المطران الحاج: بين تحقيق الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة و(مقابلة) المخابرات الأردنيّة
} شوقي عواضة
لم تخرج بكركي عن صمتها حيال توقيف راعي أبرشية حيفا النّائب العام البطريركي على القدس والأراضي المقدّسة وعمّان وأراضي المملكة الأردنيّة الهاشميّة المطران موسى الحاج الذي أُوقِف في عمّان لأكثر من خمس ساعات خضع خلالها لعملية تفتيش دقيقة والتّحقيق معه قبل الإفراج عنه لاستئناف رحلته.
لم تصدِر بكركي بياناً ولم تدعُ المناصرين للتجمع استنكاراً لما جرى للمطران الحاج في مطار عمّان، ولم يتحرّك (السّياديون) غضباً وثأراً لاسترجاع الكرامة المهدورة، ولم تشنّ الحملات الإعلاميّة على الحكومة الأردنيّة، ولم يوجه الاتهام للأمن العام والمخابرات الأردنيّة باستهداف بكركي التي اكتفت ببيان النفي الذي أصدره كاهن كنيسة مار شربل في العاصمة الأردنيّة عمّان الأب جوزيف سويد نافياً توقيف راعي أبرشية حيفا والنائب العام البطريركي على القدس والأراضي المقدّسة للموارنة، المطران موسى الحاج، الذي استقبله في مطار عمّان ورافقه إلى مركز المخابرات الأردنيّة (لإجراء مقابلة معه) مدّتها عشرون دقيقة للاطمئنان عن المطران الحاج بعد توقيفه في لبنان والاستفسار عن ذلك رغم احتجاز الأمن العام الأردني لجواز سفره بعد عودته إلى منزله في عمّان.
وعلى عكس ما جرى أثناء توقيف المطران الحاج في 18 تموز الماضي حيث تمّ حينها دقّ ناقوس الخطر وأعلن النفير العام ونظّمت حملات للتّضامن مع بكركي احتجاجاً على توقيفه أثناء عودته من فلسطين المحتلّة. حينها استنفرت بكركي التي اعتبرت أنّ عملية التوقيف هي استهدافٌ مباشرٌ لها ولدورها رغم ما تشكّله العمليّة من تطبيعٍ واضحٍ مع العدو «الإسرائيلي» وعملائه من خلال نقل المطران الحاج مبلغ 460 ألف دولار وأدوية كمساعدات من العملاء في جيش العميل أنطوان لحد الذين يحملون الجنسيّة الاسرائيليّة وبالرغم من ذلك (تحرّك السّياديون الجدد) ضمن معركة الدّفاع عن المطران الحاج في حملةٍ وصلت إلى حدّ شنّ حملةٍ إعلاميّةٍ على الأجهزة الأمنيّة وفي مقدّمتها الأمن العام الذي أوقف المطران الحاج والتركيز على اللواء عباس إبراهيم والمطالبة بإقالة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة بالإنابة القاضي فادي عقيقي الذي وصفه قائد (ميليشيات القوّات اللبنانيّة) سمير جعجع بالخائن وبأنّه مفوّض قوى الممانعة وليس المحكمة العسكريّة واتهامه بتنفيذ أجندةٍ سياسيّة تستهدف البطريرك الماروني بشارة الراعي. في حين أنّ عمليّة التّوقيف جاءت وفقاً لبيان جهاز الأمن العام اللّبناني الذي أكدّ أنّ التعامل مع المطران الحاج تمّ وفقاً للأصول والمعايير القانونيّة والإنسانيّة وما قام به العناصر في مركز الناقورة الحدودي هو إجراء قانونيٌّ تنفيذاً لإشارة القضاء من جهة، والتعليمات الخاصّة بالعبور من وإلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة التي يخضع لها كلّ العابرين من دون استثناء، في حين أكّد مصدرٌ في المحكمة العسكريّة أنّ عملية توقيف المطران الحاج جاءت بناءً على إشارةٍ قضائيّةٍ مسبقة في ظلّ شكوكٍ أثيرت حول المصادر التي ينقل المطران الأموال منها وإليها وأهدافها على صعيد التعامل مع العدوّ.
بالرّغم من أنّ عملية التوقيف تمّت بناءً لإشارةٍ قضائيّةٍ ووفقاً للقانون اللّبناني وتطبيقاً له إلّا أنّ ذلك لم يطفئ غضب (السّياديين) والمدافعين عن عملاء جيش العميل أنطوان لحد (المبعدين قسراً) الذين لا يوفّرون مناسبةً للدّفاع عنهم وطرح قضيتهم التي تتبناها بكركي مبرّرة جرائمهم التي ارتكبوها بحقّ الشّعب اللبناني مع العدوّ «الإسرائيلي» خلال فترة احتلاله كما برّرت عمليّة توقيف المطران موسى الحاج في الأردن في مقابل إدانتها لعمليّة توقيفه في لبنان ومصادرة أموال ومساعدات يحملها من داخل كيان العدو. وهو أسلوب يستدعي طرح تساؤلاتٍ كبيرة في ظلّ صمت بكركي وراعيها…
أولى تلك الأسئلة لماذا ثارت ثائرة بكركي لتوقيف المطران الحاج في لبنان والتزمت الصّمت حيال نفس العمليّة في الأردن؟ وما تفسيرها لتبرير عملية التوقيف في الأردن المطبّع مع الكيان الصّهيوني؟ لماذا تنظر بكركي إلى توقيف المطران الحاج في لبنان كعملية استهداف لها بينما لا تراه في الأردن كذلك، ولماذا ترى التحقيق معه في لبنان أساءة لها بينما تراه في الأردن (مقابلة للإطمئنان عنه!) في ظلّ تبني بكركي لسياسة (الحياد).
أمّا السّؤال الأهمّ الذي لا بدّ لبكركي من الإجابة عليه هو: لو كان السيد المسيح بيننا هل سيتخذ الحياد موقفاً أم أنّه سيكون مع المظلوم؟