تسرّب يوقف إمدادات الغاز الروسيّ إلى أوروبا… وابن سلمان في الخطوة الأخيرة نحو العرش / غداً أول جلسة لانتخاب رئيس للجمهوريّة… خلط أوراق… ولا تعطيل للنصاب / اللواء إبراهيم بين بعبدا والسراي مؤيّداً بمواقف داخليّة وخارجيّة لتشكيل الحكومة /
كتب المحرّر السياسيّ
خرجت أزمة الغاز في أوروبا من دائرة التكهنات، وتعطلت الأنابيب الناقلة بفعل تسرّب تسبب بتلوث المياه في بحر البلطيق، واتهمت حكومة السويد روسيا بتدبير التسرّب عبر تفجير الأنابيب، بينما ألقت موسكو على العقوبات التي تسبّبت بوقف الصيانة وتهالك أنبوب السيل الشمالي 1، مسؤولية ما جرى دون أن تستبعد وجود عمل تخريبيّ، قالت إن غياب التعاون بين روسيا وأوروبا يحول دون تعاون في التحقيق لكشف الفاعلين، وبمعزل عن المقاربة السياسية بقيت النتيجة الاقتصادية واحدة، وهي ان أوروبا بدأت موسم الشتاء مبكراً دون مورد للغاز، بينما أنجزت موسكو الاستفتاءات التي طالبت بحصيلتها أربع مقاطعات أوكرانية ناطقة باللغة الروسية بالانضمام إلى روسيا، لتدخل الحرب مرحلة جديدة مع إقرار مجلس الدوما الروسي لاتفاقيّات الضمّ، حيث تصبح أراضي هذه المقاطعات أراضي روسية يدخل الدفاع عنها تحت بنود العقيدة القتالية للجيش الروسي بما في ذلك شروط استخدام الأسلحة الاستراتيجية.
إقليمياً بالتوازي مع انفراج العلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما يعتقد المعنيون بمتابعة الملف النووي الإيراني أنه إشارة لعودة الاتفاق النووي الى مساره الإيجابيّ، خطت السعودية بمرسوم ملكي الخطوة الأخيرة في طريق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نحو تولي العرش عبر إعلانه رئيساً لمجلس الوزراء، وهو المنصب الذي كان يحتله تقليدياً الملك وليس ولي العهد، مع تركيبة وزارية غلبت عليها أسماء جيل الشباب في العائلة المالكة المقرّبون من ابن سلمان، وبصورة قرأ فيها كثير من المتابعين في الغرب وخصوصاً في واشنطن، الثمن الذي أرادته السعودية لتسهيل السير بالاتفاق النوويّ مع إيران، بعكس ما فعلت عام 2015 بالانضمام إلى جبهة معارضة شكلتها مع حكومة كيان الاحتلال اعتمدت على اللوبي اليهودي والتمويل السعودي لتعبيد الطريق أمام وصول الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق.
لبنانياً، يعقد مجلس النواب غداً أول جلساته المخصّصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفقاً للدعوة التي وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مستفيداً من المواقف الدولية والإقليمية الداعية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية، وما لاقاها في الداخل من مواقف داعمة لانتخاب الرئيس الجديد وعدم الوقوع في الفراغ الدستوريّ، خصوصاً مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، ودار الفتوى، بصورة مكنت من الاعتقاد بأن أيّ سعي لتعطيل النصاب سيكون مصيره الفشل لافتقاده الغطاءين الداخلي والخارجي، ومع انعقاد الجلسة التي يمكن أن تشهد أكثر من دورة، يحتاج المرشح للفوز في الدورة الأولى منها لأغلبية الثلثين التي يتكوّن منها نصاب حضور كل الدورات الانتخابيّة، فيما يكفي للفوز في الدورات التي تلي تصويت الأغلبية المطلقة المكوّنة من 65 نائباً لصالح مرشح يعتبر فائزاً ويعلن رئيساً جديداً للجمهورية، وهو ما تستبعد مصادر متابعة حدوثه في جلسة الغد، مع توقع ظهور الأسماء التي تدعمها الكتل النيابية وحجم التصويت لكل منها، ما يفتح الباب الجدّي للتشاور طلباً لتوافق يضمن حصول أحد المرشحين على الأغلبية اللازمة للفوز، قبل الدعوة لجلسة ثانية أو ثالثة، وربما ضمن المهلة الدستوريّة، أو بعد انقضائها بقليل.
