«نحلات سورية» معرض لسيدات يعدن تدوير الأقمشة لنسج حكاية وطن
حاكت أكثر من خمس وأربعين سيدة سورية منتجاتهن ليفتتحن بها معرض «نحلات سورية» لإعادة تدوير الأقمشة المستعملة فعالياته في مقر مؤسسة وثيقة وطن في دمشق.
ويهدف المعرض إلى دعم منتجات المرأة والسعي لإحياء التراث السوري عبر المشغولات اليدوية التي وثقت خيطان غرزها وقطبها فترات زمنية عديدة، فحيكت بمهارة ودقة وأنجزت بأحجام مختلفة.
وقالت الدكتورة بثينة شعبان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة (وثيقة وطن) في تصريح للصحفيين عقب افتتاح المعرض: “هذا المعرض ومشاريع السيدات فيه تلامس القلب لأنه يذكرنا بجداتنا وأمهاتنا الذين كانوا يستخدمون كل قطعة لديهم ليصنعوا منها شيئاً جميلاً، وإعادة هذا التراث بأياد سورية وبطريقة فنية جميلة أمر يزيد تجذرنا بهويتنا وبسوريتنا”.
وأشارت شعبان إلى قدرة المرأة السورية وإصرارها على العمل رغم كل ما أنتجته سنوات الحرب على سورية من صعوبات، وأكدت بالقول:”نحن عصيون على القهر والحروب، هذه ميزة بلدنا ودمشق التي عمرها آلاف السنين” داعية الناس إلى زيارة المعرض، دعماً للسيدات المشاركات وتشجيعا لكل من يصنع هذه المنتجات.
وأوضحت الدكتورة سحر البصير مديرة المشروع والمدربة في وحدة حماية الأسرة في ريف دمشق في تصريح للاعلام:”أن المعرض يضم أعمال مدربات ومتدربات من دمشق وريفها والسويداء وطرطوس، وأن فكرة المشروع بدأت عام 2011 من خلال فعالية نسائية تحت اسم (جدائل سورية)، وتم العمل لجعله مشروعاً أكبر، وتحويله إلى عمل حرفي يدوي يهدف لإعادة حياكة النسيج المجتمعي السوري”.
وأشارت البصير إلى أنها وضعت بخبرتها الأكاديميّة خطة من التدريب الممنهج ضمن قواعد وأسس جديدة تعتمد على الدقة والمتانة والجودة العالية مع خروج عن المألوف، لافتة إلى أن المشروع لاقى دعماً من وزارة الثقافة، حيث تمّ توصيف المشاركات كحرفيّات في اتحاد الحرفيين، وتم تقديم المراكز الثقافية لهن لإقامة ورشات تدريبية ومعارض مجانيّة.
وقالت المدربة كارميليندا رسلان إن المعرض هو نتاج ما بعد التدريب على تدوير الأقمشة وما اكتسبته المتدربات من مهارات، مشيرة إلى أن أولى الدورات التي خضعت لها في مركز جمعية أبناء الجولان الخيرية كانت فرصة لتعلم هذه الحرفة وتطوير إمكانياتها إلى أن أصبحت مدربة معتمدة لمشروع خلايا النحل في مركز الغصن العتيق في محافظة السويداء.
أما المدربة المهندسة رزان الأسعد فقالت: “إن المشروع مهم لكونه تنموياً واستثمارياً في الوقت ذاته، حيث يتمّ إسقاط العمل على الواقع وليس مجرد قماش تتمّ خياطته، مبينة أن كل قطعة من المشغولات هي هدف يجب أن تسعى المتدرّبة لإنجازه وتعليمها الخطوات التي تمرّ بها، من التصميم واختيار الفكرة إلى تنفيذها، حسب ما يُتاح بين يديها من قماش”.
المدربة في جمعية شباب المستقبل فرح سوقيّة رأت أن هذه الفكرة بناءة وساعدت السيدات بإحياء وترميم ما خلفته سنوات الحرب في نفوسهن وبيوتهن أيضاً، بينما المدربة ابتسام المصري التي حرصت على عرض القطعة القماشية الفائزة بجائزة إحدى المسابقات، أوضحت أن الحرب أرغمتها على الانتقال من منزلها إلى محافظة طرطوس، لكنها حملت معها خبرتها في إعادة تدوير الأقمشة، لتصبح أول مَن نشر فكرة المشروع هناك ودربت السيدات في جمعية أبناء لواء اسكندرون، وترى أن هذه الورشات تساعد المرأة على تنظيم حياتها وخاصة أنها أساس الأسرة واللبنة الأولى في المجتمع.
أما المدربة هدى بيلتو فبدأت مشروعها الخاص بالصناعة القماشية التراثية من بقايا الملابس القديمة والقماش الخام، حيث لاقى رواجاً كبيراً بين الأطفال وحتى مَن هم بعمر الشباب.
وبعدما قضت 25 عاماً بعملها مدرسة انضمّت المتدربة شيماء مقداد لثلاث دورات متتالية من ورشات إعادة التدوير في وحدة حماية الأسرة، مضيفة: “إن هذه الورشات منحتنا القوة والدعم للاعتماد على ذاتنا والثقة بأنفسنا وإيجاد سبيل للتخلص من كل الضغوط النفسية والاجتماعية، ومن جهة أخرى أمنت مصدراً مادياً من استثمار وبيع المنتجات”.
ورغم أن سمر عرابي ذات الـ 48 عاماً تعلمت حياكة الصوف من والدتها إلا أن هذا المعرض كان فرصة لها لعرض مشغولاتها اليدوية التي تحمل قصصاً وحكايات بين القطبة والأخرى، وعادت بصناعة البساط الدمشقيّ إلى القدم.