«الورقة البيضاء» الناخب الأكبر.. لا رئيس إلا بنصاب الثلثين والتوافق مشاهدات ولقطات مضحكة من الجلسة… «الأستاذ» و«الصف» و«القهوة»
} محمد حميّة
قبل أن يصل عقرب ساعة ساحة النجمة إلى الحادية عشرة، بدأ النواب بالتوافد بالتوالي وبالمفرق إلى باحة المجلس بمواكبهم وسياراتهم الداكنة الزجاج، وهموا بالدخول إلى بهو المجلس ثم الى داخل القاعة المخصصة لكشف مواقف وتوجّهات واتجاهات الكتل والنواب، وحده النائب ميشال الدويهي وصل بمفرده وهو يقود سيارته من دون موكب ومرافقة، وعند عبوره حاجز الجيش في ساحة النجمة أنزل زجاج سيارته وألقى التحيّة على عناصر الجيش، فسأله أحد العسكريين «مبين لحالك»!
وكأن ساعات الليل الأخيرة وساعات الصباح الباكر لم تتسع للمشاورات التي تكثفت على مدار يوم أمس الأول، ولم تكفِ الكتل النيابية لحسم مواقفها، فانتقلت المشاورات الى داخل الجلسة قبل بدئها بدقائق. فاختلطت الكتل بين بعضها البعض، فدار المرشح النائب ميشال معوض على أكثر من كتلة نيابية لتأكيد انتخابه فتهامس مع نواب كتلة القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي. أما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد فقاد مشاورات جانبيّة مع الحلفاء، فشوهد وهو يقف مع النائب حسن مراد ويتناقشان بحذرٍ. أما النائب اللواء جميل السيد فجلس مع كتلة المرشح الوزير السابق سليمان فرنجية ودردش مع النائب حسين الحاج حسن.
ولوحظ جلوس النائب القواتيّ ملحم الرياشي مع كتلة اللقاء الديموقراطي بجانب النائب فيصل الصياغ وليس مع كتلة القوات!
وكالعادة خطفت «جميلات المجلس» الأنظار لا سيما ندى بستاني، وغادة أيوب التي تميّزت بحضورها ولباسها اللون النيليّ البراق.
اصطف الصحافيّون والإعلاميّون وكذلك مستشارو ومعاونو النواب والوزراء وبعض الزوار، في المكان المخصص لهم.
وما هي إلا لحظات حتى قُرع الجرس إيذاناً بدخول رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى قاعة الجلسة، فتموضعت الكتل وتوزعت على جهات القاعة الأربع وفي الوسط، وأخذ النواب مقاعدهم، حتى دخل بري وعلى وقع دقات مطرقته بدأت جلسة انتخاب الرئيس الأولى، وبعد تلاوة النصوص الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، بدأ توزيع الأوراق.
وإذ حضر 122 نائباً واقترع الرقم نفسه، غاب ستة نواب: ستريدا جعجع وسليم الصايغ من دون عذر، إبراهيم منيمنة وفؤاد مخزومي ونجاة عون صليبا ونعمت افرام بعذر.
واقتنص النواب فرصة توزيع الأوراق على النواب لتمرير الرسائل والاعتراضات، فافتتح نائب رئيس المجلس الياس بوصعب مداخلات وملاحظات النواب بسؤال عن طائفة رئيس الجمهوريّة، وإن كانت هناك أيّ مادّة دستوريّة تحتّم اختياره من ضمن الطائفة المارونية، فأجابه برّي: «هذا عُرف»، وأضاف ممازحاً: «كأنّك طمعان فيها».
وردّ بري على سؤال النّائب فريد هيكل الخازن، بأن «ما دام النّصاب مؤمّنًا، فعلى رئيس المجلس أن يكمل الجلسة».
أحد النواب انتقد غياب ميقاتي وأعضاء الحكومة عن حضور جلسة فأجاب بري: «حكيته وقلتلّه مش ضروري تشرّف».
مدرسة المشاغبين والأستاذ تجلّت بلقطات عدة خلال الجلسة، إذ قطع تركيز بري فوضى تحت المنصة التي يجلس عليها الوزراء فتوجّه اليهم بالقول: «شو فاتحين قهوة هون؟». وخاطب بري النائب ألان عون: «نزال عالصندوق وحاج تروح وتجي، وكل واحد يقعد محلو… حاج أمين قعود محلك».
وكأننا في صف الدراسة الابتدائية… سأل النائب سامي الجميل برّي: «نصاب الـ86 صوتاً إلزامي بكل الجلسات؟» فردّ برّي: «كأنو ما معكن خبر».
وسأل نديم الجميل عن النواب الغيّاب قال له بري: «لأنك ما رفعتش ايدك ما رح جاوبك»، وعند طلب الجميل توزيع الأوراق قال له بري: «فيك ترتاح.. ما بخلوك تحكي بحزب الكتائب بتجي بتحكي هون».