فتح الباب أمام الاستحقاق الرئاسي لم يسحب ملف تشكيل الحكومة الجديدة من التداول، فالخشية من عدم انتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية قائمة، والانقسام حول حدود صلاحية حكومة تصريف الأعمال في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية سبب كافٍ للسير بتشكيل حكومة جديدة تحظى بالتوافق وبثقة المجلس النيابي. وفي هذا السياق أكدت مصادر متابعة للمسار الحكومي أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يقوم بمسعى للوساطة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة لتدوير الزوايا حول الحد الأدنى من مواضيع الخلاف واستبعاد كل أسباب وشروط جديدة تُعيد البحث إلى مساحة التباعد واحتمالات الفشل. وقالت المصادر إن مهمة اللواء إبراهيم تحظى بدعم ثنائي حركة أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وتحظى خارجياً بدعم ومواكبة فرنسيين، وعدم ممانعة أميركية سعودية، يقول البعض إنها بلغت مرحلة التشجيع.
وبعد أقل من 24 ساعة على إقرار مجلس النواب موازنة العام 2022، وفي خطوة فاجأت الموالاة والمعارضة، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب لانتخاب رئيس جمهورية قبل ظهر الخميس المقبل.
وإذ دفعت دعوة بري الكتل النيابية للاجتماع لتحديد مواقفها وحسم تحالفاتها، لم تُعرف الخلفية التي اتكأ عليها رئيس المجلس بدعوته، وما إذا كان التمس إمكانية للتوافق بين الكتل النيابية أم فقط من منطلق القيام بواجباته الدستورية ورمي الكرة على ملعب القوى التي تطالبه بالدعوة الى الجلسة، أم لجس نبض الكتل وحثها للإسراع بحسم أمرها؟
وأشارت أجواء عين التينة لـ«البناء» إلى أن «الرئيس بري مارس حقه الدستوريّ وصلاحيّاته ودعا الى جلسة بعدما اتهمته قوى سياسية عدة بالتأخير بالدعوة، كما جاءت بعد الدخول في المهلة الدستورية، كما أن بري رأى أن الأولوية باتت انتخاب الرئيس بعد إقرار الموازنة».
وذكّرت بما سبق وأعلنه رئيس المجلس بأنه لن يدعو الى جلسة إلا بعد إقرار الأمور التشريعية كبعض القوانين الإصلاحيّة والموازنة. وشددت على أن المجلس يستطيع التشريع وانتخاب الرئيس في المهلة الدستورية، كما أن بري سبق وقال إن «على عاتق المجلس مهمة إنقاذ لبنان» وإنه سيدعو الى «جلسة في الظروف المناسبة وعندما يلتمس بعض التوافق السياسي».
وعن اطمئنان الرئيس بري لحضور الكتل وتأمين النصاب، لفتت أجواء عين التينة الى أن «المسؤولية الوطنية تفرض على جميع الكتل الحضور وعدم تعطيل النصاب طالما أن معظم لا بل جميع الكتل أكدت أنها ستحضر أي جلسة للانتخاب».
وبرزت إشكالية دستورية تمثلت بإمكانية مجلس النواب التشريع ومنح الحكومة المزمع تشكيلها الثقة النيابية في ظل تحوله الى هيئة ناخبة فور إعلان رئيس المجلس انطلاق جلسات الانتخاب.
وأكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب د. ميشال موسى لـ«البناء» أن «رئيس المجلس قام بواجبه الدستوري بالدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس، لكن مسألة الحضور من عدمه يتعلق بالكتل النيابية ولا يمكن التكهن بموقفها». وأوضح موسى أن «المجلس يمكنه القيام بدوره التشريعيّ وغير التشريعيّ طيلة المهلة الدستورية المحدّدة لانتخاب رئيس الجمهورية، رغم تحوّله الى هيئة ناخبة، كما يمكنه منح الحكومة الثقة عند تأليفها ولا نص دستوري يمنعه من ذلك».
