رياح التوافق لم تهبّ في مجلس النواب فطار النصاب وإرجاء جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة إلى 20 تشرين
كما كان متوقعاً، لم تُسفر الجلسة العامّة لمجلس النواب أمس، عن انتخاب رئيس للجمهوريّة بسبب فقدان النصاب القانوني، في ظلّ انعدام التفاهم والتوافق حول هذا الاستحقاق وتشبّث كتل نيابيّة بمرشح يعتبره فريق سياسي كبير ووازن، مرشح تحدٍّ لهذا الفريق بالذات فيما البلد يمرّ بمرحلة تاريخيّة تؤسّس لحقبة طويلة مُقبلة من مستقبله، ما يستدعي، برأي رافضي مرشّح التحدّي، أقصى درجات الوحدة الوطنيّة من أجل التعاون على اجتياز هذه المرحلة بما يكفل مصالح لبنان العليا وليس جهات خارجيّة. وعليه أرجأ رئيس مجلس النواب نيسه برّي الجلسة إلى 20 الجاري.
وكان المجلس التأم عند الحادية عشرة من قبل ظهر أمس، لكن لم يحضر إلى القاعة سوى 71 نائباً من أصل 128، أي أقلّ من ثلثي إجمالي عدد النواب أي 86 نائباً، وهو النصاب القانوني الذي ينصّ عليه الدستور لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وأعلن برّي إرجاء الجلسة إلى الخميس 20 تشرين الأول على أن يسبقها بيومين، أي في 18 تشرين الأوّل، جلسة لانتخاب أعضاء اللجان النيابيّة.
وعلى الأثر، قال نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان «إننا جاهزون في أي لحظة لانتخاب رئيس للجمهوريّة واليوم هناك أكثر من فريق غير جاهز لانتخاب رئيس».
وقبيل الجلسة، أشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله من مجلس النواب إلى أن «القوات» طرحت مرشّح تحدٍّ ونحن نرى أنّ التحدّي هو معنا ويجب أن نتحاور ككتل كي نُحدّد مرشّحاً توافقيّاً فطرح التحدّي يؤدّي إلى مزيد من الجلسات من دون نتيجة»، مكؤكداً ن «الرئيس التوافقي هو القادر على الحصول على موافقة المجلس النيابي ويجب أن نجمع اللبنانيين وأن نخرج من لغة التحدّي وليس علينا أن نُحاسب الرئيس برّي على النيّات في تحديد موعد الجلسة ولا يمكننا المبادرة تجاه كتلة تفرض مرشّح التحدّي وتأخذ البلد إلى الفراغ».
أضاف «لن نسمّي أيّ مرشّح الآن بل علينا أن نلتقي مع باقي الكتل على اسم الرئيس لأنّ البلد يحتاج إلى تفاهمات وتوافقات بين الكتل والتحدّي يؤدّي إلى الفراغ ونذكّر بأنّ الرئيس ميشال عون لم يأتِ في سياق تحدٍّ بل بتفاهمات».
وقال النائب عماد الحوت «عندما نطرح إسماً لا يُمكن إيصاله إلى الرئاسة يكون ذلك بمثابة ضحك على الناس».
أما النائب ملحم خلف فقال «لا يُمكن إبقاء الجلسات شكليّة لتمرير الوقت وإنتاج رئيس للجمهورية هو أمر جدّي بالنسبة إلينا ونقوم بواجباتنا وتذليل الصعوبات مع كل الأطراف للوصول إلى رئيس»، فيما رأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور أن «رياح التوافق بين الكتل غير موجودة».
غلى ذلك، أمل الوزير السابق وديع الخازن في بيان ، أن يلبّي أعضاء المجلس النيابي الدعوة الثالثة التي وجّهها الرئيس برّي إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة «والتعبير ديمقراطياً عن توجّهاتهم حيالها»، وأيّد «مبدأ التوافق على شخصيّة وطنيّة جامعة لرئاسة الجمهوريّة، تنطفئ معها نيران الفراغ المُلتهبة، وتنكفئ كل الاصطفافات والانقسامات».
وذكّر الخازن بما «يعيشه اللبنانيون من طَوْق ضائقة خانقة، ومن تَوقٍ إلى أجواء إيجابية افتقدوها واشتاقوا إليها، وإلى التحرّر من عبء هذا الكمّ الهائل من المشاكل والصعاب التي يواجهونها يوميّاً في وطن لم يؤمِّن لهم، إلى اليوم، أبسطَ حقوقهم».
وإذ تمنّى أن «تتمّ قبل الواحد والثلاثين من الشهر الجاري عملية إنتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهوريّة اللبنانيّة»، شدّد على «أولوية عدم الوقوع في الشغور الرئاسي والفراغ الدستوري، وعلى ضرورة استعادة الوحدة الوطنيّة وبعث الحياة في عروق كل مؤسساتنا وإدارتنا ومجتمعاتنا بعد الإنجاز التاريخي في ترسيم حدودنا البحريّة»، داعياً النواب إلى «إتمام الاستحقاق الرئاسي في الموعد الدستوري من خلال التوافق على شخصيّة تُسهم في تجديد ثوب الديمقراطية والعيش المشترك، ويُشكّل حضورها بارقة أمل يستعيد شعبنا معها الثقة بنفسه وبقدرته على تغيير واقعه، فضلاً عن فرصة جديدة لإعادة بناء دولة نريدها سيّدة نقيّة عادلة، وفيّة لتضحيات اللبنانيين».