في ذكرى «ثورة» تشرين
– شهد العام 2019 أربع “ثورات” عربية في كل من الجزائر والسودان ولبنان والعراق، وبعيداً عن نقاش الظروف الخصوصية لكل منها، توجت ثورة الجزائر بتصحيح مسار النظام السياسي الوطني الذي استعاد توازنه وجدد شبابه وخطابه وأعاد الجزائر الى المسرح السياسي أشد قوة وأكثر صلابة، وثانية في السودان حاول معها النظام احتواء الثورة من بوابة دور العسكر، لكنها استعادت حيويتها وحضورها وأكملت ولا تزال، وثورتان في لبنان والعراق انتهتا بفشل ذريع وضاعت ريحهما.
– في الثورات الأربع كان الأميركيون حاضرين، والجمعيات التي “فقسوا” بيضها في “قنّهم” تلعب دوراً محورياً، لكن يعود لحيوية القيادة الوطنية الجزائرية القدرة على احتواء هذا البعد المشبوه وحيّدوه، ويعود للحيوية السياسية السودانية الفضل في عدم اختتام الثورة بالتطبيع مع كيان الاحتلال وبقاء الأمل بتصحيح قادم للمسار ما دامت الحيوية مستمرة. بينما كان لطبيعة النظام في كل من لبنان والعراق، القائمة على المحاصصة الطائفية والمشبعة بالفساد بالتزاوج مع ضحالة القيادات التي تصدّت للحراك الشعبي، وتفاهة الكثير من نخبها وسطحيتها ووصوليتها، ما يكفي لاختتام “الثورة” بمهزلة ومأساة معاً.
– الذكرى الثالثة لثورة الجزائريين تأخذهم الى قمة عربية ترعاها وتستضيفها الجزائر كمحاولة جدية لتصحيح البوصلة العربية التائهة، والذكرى الثالثة لثورة السودان تحلّ بينما العسكر يتنحى جانباً، والشارع يعود بحيويته بحثاً عن أفق جديد، بينما الذكرى الثالثة لثورة تشرين في كل من لبنان والعراق فباهتة وذابلة لا روح فيها، وقد تكشّف قادتها عن نسخة أشد بؤساً من القيادات الطائفية أو الطبقة السياسية او المنظومة، كما يحلو لهم تسميتها، والمهم أن الشعب كشف خديعة هذه النسخة البائسة وتركها وحدها.
– لا زال كل من لبنان والعراق بحاجة لتجديد الحياة السياسية وبلورة رؤى اقتصادية إنقاذية، لكن نقطة البداية لرسم الطريق الجديد هي بفضح خبث المسار المضلل والمخادع لقادة “ثورة” تشرين.
التعليق السياسي