ويشير الخبير الدستوريّ سعيد مالك لـ«البناء» الى أن «دعوة الرئيس بري المجلس للانعقاد لا يحول المجلس حكماً الى هيئة ناخبة، إنما يقتضي على مجلس النواب أن ينعقد وبالتالي بحال توافر النصاب وافتتح برّي الجلسة عندها يتحول المجلس الى هيئة ناخبة وفي هذه الجلسة لا يمكنه التشريع، أما الدعوة فقط، فلا يكفي لأن يتحول البرلمان لهيئة ناخبة، وبالتالي بانتظار توافر نصاب الثلثين لكي يفتتح بري الجلسة، أما قبل ذلك فيبقى مبدئياً مجلساً مشرعاً مراقباً تصرفات وأداء الحكومة ويمكن له أيضاً منح أي حكومة عتيدة الثقة».
وفور دعوة رئيس المجلس الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، تداعت الكتل النيابيّة للاجتماع والتشاور لحسم مواقفها بحضور الجلسة من عدمه.
وفي هذا السياق، علمت «البناء» أن «كتلة الجمهورية القوية ستصدر بياناً اليوم تحدد فيه موقفها من الجلسة»، أما كتلة اللقاء الديمقراطي فتعقد اجتماعاً اليوم برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لتحديد موقفها الحاسم، علماً أن توجه الكتلة وفق ما تؤكد مصادرها لـ«البناء»، سيكون ايجابياً.
كما علمت «البناء» أن كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة ستشاركان في الجلسة، كما أن الرئيس بري سيحضر باكراً الى الجلسة وسينتظر اكتمال النصاب وإذا لم يكتمل فسيصار الى تأجيلها الى موعدٍ آخر، على أن يدعو الى جلسات بشكل أسبوعي، وهكذا تصرّف في الشغور الرئاسي قبل انتخاب الرئيس ميشال عون في العام 2016 حيث دعا الى 45 جلسة وفي كل جلسة كانت كتلة التنمية والتحرير الحاضر الأول.
وإذ لم يعلن تكتّل لبنان القوي موقفه من الجلسة خلال اجتماعه الدوري أمس، برئاسة رئيسه النائب جبران باسيل، قرر التكتل إبقاء اجتماعاته واتّصالاته مفتوحة، سعيًا لتحديد الموقف اللّازم من الجلسة.
وجدّد التّكتّل «تمسّكه بإنجاز الاستحقاقات الدّستوريّة، بدءًا من تشكيل حكومة حسب الدستور تتولّى القيام بالمسؤوليّات المطلوبة منها في هذا الظّرف العصيب، وانتخاب رئيس للجمهوريّة يتمتّع بالصّفة التّمثيليّة والتّأييد اللّازم، وذلك وفقًا للأصول الدّستوريّة والقواعد الميثاقيّة».
ولم تسجل أي زيارة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون بانتظار نتيجة الوساطات على خط الرئاستين لتذليل العقد الوزارية لا سيما عقدة الوزير الدرزي، والتي بحسب معلومات «البناء» لم تذلل حتى الساعة.
وكشفت قناة «المنار»، أن «المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التقى يوم الأحد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، في محاولة لتقريب وجهات النظر مع رئيس الجمهورية ميشال عون». وأفادت بأن «اللواء إبراهيم التقى اليوم (أمس) الرئيس عون، ليعود ويلتقي ميقاتي»، موضحةً أنه «من بين ما يجري تداوله، بحث تغيير 2 أو 3 وزراء في الحكومة الحالية». ولفتت الى أن «إرجاء الاجتماع بين عون وميقاتي كان لأسبابٍ إيجابية»، لافتةً إلى أن «بورصة التأليف لم تتراجع».
وسجلت زيارة لافتة لوفد من التيار الوطني الحر الى دار الفتوى برئاسة باسيل، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وقال باسيل: «أكدنا عليه مراراً حتى يكون لدينا حكومة كاملة الصلاحيات، وهذا ما أكده لقاء دار الفتوى، حكومة تستطيع ممارسة الصلاحيات المطلوبة منها في فترة عصيبة يمر بها لبنان وفي أزمة حادة مثل التي نمرّ بها، فكيف اذا لا سمح الله نقع في فراغ لا يحتمل أزمة سياسية إضافية».
