ندوة «من سلب اسكندرون إلى سلب فلسطين» على مدرج دار البعث في دمشق بمشاركة «القوميّ» العميد ــ عضو المكتب السياسي في «القوميّ» طارق الأحمد: إنقاذ بلادنا يكون بفتح الحدود على محور بيروت دمشق بغداد ضمن أهمّ حامل نضالي في سورية الطبيعية
أقامت اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني بالتعاون مع مؤسسة القدس الدولية “سورية” وفصائل المقاومة الفلسطينية ندوة بعنوان: «من سلب اسكندرون إلى سلب فلسطين»، وذلك على مدرج دار البعث في دمشق، بحضور عدد من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية والأحزاب الوطنية وفعاليات ثقافية واجتماعية ووفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ وكيل عميد الداخلية في الشام أسعد البحري ومنفذ عام الحسكة أمين عبده وعدد من الطلاب والمهتمّين.
وشارك في الندوة العميد ــ عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد، مدير عام مؤسسة القدس الدولية “سورية” الدكتور خلف المفتاح، عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ التاريخ في جامعة دمشق الدكتور عيد مرعي وأدارها رئيس اللجنة الشعبية لدعم فلسطين الدكتور صابر فلحوط.
فلحوط
وأشار رئيس اللجنة الدكتور صابر فلحوط إلى أهمية إقامة الفعاليات والندوات التي تؤكد على أنّ حقوق الشعوب لا يمكن أن تسقط بالتقادم ولا بدّ أن يعود الحق إلى أصحابه مهما طال الزمن، مبيناً أهمية دور الشباب في التذكير بهذه الحقوق المغتصبة والدفاع عنها.
المفتاح
مدير عام مؤسسة القدس الدولية “سورية” الدكتور خلف المفتاح، لفت بدوره إلى أنّ سورية تتعرّض منذ القدم للمؤامرات التي كان في بداياتها سلخ لواء اسكندرون عن الأراضي السورية وتغيير ديموغرافيته من خلال توطين الأتراك فيه وتهجير المواطنين السوريين منه، مؤكداً أنّ النظام التركيّ الحالي إنما يمثل امتداداً للاستعمار القديم والقوى الغربيّة التي تسعى دوماً للتدخل بالشؤون الداخليّة لسورية.
مرعي
وأوضح عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ التاريخ في جامعة دمشق الدكتور عيد مرعي أنّ التآمر على سورية بدأ منذ بدايات النهضة العمرانية والحضارية فيها، حيث توالى المستشرقون لزيارة هذه المنطقة واستطلاع معالمها الغنيّة وتنوّعها الثقافي والحضاري، مبيّناً أنّ القوى الاستعماريّة تسعى على الدوام للسيطرة على البلاد ونهب خيراتها.
الأحمد
من جهته أكد العميد ـ عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد أهمية تكريس وتعزيز طاقات الشباب في السعي والعمل على بناء جسر بين الأجيال للحفاظ على هوية التراب السوري والدفاع عن القضايا العربيّة وكرامة الشعب ووحدة الأرض.
وتحت عنوان “سلخ لواء اسكندرون وسلب فلسطين ــ جذور وأسباب ومآلات” قدّم الأحمد نبذة تاريخية جاء فيها:
بعد معاهدة لوزان 1923 أعلنت تركيا في عصبة الأمم عن أطماعها بضمّ الموصل، لكنها فشلت في تحقيق هذا الأمر، علماً أنّ فرنسا كانت سخية مع الأتراك، ففي معاهدة أنقره 1921 منحت فرنسا الأتراك امتيازات في سنجق لواء اسكندرون سعياً منها وراء نفوذ داخل بحر إيجه، حيث كانت تتنافس مع بريطانيا الداعمة لليونان وكانت فرنسا تشعر بالخطر والضعف من قوة موسوليني وخاصة في شرق البحر المتوسط. ووقتذاك تكثفت اللقاءات بين كمال أتاتورك والدبلوماسي الفرنسي فرينكلين بويون، ونتج اعتماد اللغه التركيّة لغةً رسميةً في سنجق لواء اسكندرون، وكان آنذاك عدد سكانه 220 ألف نسمة ثلثهم فقط أيّ 87000 من الأتراك والباقي سوريون، وأول اتفاق بين المحتلّ الفرنسي والأتراك كان في 22 ايار 1929 ونصّ على تقسيم اللواء
إثر معاهدة 1936 بين المحتلّ الفرنسي وسورية ممثلة بما تسمّى الكتلة الوطنية طلب عصمت إينونو من نوري السعيد رئيس وزراء العراق آنذاك، إبلاغ الوفد السوري العائد من باريس بالمرور في أنقرة ففعل، وأعلن هاشم الأتاسي عضو الوفد والذي تسلّم رئاسة سورية عدة مرات، أنّ الأتراك في الاسكندرون سيتمتعون بحقوق السكان العرب نفسها. ومن هنا بدأ مسلسل السلخ التدريجيّ. ليتبع ذلك قيام عصبة الأمم بإرسال بعثة تحقيق إلى اللواء برئاسة السويدي سندلر ليرفع تقريراً عنه حتى شباط عام 1937 بعد مطالبة وزير الخارجية التركي رشدي أراس بذلك.
قدّم سندلر تقريره، واقترح فيه أن يكون سنجق لواء اسكندرون منطقة منفصلة، وعلى أن تكون سورية مسؤولة عن السياسة الخارجية فيه. وهذا دليل على أنّ لواء الأسكندرون سوري وليس تركياً، لكن له سياسة داخلية مستقلة وله حرس محلي وليس جيشاً أيّ أشبة بالإدارة الذاتية. (لاحظوا موضوع الإدارات الذاتية منذ قرن كيف يتكرّر الآن) واللغة الرسمية هي (اللغة التركية)!
