التعليق السياسي
العلاقة الأميركية السعودية
منذ حرب العام 1973 تبدو العلاقة الأميركية السعودية أمام منعطف حاسم، ولا يضير الذين يخاصمون السياسات السعودية تجاه اليمن خصوصاً، وقوى المقاومة في فلسطين والمنطقة عموماً، أن يقرأوا وأن ينتبهوا وأن يسجلوا أن العلاقة الأميركية السعودية تدخل بعد أكثر من نصف قرن من الاستقرار عصر التأزم. وأن هذا التأزم ناجم عن قرار سعودي بمراعاة معايير نظام المصلحة على حساب نظام التحالفات، بصورة أغضبت الأميركيين وتسببت بردود أفعال تجاوزت حدود المتوقع.
عندما يقول وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إن واشنطن تدرس خيارات الرد على الموقف السعودي الذي شكل أساس قرار أوبك بلاس بتخفيض الإنتاج مليوني برميل يومياً، ويقول عدد من المشرعين الأميركيين إن على واشنطن سحب قواتها من دول الخليج وخصوصاً من السعودية، لأن معادلة احترام السعودية للسياسة الأميركية في حقل الطاقة مقابل تلبية واشنطن لحاجات السعودية الأمنية قد تم الإخلال بها من الجانب السعودي، فهذا يعني أن الأمور دخلت منطقة الأزمات.
من الواضح أن السعودية قررت أن تضع في الأولوية مصالحها كدولة أولى في سوق بائعي النفط، وهذا يعني أن شركاءها الأهم هم بالأولوية شركاء الإنتاج وزبائن السوق. وفي الحالتين ليست أميركا من بينهم، لأن شريك البيع الأول هو روسيا وشريك الاستهلاك الأول هو الصين، وهذا معنى التنسيق السعودي مع روسيا والصين. وهو تنسيق بالمعيار السعودي غير سياسي رغم محاولات واشنطن تصويره تنسيقاً نابعاً من ترجيح كفة التحالف مع روسيا على حساب التحالف السعودي الأميركي.
يعتقد بعض الأميركيين أن السعودية تترجم خلافاتها مع الرئيس جو بايدن ودعمها للرئيس السابق دونالد ترامب بالتشارك مع روسيا لإفساح المجال لعودة ترامب من بوابة خلق مناخات خسارة الديمقراطيين للانتخابات النصفية، لكن حتى لو صحّ ذلك بالأصل يبقى بأن السعودية تنطلق من حسابات المصلحة، وهذا يستحق التشجيع، ولا يتناقض مع الاحتفاظ باعتراضات وخلافات مع السعودية في قضايا مثل اليمن والموقف من حركات المقاومة.