وإذ شدد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، شدّد على ضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الطائف، ومعالجة الثغرات الموجودة في الدستور».
وبقيت الموازنة محل متابعة الأوساط الاقتصادية وقطاعات الموظفين في ظل انقسام بين مؤيد لها كموازنة الضرورة وانتظام المالية العامة، وبين معارض لها لكونها لم تأتِ بأي إصلاحات بل شرعت زيادة الضرائب والرسوم التي ستضاعف الأعباء على المواطنين بهدف تمويل بعض بنود الموازنة كزيادة الرواتب ثلاثة أضعاف من دون تمويلها من مزاريب الهدر في الدولة.
وأشار عضو كتلة اللقاء الديموقراطيّ النائب الدكتور بلال عبدالله لـ«البناء» الى أن «الموازنة ليست عظيمة، لكنها مطلوبة لانتظام المالية العامة واستمرارية الصرف وتسيير الوزارات وشؤون المواطنين، وهي موازنة بالأرقام وتسووية وتصحيحية وتمهيدية لموازنة إصلاحية للعام 2023». وأوضح أن «الموازنة عبارة عن أمرين هامين: تخفيض الربح الخيالي للتجار الذي يستوردون على السعر الرسميّ 1500 ليرة للدولار، ورفع جباية الدولة لرسومها وضرائبها على السعر الرسميّ أيضاً لتعزيز خزينة الدولة ومواردها».
وكشف النائب عبدالله بأنه كرئيس لجنة الصحة النيابية أصرّ خلال الجلسة على استثناء الأدوية والمعدات الطبية من الجمرك، وأضاف: «أخذنا تعهد الرئيس نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف الخليل بذلك، وكذلك بأن يشمل بند زيادة الرواتب ثلاثة أضعاف موظفي المستشفيات الحكومية والبلديات».
كما أوضح عبدالله بأن بند زيادة الرواتب سيدخل حيز التنفيذ فور صدور القانون ونشره بالجريدة الرسمية، وسيستمر الى حين إقرار موازنة الـ2023، وإن لم تقر فسيستمر دفع الرواتب على القاعدة الاثنتي عشرية، وكذلك التقديمات الاجتماعية والطبابة والاستشفاء وتقسيط ديون الضمان الاجتماعي.
في المقابل لفتت أوساط اقتصاديّة معنية لـ«البناء» الى أن «الموازنة لم تقدم أي جديد لكنها ضرورة لأسباب عدة»، كاشفة أن صندوق النقد الدوليّ لم يكن ليوافق على هذه الموازنة لو أقرّت منذ أشهر، لكنه وافق عليها لكون العام الحالي شارف على النهاية ولم يبق منه سوى شهرين»، وأضافت» تمويل الموازنة سيكون على عاتق الأسرة الدوليّة بحوالي 7 بالمئة من الناتج المحليّ لكن بعد توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».
على صعيد آخر، وكما كان متوقعاً، أدّى المسار القضائي الخاطئ وأداء القضاة المعنيين بانفجار المرفأ لا سيما المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، الى اصطدام أهالي الضحايا وأهالي الموقوفين.
وفي السياق، نفّذت تظاهرتان أمام مدخل قصر العدل في بيروت، الأولى لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت صباح أمس، تبعها اعتصام لأهالي الموقوفين في القضية نفسها.
ووقع إشكال بين أهالي الضحايا وأهالي الموقوفين في الملف أمام قصر العدل.
وطالب أهالي الضحايا بـ «وقف تعيين المحقق العدلي الرديف، وإطلاق مسار التحقيق الذي يتولاه القاضي طارق البيطار». في المقابل سأل أهالي الموقوفين: «هل بقاء الموقوفين ظلماً يحقق العدالة للضحايا؟ وهل تعيين محقق رديف ينصف الموقوفين منذ سنتين يعوّض الخسارة على الضحايا؟».
وعقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعاً لكنه انتهى من دون الإعلان عن تسمية قاض رديف بقضية انفجار مرفأ بيروت.