نافذة ضوء
الحزب السوري القومي الاجتماعي
حركة شفاء الأمة من أمراضها
} يوسف المسمار*
إن الأمراض التي أصابت أبناء أمتنا، وأصابت رفقاءنا فقد أتت من الخارج مع الغزوات الهمجية التي تعرّضت لها أمتنا عبر التاريخ. تلك الغزوات الهمجية التي دمّرت مدارس العلم التي كانت منتشرة في بلادنا، وأحرقت مكتباتنا وكتبنا، وخرّبت معالم حضارتنا وقتلت علماءنا ومفكرينا وأدباءنا وفنانينا ومبدعينا، وشوّهت وجه ثقافتنا، وسوَّقت أمراضها النفسية في أوساطنا، ونشرت الويلات والمآسي في بلادنا، وبثت الفتن بين مواطنينا حتى وصلنا الى نسيان ذاكرتنا الثقافية الحضارية الأصيلة.
الحزب نشأ لشفاء الأمة من أمراضها
لقد أراد سعاده الحزب مختبراً لتفعيل الطاقات بالمبادئ الأساسية التي وضع، وأراد الحزب السوري القومي الاجتماعي وسيلة لتحقيق نهضة الأمة بعقول وزنود تلك الطاقات، وأراده أيضاً قاعدة انطلاق باتجاه أرقى المقاصد وأبعد المرامي وأسمى المـُثـُل، وأراده طليعة مواكب واعية من مثقفين منتجين مبدعين ومصارعين يبنون الحياة الجيّدة الجديدة ولا يعيشون على الأماني والصدف التي هي بضاعة الموتى، وأراده أن يشفي هذه الأمة من أمراضها لتنهض وتحتلّ المكانة الجديرة بها بين الأمم الحيَّة الراقية.
فمن لم يجد في نفسه الإرادة والقدرة على تحمـّل هذه المهمات العظيمة، ورأى في نفسه ضعفاً أو جبناً، فإن سعاده لم يُجبرْه ولم يكرهه على الاستمرار في هذا الحزب. وكما انتسب الى الحزب بكامل قناعته وإرادته فلا يحق لأحد أن يمنعه من الخروج والانسحاب كما لا يجوز لأية سلطة أن تبقيه فيه. بل إن خروج من قصَّر عن مرافقة رفقائه في تعميق الوعي، وتوسيع مدار الإدراك، وتعزيز قوة الإيمان، وتقوية مستوى التضحية هو خروج حق وواجب. وخروجه او وإخراجه من صفوف الحزب واجب أيضا على أية سلطة ولا يحق لها أن تتساهل في ذلك. والدعوة الى القومية الاجتماعية التي دعا اليها سعاده بالمعرفة والوضوح والحب والصدق والكلمة الطيبة والخـُلـُق الكريم يستحيل أن تُـكره أحداً على ما لا يقتنع به وما لا قدرة له عليه.
لقد كان سعاده صريحاً كل الصراحة حين أعلن انطلاقاً من حقيقة النظرة الى الحياة والكون والفن التي توصل اليها وأعلنها للأمة والناس بالنسبة لموضوع الخروج من الحزب أو الطرد ولم يخشَ في ذلك لومة لائم حين قال في جريدة الزوبعة، العدد 81 في 30 أيلول 1944:
«إننا قوم لنا وعي قومي صحيح وإرادة قومية قوية وإيمان يزول الكون ولا يزول، ولنا أخلاق لا تفشل، وحقيقة لا تنقلب لأي برق خلب! أما الذين يريدون قضية تأتي بها الصدف واستقلالاً تطبخه فرنسة أو إنكلترا أو روسية أو أميركانية أو ألمانية أو إيطالية فأفراد لا يستحقون شرف عضوية الحزب السوري القومي الاجتماعي ووجودهم في الحزب يجعلهم عالة عليه وخميرة إفساد لروح نهضته. إن أفرادًا من هذا النوع خروجُهم من الحزب واجب سواءَ أكان خروجهم بالانسحاب الكامل الحامل طابع الخيانة أم بالطرد…
إننا لا نحزن لفقد غير ذوي الأخلاق والمناقب السامية والإيمان الحي».
أفبعد كل ما عرفناه من حقيقة حركة النهضة القومية الاجتماعية يجوز لنا أن نتلهى بالقشور، ونتغافل عن المبادئ الأساسية والإصلاحية والغاية العظمى التي تصغر أمامها كل العطاءات والتضحيات؟
فيا أيها القوميون الاجتماعيون أنتم أمل الأمة وفي وعيكم وسلامة عملكم الرجاء، وفي مناقبيتكم الأخلاقية دليل صحة وعيكم وإيمانكم، وفي صدق جهادكم بشارة النصر. فبحياة سورية نحيا، وإن قضت قـُضيَ علينا ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. ولا يفيدنا بعد ذلك تنظيمات ومنظمات وأحزاب، ولا طوائف ومذاهب وجاليات.
أيتها الرفيقات والرفقاء الأعزاء.. التاريخ لا يرحم المتقاعسين، ولا يغفـر للجبناء، ولا يقيم وزناً للقوالين الثرثارين.
وحدهم الواعون الأعزاء المصارعون يصنعون التاريخ ويصوّبون مسيره، وينالون العـز الذي يستحقون.
كم هو ضروريّ أن يخفق في ضمائرنا نداء المعلم أنطون سعاده الذي أطلقه في 16 تشرين الثاني 1936، وكم هو ملّحٌ وواجب أن نستجيب لذلك النداء الذي ما زال يدوّي منذ ذلك التاريخ والذي يقول فيه للرفقاء القوميين الاجتماعيين وجميع الواعين من أبناء سورية ومن خلالهم للشعب السوري العظيم في بلاد الشام والرافدين:
«إنّ كرامة الأمّة وسلامة الوطن قد أصبحتا في خطر ليسا لهما ضمان سوى موقفكم وعملكم، فعليكم أن تعملوا بما عُرفتم به من عقيدة راسخة، وتجرّد صادق، ووطنية لا غبار ولا شبهة عليها، فاعملوا لتغلّب الوطنية على الطائفية، ولانتصار النهضة القومية على الحركات الرجعية. إنّكم قد سمعتم بعض الجماعات الراغبة في جرّكم إلى الفوضى تهتف حين حملاتها الفوضوية باسمكم وباسم زعيمكم فأوصيكم أن تكونوا عند عهدي بكم من النظام وأن لا تُؤخذوا بهوس المهوسين الّذين يريدون أن يستغلّوا قضيّتكم وقوّتكم.
كونوا رسلاً أمناء لقضيّتكم القومية. كونوا جنودًا لتحاربوا التجزئة والانقسام الداخليين. كونوا سدًّا منيعًا ضدّ الدعوة إلى بعث النعرات الهدّامة. أوصوا كلّ من تجتمعون بهم أن لا يكونوا آلة في يد رجال يستثمرون الشعب في سبيل منافعهم، هؤلاء الّذين اتّخذوا الرعونة نظامًا لهم، والمنفعة الشخصية دستورًا. كونوا قوميين اجتماعيين دائمًا. إنّ المستقبل لكم».
هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يعمل لنهضة الأمة بالحرية فلا يجبر أحداً بالانتساب، ولا يتخلى عن واجبه في التوعية والتنوير، ولا يتصرف بغوغائية الفوضى والتخلي عن النظام ولا يقول ويؤمن الا بقوة العقول والنفوس والسواعد التي تنصر الحق وتسحق الباطل.
*باحث وشاعر قومي.