عملية يمنية نوعية في حضرموت ترسم معادلة الهدنة: فك الحصار أو اشتعال الممرات المائية مساعي تشكيل الحكومة لن تتوقف رغم التعقيدات أمام خطر الفراغ والانقسام حول الحكومة السفير السوري: النازحون راغبون بالعودة وسورية جاهزة لاستقبالهم والمانع موقف غربي
} كتب المحرّر السياسيّ
انشغلت الأوساط الدولية والإقليمية التي تعيش ذعر تدفق الطاقة بالمشهد اليمني الجديد، بعد العملية النوعية اليمنية، التي شكلت تحذيراً من المماطلة في مفاوضات تجديد الهدنة بشروط سبق التعهد بها وبقيت دون تنفيذ، وفي مقدمتها صرف رواتب الموظفين، ووضع ثروات اليمن النفطية في خدمة اليمنيين، وفك الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، لتأمين تدفق الغذاء والدواء والمحروقات، والعملية التحذيرية التي استهدفت تحميل النفط في ميناء ضبة في حضرموت عبر طائرات مسيرة حملت رسالة الى المجتمع الدولي والقوى الإقليمية بأن ممرات الملاحة الدولية والمضائق المائية التي تشكل ممرات إجبارية لتدفق الطاقة من الخليج الى أوروبا، تقع تحت النار ما لم تؤخذ مطالب اليمنيين في الاعتبار ويتم التعامل معها بالجدية والمسؤولية اللازمتين.
في لبنان توقعات جامعة بعدم نضج المواقف نحو تعديل في وجهة جلسات الانتخاب الرئاسية، تغير المشهد في جلسة الاثنين المقبل، وعلى خلفية هذا الاستعصاء قلق من مشهد الفراغ، مع انقسام مؤكد حول الحكومة المستقيلة ومدى أهليتها لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية، في ظل قرار بات معلناً من التيار الوطني الحر بمقاطعة الحكومة عبر وزرائه ومن يتضامن معهم. وهذا يعني استحالة توقيع اي مراسيم، وكل المراسيم تحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية، وتحتاج بالتالي إلى توقيع كل الوزراء، وبغياب هذه التواقيع لن تصدر مراسيم، بما في ذلك تلك الروتينية التي كان يكفي لصدورها توقيع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير المالية والوزير المختص. والقلق من خطورة الفراغ في ظل الانقسام حول الحكومة وما يعنيه من شلل عام في مؤسسات الدولة، دفع المعنيين بمساعي تذليل العقبات من أمام التفاهم على ولادة حكومة جديدة يؤكدون أن مساعيهم ستستمر حتى النجاح بتأمين توافق رئاسي على الحكومة الجديدة، وفي مقدمة هؤلاء المعنيين المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بدعم من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحزب الله، مع إشارات من المصادر المتابعة إلى أن حجم التعقيدات التي تعيق التوصل الى التفاهم رغم كونها كبيرة، لا توحي بأن لا حكومة، لأن الجميع يعرف التبعات والمخاطر.
في ملف عودة النازحين السوريين الذي يشهد تحركاً الأسبوع المقبل عبر عودة قوافل تضم ستة آلاف نازح، كلام للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي بعد زيارته لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب، قال فيه إن لبنان وسورية متفقان على ملف العودة، وعلى حقيقة رغبة النازحين بالعودة، وحقيقة أن سورية جاهزة لاستقبال أبنائها، مضيفاً أن العقبة تتمثل بموقف غربي يضع الدعم المالي المشروط لبقاء النازحين.
وعلى مسافة عشرة أيام بالتمام والكمال من نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تنصبّ المشاورات واللقاءات التي يجري بعضها في الإعلام وبعضها الآخر بعيداً عنه، على إنقاذ الحكومة القابعة في غرفة العناية الفائقة وإخراجها الى النور قبل وقوع المحظور الدستوري والاشتباك الطائفي المتوقع والذي يهدّد به رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إن دخلنا الشغور الرئاسي بحكومة تصريف الأعمال الحالية.
واستكمالاً للقاءات اليومين الماضيين، سُجلت أمس زيارة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى عين التينة، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولفتت مصادر قناة «المنار» الى أن «اللقاء بحث بأكثر من استحقاق سياسي من بينها تأليف الحكومة، وأطلع اللواء إبراهيم الرئيس بري على نتائج اللقاءات التي حصلت خلال اليومين الماضيين لا سيما بين اللواء إبراهيم والحاج وفيق صفا وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولقاء إبراهيم مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي».
وكشفت المصادر أن اللقاءات الأخيرة حققت تقدماً لكنها عادت وتوقفت عند عقدة جديدة أبعد من وزير هنا ووزير هناك، بل تكمن بمنح التيار الوطني الحر الثقة للحكومة، وشددت المصادر على أن المساعي لحل الازمة الحكومية ستستمر حتى تحقيق الهدف وقد تتألف الحكومة بأي لحظة إذا توافرت إرادة التأليف لدى الأطراف المعنية.
