لا حرب في الأفق… ووجود الكيان على الطاولة!
} محمد صادق الحسيني
ما يحصل في موضوع البحر وثرواته وشدّ الحبال بين صاحب الحق والأرض وهو لبنان، وبين المغتصب لحقوق أهلنا في فلسطين ولبنان هو انعكاس لتبدّل موازين القوى على الأرض لغير صالح تل أبيب وطغمتها الحاكمة أياً تكن تشكيلتها الحكومية.
والأمر لا علاقة له باسم او صفة الحاكم الحالي في تل أبيب بقدر ما هو اختبار صعب المراس لكلّ الأسماء والرموز أو الأحزاب أو التكتلات المتنافسة الآن عشية انتخابات الكنيست الصهيوني المرتقبة في الشهر المقبل.
فمعادلة الأرض من غزة حتى الناقورة تقول إنّ المنتصر بدأ يفرض شروطه بالسياسة أيضاً، بعدما أوجع العدو في الميدان.
ولذلك فإنّ ما صدرت من تحليلات سواء من جانب المنتصرين أو من جانب المردوعين بأنّ: لبنان انتصر في إدارة مفاوضاته غير المباشرة مع العدو الصهيوني، طبعاً بفضل حزب الله والمقاومة، صحيحة مئة بالمئة، ولا غبار عليها على الإطلاق.
نعم الحزب انتصر ولبنان انتصر، والكرة انتقلت الى الملعب «الإسرائيلي» شاء من شاء وأبى من أبى، فهذه موازين قوى ميدانية ولا علاقة لها بالحب والبغض.
وما بدأنا نسمعه من أصوات وضجيج من الجانب الآخر، بعد أن وصلت الورقة الأميركية المقترحة له، لا ولن يغيّر شيئاً مما بات واقعاً على الأرض، ولا خيار للعدو إلا الرضوخ اليه، أياً يكن الحاكم في تل أبيب، لابيد او نتن ياهو…!
وكلّ ما نسمعه الآن في الإعلام ليس سوى بازار سياسي انتخابي سيتبدّد شيئاً فشيئاً كلما اقتربنا من لحظة دفع الأثمان للمهزوم والمردوع.
ولا حرب في الأفق رغم كلّ التهويلات ومبارزات طواحين الهواء الانتخابية.
من يتجه اليوم من بين صفوفنا الى الارتباك في التحليل أو تقدير الموقف، معتبراً أننا استعجلنا يوم قلنا بأننا انتصرنا بالمفاوضات، هو الذي يخطئ، بل ويرتكب خطأً فادحاً إضافياً.
لانه يكون قد استجاب عملياً لرغبة العدو للعب في ملعبه دون ان يدري.
فنحن لا نلعب إلا في ملعبنا، والمشكلة الآن هي عند عدونا المرتبك، فلماذا نتبرّع بنقلها الى مربعنا…!؟
لابيد كان أو نتن ياهو حاكم تل أبيب، ثمة ٣ حبال تلفّ حول عنق الطغمة الحاكمة في تل أبيب أو تلك المتحفزة لانتزاع الحكم من خصمها، وهي أشبه بالشرنقة التي تلفّ حول عنقه:
1 ـ خوف جيشه من الحرب المرعبة فيما لو اندلعت، وهي التي تشي باحتمال خسارته لوجوده فيها هذه المرة وليس فقط خسارته للحرب.
2 ـ حاجة سيدته أميركا الملحّة للطاقة وهي المرتبكة من أوكرانيا الى باب المندب مروراً بهرمز.
3 ـ جمهوره الناخب، الذي لم يعد يثق ليس فقط بحكامه، بل حتى بجيشه الذي هو أساس وجوده.
فالكيان الذي لطالما ظهر على المسرح الإقليمي والدولي بأنه صاحب الجيش الذي لا يُقهر، تراه يظهر لأول مرة أمام جمهور الناخبين بأنه جيش المهزومين من الساسة الذين يظهرون للناخب «الإسرائيلي» ولأول مرة أيضاً على حقيقتهم:
كيان هزيل ومردوع أقيمَ على أسطورة جيش كان يوماً لا يُقهر فأصبح اليوم لا يقوى على الوقوف على كلتا قدميه.
هذه الحبال الشرنقات الثلاث هي التي تلفّ اليوم حول رقاب المتنافسين على أكثرية الكنيست الصهيوني اليوم، فتظهر على شكل ادّعاءات أو تهويلات وهمية سيظلون يطلقونها من الآن حتى حين، لمنع تكسّر عظام رقبتهم، وعلى أمل وصول العون من سيدهم الأميركي في اللحظة المرجوة.
لكن سيّدهم هذا هو الآخر كما هم بات مردوعاً من أقاصي الشرق إلى أقاصي الشرق، ولا حيلة له إلا ركوبها…!
فمحور المقاومة بات يتقن ليس فنون القتال فحسب، بل وشدّ الحبال حول الرقاب أيضاً.
بعدنا طيبين قولوا الله…