بو صعب: رسائل الغاز نهاية الشهر… وفياض: حصة نوفاتك لقطر… وقاسم: رئاسة التحدّي بلا أفق حزب الله وأمل في إحياء ذكرى مجزرة الطيونة: القضاء مسيّس ولن تمرّ محاولات التمييع الأمن العام يبدأ بتنظيم قوافل العودة الطوعية للنازحين… وحملة دولية للتعطيل… رغم الكوليرا
} كتب المحرّر السياسيّ
ثروات الغاز والنفط من جهة والرئاسة من جهة موازية يتصدران المشهد اللبناني، وتتناوب حولهما المواقف المحلية والخارجية، حيث اعتبرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الخارجية في ختام زيارتها للبنان، أن «الصداقة مع لبنان تسمح لنا أن نقول إنه لا يستطيع أن يتحمل الفراغ وعلى المسؤولين أن يكونوا على قدر المسؤولية». وشددت كولونا على أن «الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع «إسرائيل» في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية ويجب تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي. وهذا الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين والإتيان بالتمويل الذي يحتاج إليه لبنان».
في وقائع الملفات، أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب كمسؤول عن متابعة العلاقات اللبنانية الأميركية في ملف النفط والغاز أن الرسائل الرسمية لإنجاز الملف ستوجه في نهاية الشهر الحالي، بينما قال وزير الطاقة وليد فياض إنه تبلغ رغبة قطرية بالاستحواذ على حصة شركة نوفاتك الروسية في الائتلاف المعني بالتنقيب والاستخراج من البلوكين اللبنانيين البحريين 4 و9، بعدما انسحبت الشركة الروسية، وجرت مباحثات أميركية قطرية قادها عاموس هوكشتاين لشراء قطر حصة الشركة الروسية والمشاركة في الصندوق الجانبي الذي سيموله القطريون شركة توتال لسداد الأموال التي اتفق عليها الأميركيون مع حكومة الاحتلال لقاء تسويق القبول بالاتفاق، بصفتها تعويضاً عن حصتها من حقل قانا، ورفض لبنان أن يؤثر ذلك على حقوقه الخالصة بموجب العقد مع الشركات المشغلة.
في الملف الرئاسي كلام لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، حسم من خلاله استحالة مرور رئيس التحدي، بقوله «لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى لو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس يُطمئن ولا يكون منحازًا للدول الأجنبية».
الملف اللبناني الذي حضر بقوة في المراجعات الخارجية والاهتمام الداخلي كان ملف عودة النازحين السوريين، حيث بدأ الأمن العام اللبناني بتنظيم قوافل العودة الطوعية، التي قال عنها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إنها لا تنتظر الضوء الأخضر من أحد، وجاءت الحركة الأوروبية التي عبرت عنها وزيرة الشؤون الخارجية الفرنسية بربط العودة مجدداً بالحل السياسي في سورية، بينما خرجت منظمة العفو الدولية ببيان يندّد بالخطوة اللبنانية، من دون أن يكلف أحد من هؤلاء ومن يمثلون، نفسه عناء السؤال عن مصير الأموال التي يقومون بإنفاقها تحت شعار دعم بقاء النازحين، بينما تفتك بهم الكوليرا بسبب فساد الآليات المتبعة في إنفاق الأموال ودور الجمعيات المعتمدة لذلك وفقاً لحسابات سياسية صرفة، بينما الاستجابة لطلب لبنان وسورية بتحويل هذه الأموال للعائدين الى سورية، يوفر لهم حياة لائقة ويجنبهم متاجرة تجار الموت المتعددي الصفات، سواء الذين ينهبون المساعدات أو الذين يدبّرون لهم رحلات المخاطرة بالزوارق المهترئة بوهم الهجرة.
بالتوازي حضرت ذكرى مجزرة الطيونة، عبر إحياء المناسبة على مستوى قيادتي حزب الله وحركة أمل، حيث تكلم كل من رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين ورئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل مصطفى فوعاني، وقال صفي الدين «بعد كل هذه المتابعة، إن كنا نشك في يوم من الأيام بمسار تحقيقي بهذه القضية، نحن اليوم لا نشك بل على جزم ويقين أن من يتولى هذه القضية ليس قاضياً نزيهاً بل مسيّس، ويستمع للتدخلات السياسية ويحسب حسابات سياسية ويقايض». ولفت إلى أن «عدداً كبيراً من المستجوبين والمطلوبين لم يأتوا إلى التحقيق، ثم حصلت مماطلة بالادعاء، مع أن مفوض الحكومة طلب من المحقق ذلك الا أنه لم يفعل، واشترط أن يحيد البعض، وهذا ليس قضاء بل تسييس وإستهتار بالحادثة، فالقاضي الذي يريد أن يستخفّ بدماء شهدائنا لا يمكن أن نسكت عنه مهما كان الأمر، والذي لا يملك شجاعة اتخاذ الموقف القضائي المطلوب فليجلس في البيت».
