الفراغ الرئاسي والدور المأزوم!
} نمر أبي ديب
قد يكون التكامل في مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل (الفوضى الدستورية تُبرر بالنسبة لكثيرين على الساحة اللبنانية فوضى دستورية مُقابلة)، ومواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي أعلن من خلالها انه سيغادر القصر الجمهوري إذا كان يوماً طبيعياً لا أحد يضمر فيه شراً، مؤكداً على أنه لن يقف مكتوف الأيدي إذا شعر بوقوع مؤامرة»، نقطة تحوّل سياسي على مسارين حكومي، وضع الجميع أمام حتمية التشكيل نظراً لغياب البدائل السياسية من جهة وعدم توفر إمكانيات التوافق الداخلي، لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، والثاني «رئاسي» يُضاف إلى ما حملته المواقف المذكورة من انعكاسات مُبكرة لجملة الخيارات المتاحة اليوم التي يمكن اعتمادها في مراحل استثنائية وظروف تنامت من خلالها هواجس سياسية ورئاسية عديدة، بلغت مع تطورات المراحل المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية، مستوى متقدماً من «فوضى وجودية» لامست في أهليتها السياسية سقف النظام الداخلي من جهة والدور المسيحي المأزوم القائم على «شرذمات سياسية» وصراعات داخلية، أكَّدَت في مُجمَلها على أكثر من «طبيعة سياسية» داخل البيئة المسيحية، على وجود أكثر من منطلق فكري وسياسي، على اختلافات جوهرية لامست في بعدها الاستراتيجي سقف الإنتماء السياسي من جهة، والمساحات الرئاسية الفاصلة المؤسسة لـ تباينات سياسية على مستوى هوية لبنان، ودوره الإستراتيجي المرتبط بين الأمس واليوم بمشاريع تاريخية وحسابات خاضت على أساسها القوى المسيحية وما زالت معاركها الأساسية وسط غياب شبه كامل لعوامل التحوُّل السياسي، وأيضاً للقدرة الداخلية على تمرير المراحل «بفصل أدوار ناجحة» تعيد من خلاله القوى الداخلية، و«المسيحية» تحديداً صياغة حضورها السياسي وحتى الرئاسي، وفق معايير جديدة وتوازنات تضمن على مستوى الصياغة الجديدة «للبنان الحديث» استمرارية منتجة ومؤثرة وفاعلة في الحياة السياسية اللبنانية، في ظلّ النظام العالمي الجديد و»فائض القوة العالمية» التي تحدّد ملامحها النهائية تطورات المراحل المُتلاحقة على اختلاف اتجاهاتها السياسية العسكرية وحتى الإقتصادية، على الساحتين الإقليمية والدولية.
تعيش القوى الرئاسية مجتمعة فوضى «الدور المسيحي المأزوم» الغير قادر في حدّه الأدنى على إحياء «رباعية بكركي» مع ما تتضمّنه من تعديل على مستوى حضور الكتائب، لضمان الخروج التدريجي من نفق الشرذمة السياسية القاتلة، وحتى المُدمّرة على مستوى الفاعلية السياسية وصيانة الدور الرئاسي، وهنا يجدر التساؤل عن أبعاد المواقف التصعيدية بشكل عام عن المخارج الرئاسية المتاحة في هذه المرحلة؟ وتأثير السياسات الخارجية الإقليمية منها والدولية على مُجمَل المسارات اللبنانية، والاستحقاقات الدستورية بما فيها الترسيم البحري تشكيل الحكومة والإنتخابات الرئاسية وهنا تجدر الإشارة إلى جُملَة عوامل داخلية ودولية من بينها:
ـ «البيان الثلاثي»، الأميركي/ الفرنسي/ السعودي، الذي أكَّد بدوره على عاملين، إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها بما ينسجم ويتوافق لبنانياً مع أحكام الدستور، ثانياً سحب الغطاء الدولي والإقليمي عن مشاريع لبنانية يُراد من خلالها تمرير «الفراغ الرئاسي المُحتمل» بـ مظلة إقليمية/ دولية مشتركة خدمةً لمصالح سياسية داخلية وجد فيها البعض مُكَمِّلات استراتيجية لمشاريع رئاسية عابرة بالمضمون السياسي للجغرافيا اللبنانية.
ـ «جُملة الأدوار الداخلية» التي بلغت من خلالها المواقف السياسية كما ذكرنا سابقاً، مرحلة جديدة ومتقدّمة من الخلاف المستمر، والتصادم المسيحي المسيحي، القائم على هواجس تاريخية أمنية وسياسية مُرفَقَة بحسابات «رئاسية» كرَّست على مدى عقود ولا تزال بـ «المفهوم السياسي العام»، وجُملة المواقف التصعيدية المستمرة في هذه المرحلة، ما يعرف بـ«الحقيقة السلبية» كحالة استثنائية، وخلاصة استراتيجية، لمفاعيل «الشرذمة السياسية» داخل الفريق الرئاسي الواحد، والمحور السياسي الواحد.
السؤال البديهي اليوم هل تملك القوى الرئاسية مجتمعة إمكانية تصحيح «الخطأ التاريخي» وتوفير الحدّ الأدنى من مقومات الشراكة الداخلية، وظروف الانتقال الهادئ في السياسة اللبنانية، والدور الاستراتيجي، من نفق الشرذمة السياسية القاتلة إلى رحاب الشراكة المسيحية ومساحات التوافق اللبناني اللبناني؟
ما يجري اليوم على الساحة الداخلية يحتاج إلى أكثر من توافق لبناني لبناني لصياغة الواقع السياسي الجديد، وصيانة الدور الرئاسي الفاعل، ما يجري اليوم يرسم بحبر الاستحقاقات الدستورية والملفات، السياسية منها والسيادية خطوط الربط السياسي بين «لبنان الأزمة»، و»لبنان الجديد» المقاوم والنفطي، بالتالي هل يرتقي اللبنانيون اليوم إلى مستوى التحدي…؟