وافقت الجمعية الأممية بحضور رئيس الوزراء السوري جميل مردم بيك الذي صرح للصحافة التركية أثناء مروره بأسطنبول بأن ليس هناك أيّ عداء بين السوريين والأتراك!
ضمنت فرنسا بالمعاهدة مع تركيا عدم سيطرة موسوليني على شرق المتوسط مقابل منحها سنجق اللواء، وانطلقت المظاهرات في دمشق.
يقول نبية العظمة في تقريره للحكومة السورية في 19 شباط 1938 بأنّ الخطط التركية تضغط على أهل اللواء وتهدّد بدخول الجيش التركي، بعد ذلك أجريت انتخابات في 15 تموز عام 1938 ففاز الأتراك بـ 22 مقعداً والسوريون بـ 18 معقداً، ثم تمّت تسمية الإقليم بإقليم (هاتاي) الذي ضمّته تركيا بقرار من برلمانها في 29 أيار عام 1939.
يقول أنطون سعاده في تلك المرحلة:
“ليس فقط سلخ لواء اسكندرون عائداً إلى السياسة الإنترناسيونية فحسب بل إلى السياسة الحزبية والعنصرية التي سارت عليها الكتلة الوطنية مضافة إلى عوامل السياسة الأنترناسيونية”، وهذا يدلّ على وجود وعي لم يتمّ الاستماع إليه وتمّت محاربته…
صدّق مجلس الوزراء الفرنسيّ ضمّ لواء اسكندرون مقابل فتح تركيا مضائقها أمام فرنسا وبريطانيا لمرور أساطيلهما الى البحر الأسود.
وفي تلك الفترة كانت فرنسا تحرّض على الانفصال، فحرّضت الآشوريين والعلويين والدروز في الجزيره ضدّ مركزية دمشق، مثلما فعلت مع الموارنة في لبنان.
قال أنطون سعاده أيضاً في هذا المجال :
«ليس الخطر الشماليّ بأقلّ خطراً من الجنوبيّ القائم في فلسطين وإذا ظننا أنه لا توجد لدينا قضية عملية سياسية اقتصادية إلا قضية فلسطين، فقد برهنّا على أننا لا نعي حقيقة قضايانا فنحن نعرّض أنفسنا لخطر ساحق داهم في الوقت الذي نعالج فيه خطراً ساحقاً داهماً، قضية الأمة هي قضية واحدة، فإذا لم نع إلا جزءاً واحداً منها فلسنا قائمين على أساس صحيح وليست خططنا صحيحة، ولا يمكن أن تنقذ المصير القوميّ”.
نلاحظ أنّ مسلسل السلخ والسلب هو المستمرّ، منذ وعد بلفور، إلى تقسيم سورية لخمس دويلات قامت فوراً ضدّها ثورة سلطان باشا الأطرش وصالح العلي وإبراهيم هنانو، ثم فصل لبنان عن سورية والحرب الأهلية فيه بأواسط السبعينيات، حيث شاهدنا رؤية الرئيس الراحل حافظ الأسد بالتدخل، ومن قال لولا ذلك لما كان أمامنا سلخ آخر للبنان، ثم الآن وبعد أكبر حرب إرهابيّة على سورية، لدينا ثلاثة مشاريع سلخ جديدة، واحد مدعوم من الاحتلال الأميركيّ شرقي الفرات، وثانٍ مدعوم من الاحتلال التركيّ في إدلب وجرابلس والباب والراعي، وثالث مدعوم إسرائيلياً وتحاول خلق القلاقل في درعا والقنيطرة والسويداء…
كلّ هذا ينجح إذا كانت الدولة ضعيفة، كما كانت كذلك بداية القرن العشرين، وإذا كان حكمها متهاوناً كما كانت الكتلة التي تسمّى وطنية، وقال فيها أنطون سعاده ما قال ولم يسمع له، لكن لاحظوا أنّ سورية أثناء أحلك الظروف عليها والصواريخ تنهال على دمشق من فعل الإرهاب المدعوم من نصف دول العالم، ومنها عربية، وبلسان مندوبها في مجلس الأمن آنذاك الدكتور بشار الجعفري، لم تنسَ فلسطين وبقيت تدافع عنها وكان الشرط لإيقاف الحرب عليها هو نسيان فلسطين..
تكثر الآن دعاية تبث بين الشباب تقول إنّ ترك فلسطين سيجعل من سورية بخير وبحبوحة، اعتقد أنّ واجبنا هنا نحن كنخب فكرية وحزبية ألا نتجاهل هذا الرأي ونناقشه ونبيّن أنّ القوى نفسها أرادت تفتيت كلّ سورية ولن تسمح سوى بدويلات صغيرة متقاتلة في ما بينها، وبالعكس فكلما تقاعسنا عن قضايانا ازددنا ضعفاً وهواناً…
في الخلاصة نؤكد أنّ إنقاذ سورية يكون في فتح الحدود على محور بيروت دمشق بغداد ضمن أهمّ حامل نضالي في سورية الطبيعية، ثم حتى طهران ضمن محور المقاومة، ثم حتى موسكو وبكين ومَن خلفهم في دول شنغهاي ضمن محور حضاري لعالم يتشكل ويضع لبنة أساسية ضدّ هيمنة الغرب.