ولا يزال ملف ترسيم الحدود الاقتصادية الحدث الأبرز الذي يطغى على المشهد الداخلي، في ظل واقع الركود الذي يسيطر على الملفين الرئاسي والحكومي على مسافة أسبوعين من نهاية ولاية رئيس الجمهورية. وبعد إعلان الرئيس ميشال عون موافقة لبنان على الصيغة الأميركية النهائية للترسيم خلال كلمته أمس الأول، تتجه الأنظار الى المراحل والخطوات المقبلة لهذا الملف، إذ توقع نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، تسليم الرسائل الموقعة من لبنان والعدو الاسرائيلي بحسب الآلية التي وضعت في آخر أسبوع من شهر تشرين الأول.
واعتبر بوصعب أن «حاجة القارة الأوروبية بالفعل لأي مصدر بديل للغاز الروسي سهلت إتمام الاتفاق ومنح لبنان فرصة كبيرة لإنجاز هذا الاتفاق وللحصول على كامل حقوقه وفي المقابل الجانب الإسرائيلي يدرك أنه استفاد من خلال هذا الاتفاق بعد أن بات قادراً على إنتاج الغاز بمجرد أن منح لبنان حقه في إنتاج غازه». وبحسب بوصعب، والدراسة التي أجرتها توتال «يوجد في حقل قانا 1.7 تريليون متر مكعب من الغاز، مقابل 2.2 تريليون في كاريش، إلا أن هذه الأرقام تبقى مجرد احتمال إلى أن يبدأ الحفر».
وكان ميقاتي عقد اجتماعاً مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض وأعضاء هيئة ادارة قطاع البترول. وكشف فياض «عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9. وقال: «لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نيات دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي «توتال» «وأيني» في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جداً، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وإنتاج الطاقة».
وعلمت «البناء» أن فياض ومسؤولين آخرين تلقوا سلسلة اتصالات من شركات أجنبية وعربية أبدت عزمها واستعدادها للاستثمار في لبنان في قطاع الطاقة والكهرباء.
وبعد انفراج ملف الترسيم وتوقعات جذب الاهتمام الخارجي الى لبنان وتحقق فورة نفطية ونهضة اقتصادية خلال السنوات القليلة المقبلة، عاد قانون «إنشاء الصندوق السيادي» الخاص بالنفط والغاز الى الواجهة، وأفادت معلومات «البناء» عن إحياء اللجنة النيابية الفرعية لهذا الملف والتي توقف عملها في العام 2020 برئاسة رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، لدراسة ودمج أكثر من مشروع قانون لهذه الغاية».
وسيجري تقسيم عائدات النفط التي تُعدّ بمثابة أصول الدولة كالذهب الى جزءين: ثمانون في المئة ادخار و20 في المئة مساهمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وبالتالي تدخل الأموال في الموازنة لكن لن تكون مهمة الصندوق لإطفاء الخسائر وسد العجز.
وأشار كنعان في حديث تلفزيوني إلى أنه سيدعو لجنة المال إلى جلسة الاسبوع المقبل إن كانت هناك إمكانية، «لنجتمع بشأن الصندوق السيادي، ولا بد أن يكون قانونًا عصريًا وعلميًا». مشدداً على ضرورة وجود إدارة وحوكمة رشيدة ومستقلة من خلال سياسة لا ترتكز على إطفاء دين وتغطية هدر وعجز موازنات بل على الادخار كما يحصل في كل الصناديق السيادية في العالم ونحافظ على الأصول لتنمية اقتصادية واجتماعية»، موضحاً أنه يمكن إدخال بعض عائدات الصندوق في الموازنة لكن لن يكون الصندوق ضمن الموازنة.
لكن الإشكالية تكمن بالجهة التي ستمارس الوصاية على الصندوق.. وزارة المال أو رئيس الجمهورية، بحسب أحد مقترحات القانون، ويشير كنعان الى أن الصندوق سيكون تحت مبادئ «سانتياغو» التي وضعها صندوق النقد الدولي كما في أغلب دول العالم، أي المساءلة والرقابة والشفافية والحوكمة والإشراف وطبعاً من خلال المؤسسات السيادية اللبنانية ضمن سياسات نقدية ومالية مستقلة».
في المواقف الدولية، رأى المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك – في بيان بأن اتفاق الترسيم «يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي».
وبعدما فشل حزبي القوات والكتائب اللبنانية وتكتل نواب التغييريين الـ13 بمحاولة تشويه إنجاز تفاهم الترسيم الاقتصادي وتظهيره على أن تنازلاً من قبل الحكومة ورئيس الجمهورية بتغطية من حزب الله، عمدوا الى التشكيك بهذه الاتفاقية وتطبيقها ونقلوا المعركة الى مجلس النواب من خلال مطالبتهم بإحالة الاتفاقية الى المجلس لمناقشتها وإبرامها.
في المقابل يرفض ثنائي حركة أمل وحزب الله وتحالفهما وأيضاً كتلة اللقاء الديموقراطي ولبنان القوي وتكتل نواب عكار مناقشتها وإبرامها في مجلس النواب لكونها ليست اتفاقية ولا معاهدة ولا تتطلب إقراراً في مجلس الوزراء ولا إبراماً في البرلمان.