وعند فقدان النصاب قال أحد النواب إن عدد الحضور 85 صوتاً فقال برّي: «بركي منجيب حدا من برا»، فعلقت بولا يعقوبيان: «بدنا واحد يا جماعة».
وعند نهاية الجلسة طلبت بولا يعقوبيان من برّي رفع صوته والاقتراب من «الميكرو» فقال لها بري: «حاضر».
ثم بدأ النواب الإدلاء بأصواتهم ووضع الأوراق في صندوق الاقتراع، وخلال الجلسة دخل النائب سامر التوم الى القاعة متأخراً وكذلك النائب جيمي جبور ثم دخل بعد بداية الجلسة وزير الطاقة وليد فياض.
ولوحظ أن النائب علي المقداد أدلى بصوته وغادر القاعة بسبب ظروف صحيّة.
وكانت لافتة الطريقة التي سلم فيها النائب سيمون أبي رميا على النائب جميل السيد بعد إدلاء الأخير بصوته، وأشّرت الى أن السيد اقترع بالورقة البيضاء مع التيار الوطني الحر ما يعكس تنسيقاً بين السيد والتيار!
أما النائب بلال عبدالله الذي يتصف بحيويته ونشاطه اللافت، فألقى بالورقة بحماسة وقوة في الصندوق وربّت على كتف الموظف الذي يقف بجانب الصندوق.
النائب جهاد الصمد اعترض على التصويت بكلمة «لبنان» واعتبرها تعليمة لتأكيد التقيد بالتزام ما.
وأثارت ورقة تحمل اسم ميشال معوّض باللغتين العربية والفرنسية لغطاً كونها تعليمة، واعتبر البعض بأنها ملغاة، فاعترض النائب جورج عدوان وطالب بري باحتسابها، فحسم بري نزاع النواب باحتسابها، وقال: «كل علامة غير الاسم تعتبر ملغاة، كما قلت في انتخابات رئاسة المجلس الأخيرة: نبيه برّي بس».
وتوزعت أصوات الكتل النيابيّة على الشكل الآتي:
نال المرشح ميشال معوض 36 صوتاً عبارة عن القوات اللبنانية، الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب الكتائب، كتلة «تجدّد» وبعض المستقلين مثل الدكتور غسان سكاف وبلال الحشيمي وربما جان طالوزيان.
الورقة البيضاء كانت نجمة ساحة النجمة وتربعت على عرض الرئاسة، فنالت 63 صوتاً هم: نواب حركة أمل وحزب الله والحلفاء وبعض المستقلين، ووضع أحدهم عبارة «لنهج الرئيس رشيد كرامي»، علمت «البناء» أنه النائب كريم كبارة، إضافة الى نواب التيار الوطني الحر الذين انتخبوا بالورقة البيضاء.
10 أوراق تحمل كلمة «لبنان» هم نواب من «قدامى تيار المستقبل» وثلاثة أو أربعة مستقلين.
أما النائب صلاح حنين فلم ينل أي صوت وتردّد همساً أنه جرى سحب اسمه في ربع الساعة الأخير، لكي لا يحترق من الجلسة الأولى، وما يعني ان اسمه سيتردد في أي جلسة مقبلة، أما سليم إدة فنال 11 صوتاً وهو في فرنسا. ويبقى اللغز هو من صوّت لأسم همسا أميني الإيرانيّة؟
وللجلسة أسرار: حرق القوات اللبنانية المرشح ميشال معوض لتحضير مرشحها الجدي في الجلسات المقبلة، وسحب فريق الثنائي اسم سليمان فرنجية من التداول لعدم حرقه، كما أن بري أعلن نهاية الجلسة الأولى لكن لم يغلقها وتبقى مفتوحة وبالتالي الجلسة المقبلة تحتاج الى نصاب الثلثين أيضاً.
وبعد نهاية الجلسة وبسحر ساحر ساد هرج ومرج، فبدأ بعض النواب يهمون بمغادرة الجلسة، وفقد النصاب، فاعترض بعض النواب كسامي الجميل، فقالت بولا يعقوبيان: هناك توجه لفقدان النصاب وتطيير الجلسة، وتوجهت لبري بالقول: «عالقليلة قول لنواب كتلتك يبقوا بالقاعة».
وقبل خروجه من الجلسة رد رئيس المجلس على سؤال عن موعد الجلسة المقبلة بالقل: «اذا لم يكن هناك توافق واذا لم نكن 128 صوتاً لن نتمكن من إنقاذ للمجلس النيابي ولا لبنان. وعندما ارى ان هناك توافقاً سوف أدعو فوراً الى جلسة واذا لا فلكل حادث حديث».
وفسرت مصادر نيابية كلام بري بأن تعيين جلسة مقبلة سيطول وربما لأسبوع أو أكثر، وبالتالي لن يتم انتخاب رئيس إلا بتوافق مسبق وتأمين نصاب الثلثين.