عملاء بمهام إنسانية…!
} شوقي عواضة
في تاريخ الأمم والشّعوب لم نجد مجتمعاً خرج للدّفاع عن عميلٍ خان وطنه ولم نجد سياسيين يبرّرون الخيانة تحت مسمّياتٍ وعناوينَ مختلفةٍ ولم نجد قضاءً يبرِّئ الجلّاد ويحاكم الضّحية، بل لم نجد راعياً للعملاء والخونة الذين جنّدوا أنفسهم وقاتلوا في صفوف عدوّ الوطن مقابل ثمنٍ بخسٍ.
فقط في بلاد الأرز تصبح الخيانة وجهة نظرٍ ويُبرَّر للخائن خيانته باسم الدّفاع عن الوطن والسّيادة. عملاء ومجرمون قتلوا ودمّروا واعتقلوا ونفّذوا أحكام الاحتلال «الإسرائيلي» بحقّ أبناء وطنهم وبلداتهم وقراهم لم يردعهم قانون بل أعطاهم حصانةً برعاية (السّياديين الجدد) المستمدّين سيادتهم من الأميركيين الذين انتهكوا القضاء وكسروا قراراً قضائيّاً وهرّبوا جزّار الخيام بطوافةٍ أميركيّةٍ.
في لبنان فقط يكتسب العملاء والخونة الغطاء المقدّس والرّعاية المباركة التي تغبط خيانتهم. في لبنان فقط تسقط المحاكمات عن العملاء والجواسيس الذين قاتلوا في صفوف العميل «الإسرائيلي» الأكبر أنطوان لحد وتُبرَّأ ساحتهم ويتوقف الزّمن عند المقاومين حبيب الشرتوني ونبيل العلم.
في لبنان فقط يزور رجل دين العملاء في فلسطين المحتلّة ليطمئنّ عليهم كونهم (مبعدين قسراً) ويطالب بعودتهم رغم اكتسابهم (الجنسيّة الإسرائيليّة) وانتساب بعضهم إلى جيش العدوّ «الإسرائيلي» وإبدائه الاستعداد للقتال ضدّ لبنان في أيّة معركة مقبلة.
في لبنان فقط تطلق حملات التّضامن مع عودة العملاء إلى لبنان بينما يعيش في غياهب سجون فرنسا (الأمّ الحنون) المعتقل جورج عبد الله منذ 37 سنة.
في لبنان فقط يقف الفاسدون مع العدوّ ضدّ بلدهم في معركة استعادة حقوق لبنان النّفطية والغازيّة.
ذلك هو لبنان الذي يريده (السّياديّون الجدد) والذي لن يكون، بل سيكون لبنان المقاوم الذي هزم المحتلّ وحرّر أراضيه بعزم رجاله وثلاثية صموده. لن يكون لبنان إلّا وطن الشّرفاء والمقاومين لا وكراً للعملاء والخونة والجواسيس الذين بدأت حكايتهم مع عودة جزّار الخيام عامر فاخوري لتكرّ السّبحة ويبدأون بالعودة حنيناً للوطن الذي خانوه وأذلّوا شعبه وقاتلوا جيشه ومقاومته، وصولاً لليوم حيث لا نزال نشهد قدوم المزيد من العملاء الذين لن يكون آخرهم العميل نبيه سلمان عليق المنتسب للوحدة 504 في جيش العميل المرتزق أنطوان لحد، فأوقف في مطار بيروت أثناء عودته من ألمانيا من قبل الأمن العام بتاريخ 29/08/2022 لوجود تدبيرٍ عدليٍّ صادر بحقه بعد فراره من جنوب لبنان عبر فلسطين المحتلّة، وأحيل بتاريخ 31/08/2022 من دائرة التّحقيق الأمني إلى مديريّة المخابرات ثمّ التحقيق معه وإخلاء سبيله بناءً على إشارة القضاء العسكريّ ممثلاً بمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة بالإنابة القاضي فادي عقيقي الذي أعطى الإشارة بتركه رهن التّحقيق طالباً من الأمن العام منعه من السّفر وإبقاءه تحت الرّقابة الأمنيّة ليعود عن قراره لأسبابٍ برّرتها مصادر قضائيّة بـ «مرور الزمن»، فتمّ تركه بسند إقامة وإلغاء منع السّفر عنه ليعود إلى بلدته عيترون بلدة المقاومين والشّرفاء والشهداء حيث كان من طليعة العملاء الذين نكّلوا بأبناء البلدة في فترة الاحتلال «الإسرائيلي» حيث نشط العميل نبيه عليق وهو من أسرة تفتخر بعمالتها للعدوّ «الإسرائيلي» ولها تاريخ طويل في التعامل مع العدوّ، فوالده سلمان شغل مسؤوليّة في ما كان يُسمّى بـ (الإدارة المدنيّة) للمنطقة المحتلّة مخلصاً بعمالته للعدوّ حتى تحرير جنوب لبنان عام 2000. أمّا نبيه فقد عمل في الجهاز الأمني (504) المرتبط مباشرة بجهاز المخابرات العسكريّة الاسرائيليّة. عُيّن مسؤولاً أمنيّاً لبلدة عيترون وعمل تحت أمرة العميل بهيج توبة الذي كان المسؤول الأمني للمنطقة الواقعة من عيترون إلى حولا خلال الاحتلال، فيما خدم حسن 11 عاماً ضمن عديد (اللواء الأوسط) في صفوف ميليشيا العميل لحد، وهو اللواء الذي كُلّف بالعمليات في المنطقة الواقعة من بلدة كفركلا إلى مدينة بنت جبيل، والذي كان من مهماته الاستطلاع والرّصد والتّجسّس ورفع التّقارير للعدوّ «الإسرائيلي» بكلّ من يعتقد بأنّه يعمل مع المقاومة أو ضدّ الاحتلال إضافةً إلى القيام بمداهماتٍ واعتقالاتٍ وإجراء عمليات التّحقيق مع المعتقلين وفرزهم، وقد قام بتنفيذ مهامه حتى عام 1999 حيث فرّ إلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة برفقة شقيقيه العميلين حسن وعلي، بعد مقتل شقيقهم سميح في عمليّة للمقاومة في موقع بني حيان.
نبيه عليق أحد (المبعدين قسراً) عن وطنه يعود اليوم عودة الفاتح المنتصر في ظلّ تراخٍ قضائيٍّ في محاسبة من تعاملوا مع العدوّ «الإسرائيلي» وقمعوا أبناء وطنهم في مشهدٍ يوحي بأنّه إذا لم يكن هناك من أحكامٍ صارمةٍ بحقّ العملاء والخونة قد تتفلّت الأمور نحو تصعيدها لا سيّما أنّ العميل عليق عاد متقمّصاً دوراً إنسانيّاً في ظلّ ظروفٍ اقتصاديّةٍ صعبةٍ قد يحمل في عودته مهماتٍ أخرى أُوكِل بها من العدوّ «الإسرائيلي» الذي لا يزال يتواصل مع كلّ عميلٍ سابق له لا سيّما في جهاز الـ 504.
وتداركاً للوضع لا بدّ من محاكمة هذا العميل وغيره من العملاء الذين تلطّخت أيديهم بدماء الأسرى والشّهداء وإلّا فإنّنا سنكون أمام مشهدٍ آخر قد يدفع بعوائل الشّهداء والأسرى والجرحى نحو تنفيذ حكم الله والوطن والشّعب بكلّ عميلٍ وخائنٍ.