وفيما أكد النائب غسان سكاف لـ»البناء» ضرورة إبرامها في مجلس النواب، يرفض النواب المستقلون الثلاثة عبد الرحمن البزري وأسامة سعد وشربل مسعد ذلك. كما سيلتزم نواب التيار الوطني الحر بموقفهم رفض إبرامها في المجلس وفق خطاب رئيس الجمهورية الذي أكد بأن التفاهم ليست اتفاقية ولا معاهدة أو ترسيم حدود بحرية وبالتالي ليست تطبيعاً مع العدو.
وحذرت مصادر نيابية عبر «البناء» من توجه بعض الكتل النيابية المعارضة لجر المجلس الى مناقشة الاتفاقية وإبرامها لتظهير أنها تطبيع اقتصادي وحدودي مع العدو الإسرائيلي، الأمر الذي يخدم العدو. وشدّدت على أن «نص الوثيقة الأميركية يصب في مصلحة لبنان بعكس ما يحاول البعض تصويره على أنه تنازل للعدو من تحت الطاولة، وأكدت المصادر أن لبنان نال حقوقه كاملة وما كان يطالب به في حقل قانا والخط 23 ولم يعترف بخط الطفافات البحري الذي رسمته «إسرائيل» وحاولت تحويله الى خط حدود بحري، كما لم يلتزم بأي شراكة اقتصادية أـو نفطية أو امنية مع «إسرائيل»، كما نص التفاهم على أن لا علاقة للبنان بأي تفاهم بين شركة توتال والعدو بما خص تعويضات مالية بحقل قانا».
وملأت جولة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا السريعة على المسؤولين اللبنانيين، فراغ الساحة السياسية، ودعت الى «انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر»، مشيرةً الى أنّ «الرسالة التي أحملها اليوم هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة». وأكدت في مؤتمر صحافي من مطار بيروت الدولي في ختام جولتها أنّ «انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وأمن وسلامة لبنان».
كما لفتت الى أنّ «الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع «إسرائيل» في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية».
كما التقت الوزيرة الفرنسية، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، والتقت رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة.
على الصعيد الحكومي، نفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ما بثته محطة «ام تي في « في نشرتها مساء أمس من كلام لرئيس الجمهورية حول الملف الحكومي نسبتها الى مصادر رئاسة الجمهورية. وأشارت أوساط مواكبة للحراك الحكومي لـ»البناء» الى أن الاتصالات شبه مجمدة، مرجحة انتهاء العهد بفراغ مزدوج رئاسي وحكومي عبر حكومة تصريف الأعمال. واتهمت مصادر التيار الوطني الحر عبر «البناء» الرئيس ميقاتي بأنه لا يريد تأليف حكومة في ما تبقى من العهد لكي يتفرد بالحكم في فترة الشغور.
وفيما أظهرت جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة بأن الفراغ سيكون سيد الموقف لأشهر مقبلة، أشار النائب غسان سكاف لـ»البناء» الى أن «الأجواء ملبدة، هناك اتصالات مكثفة تجري في موضوع الرئاسة لتحديد من سيكون الرئيس التوافقي. وهذا ما أعمل شخصياً لتحقيقه لكوني مستقلاً وأتواصل مع كل الفرقاء. تأليف الحكومة سيكون مستحيلاً قبل نهاية العهد، خصوصاً ان الاندفاع لتأليف الحكومة سيضخم ظروف إرساء الفراغ».
من جهته، أشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال احتفال في صيدا، الى أنّه «لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى لو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس يُطمئن ولا يكون منحازًا للدول الأجنبية».
بدوره، لفت رئيس الهيئة التنفيذية في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، في الذكرى السنوية الأولى لأحداث الطيونة، «أن من يتولى هذه القضية ليس قاضياً نزيهاً بل مسيّساً، ويستمع للتدخلات السياسيّة ويحسب حسابات سياسية ويقايض».
ولفت صفي الدين في كلمة له بالمناسبة الى أن «عدداً كبيراً من المستجوبين والمطلوبين لم يأتوا الى التحقيق، ثم حصلت مماطلة بالادعاء، مع أن مفوّض الحكومة طلب من المحقق ذلك الا أنه لم يفعل، واشترط أن يحيّد البعض، وهذا ليس قضاء بل تسييس واستهتار بالحادثة، فالقاضي الذي يريد أن يستخفّ بدماء شهدائنا لا يمكن أن نسكت عنه مهما كان الأمر، والذي لا يملك شجاعة اتخاذ الموقف القضائي المطلوب فليجلس في البيت». وأكد أننا «سنتابع هذا الملف حتى النهاية في القضاء ولن نسلم على الإطلاق لهذه النتائج الواهية الاولية والقضاء يجب ان يتحمل مسؤوليته، واذا كان أحد في هذا البلد يعتقد ان هذه الدماء ستذهب هدراً نقول لهم: نحن الذين لم نقبل ان تذهب دماء شهدائنا هدراً والحق يجب أن نصل اليه وسنصل اليه».