد، تأكّد لي بأن ما وصلنا اليه من تراجع وانحدار ما هو إلا حصاد طبيعي لنكران دور الذين اجتهدوا وأخلصوا لقميص الوطن، ربما تناسى هؤلاء الكسالى في قراءة التاريخ الكروي اللبناني ومعرفة الأسماء والإنجازات، أن منتخبنا الوطني لطالما حجز مكانه بين طليعة المنتخبات العربيّة وأنديتنا فرضت وجودها في ميدان الإنجازات مراراً وتكراراً، والتاريخ يشهد.
وبالانتقال إلى مكان آخر، إلى حيث يتغيّر المشهد ويتحكّم المنطق، ففي أوروبا تحديداً، بقيت الأسماء التي حفظناها عن ظهر قلب، على أهميتها وحضورها في اللعبة الشعبية حتى يومنا هذا، فمنهم الإداري، ومنهم رئيس النادي ومنهم من وصل إلى رئاسة الاتحاد الأوروبي، وكثيرون منهم خلّدوا بتماثيل في الساحات وأمام الملاعب، حتى أن بعضهم أُطلق اسمه على الملعب الذي أفنى حياته مجتهداً على أرضه… وفي البرازيل، تقلّد النجم العالمي بيليه وزارة الشباب والرياضة، كما كان الراحل مارادونا سفيراً فوق العادة وصاحب شخصية عابرة للقارات، وغيرهما ممن حلّقوا في مواقع القرار الكروي استناداً إلى مسيراتهم وتضحياتهم… وكل تلك المكرمات، ما هي إلا نتيجة تألقهم وعطائهم في الملاعب.
بالأمس، سألني أحد عمالقة اللعبة السابقين في لبنان عن بعض الأسماء الممسكة بناصية اللعبة إدارياً وفنيّاً وتحكيمياً في بلادنا، استفسر عن تاريخهم في اللعبة، عن تعاطيهم السابق مع مجرياتها .. مع مَن لعبوا؟ كيف وصلوا؟ مَن دعمهم؟ ماذا عن تاريخهم في مجال التحكيم؟ من أعطاهم تلك السلطة؟ وجدت نفسي، متلعثماً في الإجابات، خانتني الذاكرة، ثم استسلمت… بعدما توافقنا على قناعة راسخة… مفادها بأننا وصلنا إلى هنا، لأننا سلّمنا مقاليد “لعبتنا” عبر تسويات سياسية ومناطقية لمن لا يعرف تفاصيلها… ولم يعش في ملاعبها.