وعلمت «البناء» أن حزب الله كثف جهوده في الساعات الأخيرة باتجاه التيار الوطني الحر والرئيس ميقاتي لملاقاة جهود اللواء إبراهيم مع باسيل، لمحاولة تذليل عقدة الثقة النيابية لكون باسيل أعلن صراحة بأنه حتى لو لبى ميقاتي مطالبه فلن يمنح حكومته الثقة.
كما علمت «البناء» بحصول لقاء بين إبراهيم وميقاتي خلال الساعات الماضية وكذلك اتصالات متعددة بين ميقاتي والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل.
إلا أن أوساطاً مطلعة على المشاورات الحكومية أكدت لـ»البناء» أن «المساعي والوساطات بين ميقاتي وباسيل ستستمر حتى آخر يوم ولاية الرئيس عون، وهناك متسع من الوقت والحكومة ستولد في نهاية المطاف وخلال أيام إن نجحت محاولة تذليل عقدة الثقة وتم التنازل من الطرفين اللذين يدركان مخاطر وتداعيات الفراغ الحكوميّ في فترة الشغور الرئاسي».
واشار المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل في تصريح الى أن «الوقت يضيق للأسف والقرار في موضوع تشكيل الحكومة لا زال متوقفاً عند بعض العقد الشخصية والمصالح الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا، وللأسف لا نستطيع الحديث بجدّية عن إمكانية تشكيل الحكومة في الوقت الراهن لا سيما بظل غياب الارادة الجدية في هذا المجال».
في المقابل أشارت أوساط التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن التيار منفتح على أيّ حل يُراعي تمثيل المسيحيين في حكومة ستنتقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية وستدير البلد لفترة قد تمتدّ لأشهر وربما أكثر، وبالتالي لا يمكن لرئيس حكومة اختصار هذا التمثيل المسيحي بشخصه بحكومة غير أصيلة وفاقدة للشرعية وستفقد الميثاقية مع تجميد وزراء التيار الوطني الحر حضورهم للجلسات الحكومية ولجلسات اللجان الوزارية حتى شلّ عمل الحكومة بشكل تام. وقد حذرت الأوساط من اجتماع الحكومة في ظل غياب الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار. وتساءلت: لماذا يسمح لميقاتي والرئيس بري ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط بتغيير ما يريدونه من الوزراء، ولا يسمح لرئيس الجمهورية بتغيير الوزراء المسيحيين طالما تم الاتفاق على تغيير 3 وزراء مسيحيين مقابل 3 مسلمين؟
وإذ تشير الأوساط أن «التيار لن يمنح الثقة لحكومة لن تستطع إنجاز شيء في ظل السياسات التي ينتهجها رئيسها وأغلب الوزراء فيها، لكن إصراره على تمثيل المسيحيين فيها ينطلق من مبدأ الشراكة في السلطة التنفيذية في فترة الفراغ».
وأفادت المعلومات بأن باسيل عقد اجتماعاً لوزراء تكتل التيار ورئيس الجمهورية حضره عبدالله بوحبيب ووليد فياض وعصام شرف الدين الذي أكد حصول اللقاء، بغياب الوزيرين وليد نصار وهكتور حجار، وأبلغ باسيل الوزراء بأن عليهم مقاطعة جلسات المجلس ولجانه حتى شلّه كلياً، مؤكداً أن الحكومة لن تستطيع أن تجتمع بعد 31 الحالي، كما نقل عنه قوله إنه لن يدع ميقاتي يتهنى بصلاحيات رئيس الجمهورية.
وتردّد أن الرئيس عون وقبل نهاية ولايته سيوقع مرسوم استقالة الحكومة، ليفقدها دستوريتها. لكن مراجع دستورية تشير الى أن الحكومة بهذه الحالة ستعتبر مستقيلة وغير شرعية ودستورية وميثاقية لكنها قائمة ويمكنها ممارسة أعمالها بالحدود الضيقة جداً لتصريف الأعمال انطلاقاً من مبدأ عدم وجود فراغ في الحكم.
وإذ ينتقل التيار الوطني الحر الى صفوف المعارضة في 31 الحالي، أكد عون أمام زواره في بعبدا أنه سيكمل مسيرته بعد انتهاء ولايته «حيث سيكون العمل بعدما أخرج من القصر أفضل».
وطالب الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان، عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك من بعلبك، بـ»الإسراع بتشكيل الحكومة ذات صلاحيات تخولها القيام بالمهام إذا لم يتم التوصل إلى انتخاب رئيس. وقد ضاق الوقت، وضاقت أنفاس الناس، وتكفينا معاناة الواقع المعيشي والدولار ومستلزماته، والحصار الأميركي وجناياته».
