التعليق السياسي
الانتخابات الإيطاليّة
أسفرت الانتخابات الايطالية عن فوز اليمين بتحالفاته بالأغلبية النيابية اللازمة لتشكيل حكومة، فحقق ما كان يحلم الفرنسي بتحقيقه عن طريق ماري لوبان في الانتخابات الرئاسية، والشبه كبير بين طروحات جورجيا ميلوني التي تتزعّم اليمين الإيطالي وماري لوبان التي تتزعّم اليمين الفرنسي، سواء لجهة التشكيك بمبرّرات البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي تحت شعار التمسك بالهوية الوطنية، لكن دون بلوغ لحظة الفراق، أو لجهة الحديث بلغة شعبويّة حول الوطنيّة وتوجيه انتقادات للأحلاف العسكريّة بما فيها الناتو، لكن على قاعدة البقاء في صفوفه، وتوجيه بعض المواقف الإيجابية نحو سورية والمقاومة في لبنان في محاربة الإرهاب لكنها مواقف موسمية كتلك التي وجّهها البطريرك بشارة الراعي في حينها، ويبقى الأصل في جوهر ثابت لا يتغير في مواقف اليمين.
اليمين الإيطالي واليمين الفرنسي متشابهان في جوهر الموقف من قضية واحدة هي الإسلاموفوبيا، أي الخوف من الطغيان الإسلاميّ العدديّ على نسب السكان والانطلاق من هذا الموقف العنصري الأبيض التمسك بسياسات والسعي لتشريعات تتصل بالهجرة والجنسية والعمل هذا هو جوهرها.
في الموقف من الحرب الأوكرانيّة يبقى اليمين تحت سقف العداء لروسيا، رغم استخدامه للعقوبات على روسيا وأزمات الطاقة للنيل من خصومه، لكنه لن يذهب الى إعادة نظر بالعقوبات ولا بالبحث عن مفهوم الوطنية التي يتشدّق بها، ليجد أن المصلحة هي بالفصل بين السياسة والاقتصاد لجهة القول لا عقوبات مالية لخدمة السياسة وعودة الى تفاهم على أولوية توفير موارد الطاقة من روسيا، حتى لو بقي الموقف ضد دور روسيا في الحرب.
القيمة الوحيدة للمشهد الجديد هي أنه إيذان بدخول أوروبا زمن الاضطرابات السياسية تحت تأثير المأزق الاقتصادي الاجتماعي، الذي ينتج اهتزازاً في كل ما كان يبدو مستقراً، وهذا ما جرى في السويد وبريطانيا ويجري في إيطاليا وسيجري في بلدان أخرى حتى تستقر أوروبا على أحد مسارين، الفوضى والتشظي، أو العودة الى العقلانيّة.