واعتبر يزبك أن «جلسات المجلس النيابي ما زالت تتكرّر، ومن دون بركة انتخاب رئيس للجمهورية، نظراً للانقسام وعدم التوافق. ولا يمكن لأي كتلة أو جماعة، ولو حظيت بالدعم من السفارات ومن وراء البحار، ان تفرض رئيساً يقدم على أنه صنع في لبنان». ورأى أن «المطلوب من نواب الشعب التوافق على الشخصية القوية الممثلة لمشروع لبنان القوي بشعبه وجيشه ومقاومته، ولا رجوع الى الخلف، فقد ولت نظرية قوة لبنان في ضعفه واستسلامه».
في المقابل وقبيل يومين من الجلسة الرابعة للمجلس النيابي لانتخاب الرئيس، واصل رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع تصويبه على تكتل قوى التغيير لتحميله مسؤولية الفشل بتأمين أكثرية للمرشح النائب ميشال معوض رغم علم جعجع بأن معوض لن يحصد الأكثرية في ظل التوازن النيابي الذي أظهرته نتائج الجلسات الثلاث، ما يخفي أهدافاً ومناورات سياسية للقوات خلف هذا التصويت لمعوض.
واعتبر جعجع أن «من يحرقون أصواتهم يساعدون بفعلتهم هذه من يسعون إلى تعطيل الانتخابات الرئاسيّة بالنجاح في مسعاهم».
وتوقع مصدر نيابي لـ»البناء» أن يتكرر سيناريو الجلسة الماضية في جلسة الاثنين المقبل، بانتظار بلورة المشهد في المنطقة ونضوج التسوية في لبنان والمرتبطة بملفات عدة في المنطقة أبرزها استكمال ملف الترسيم والانتخابات النصفية الأميركية ومصير التفاهم النووي الإيراني في ضوء العلاقات المتردية بين السعودية والإدارة الأميركية. مرجحة أن تنعكس التطورات بعد الانتخابات الأميركية في 8 الشهر المقبل إيجاباً على الوضع اللبناني، ويجري انتخاب رئيس خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
في غضون ذلك، أكد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن «ما تحقق على صعيد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، هو نتيجة قرار لبناني يعكس وحدة الموقف الوطني وحصيلة مفاوضات شاقة وصعبة قادها الفريق اللبناني المفاوض مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بحنكة وصلابة واصرار، دفاعاً عن حقوق الدولة اللبنانية في ثروتها المائية والنفطية والغازية ولم يقدّم لبنان خلال المفاوضات اي تنازلات، ولا خضع لأي مساومات او مقايضات او «صفقات» او إرادات دول خارجية. بل بالعكس فإن الكثير من الدول الشقيقة والصديقة أيّدت الموقف اللبناني ووضعت إمكاناتها بتصرفه».
وعشية عودة الوسيط الاميركي الى بيروت الأسبوع المقبل، لتوقيع التفاهم على ترسيم الحدود الاقتصادية، تقدم نواب تكتل القوات بعريضة إلى الرئيس بري طالبين «عرض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية المنوي إبرامها على مجلس النواب بھیئته العامة لمناقشتھا، والتصویت علیھا قبل إبرامھا أصولاً، عملاً بأحكام الفقرة الأخیرة من المادة ٥٢ من الدستور.
وأعلن السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، في تصريح بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، في زيارة وداعية بمناسبة انتهاء مهامه الديبلوماسية في لبنان، أن «أكثر من 89 بالمئة من النازحين يريدون العودة وفق استطلاعات الأمم المتحدة»، مشدداً على أن «سورية قدمت كل التسهيلات، بما فيها قانون العفو عن الارهاب الذي لم يصل الى القتل؛ وهذا اقصى درجات التسهيل، وأتوقع ان سورية ولبنان سيكونان امام تعاون اكبر، ونرجو ان يكون التعافي اكبر، والعالم بأزماته التي تعصف به الآن يجب ان نجد قواسم مشتركة بيننا، لان ذلك يساعد سورية ولبنان ويساعد الشعب الذي عائلاته مشتركة».
وعن العقبة التي تحول دون عودة النازحين، قال: «العقبة سماها لبنان الذي قال إن الضغوط الاوروبية والدول المانحة او التي تسيطر على المراكز هي التي تحاول شيطنة العودة وتثبيط همة السوريين وإثارة مخاوفهم رغم انه من مصلحة السوريين العودة ومصلحة سورية عودة أبنائها».
وأثنى السفير، على «الموقف الذي يجسده بو حبيب والوزراء الآخرون والحكومة، وخصوصاً الرئيس عون، تجاه عودة النازحين الى سورية وبالتالي مواجهة الضغوط التي تحاول قلب الحقائق، السوريون يريدون العودة وسورية في أمان اكثر مما هم في لبنان، وبالتالي المساعدات التي تُقدم للسوريين في لبنان إذا ما قُدمت لهم داخل سورية يكون تشجيعاً وتصبح أضعاف قوتها في داخل سورية، خصوصاً أن الدولة قدمت لهم كل التسهيلات وكل ما يشجعهم على العودة».