التعليق السياسي
خروج الضفة عن السيطرة
ربما يؤدي النظر إلى العدد الكبير من الشهداء والجرحى كحصيلة للعملية الإسرائيلية في نابلس أمس الى استنتاج قوامه، أن جيش الاحتلال أعاد تثبيت قبضته المحكمة في الضفة الغربية، وهذا استنتاج متسرّع.
الطابع الملحمي للمواجهة مع جيش الاحتلال الذي توج بدماء الشهداء والجرحى فتح الباب لمواجهة يصعب التراجع عنها. فالقوة المحورية الجديدة التي تمثلها مجموعات عرين الأسود باتت أمام تحدّي مواصلة القتال وإثبات القدرة على رفع التحدي وقد بات عبء دماء شهدائها القادة دافعاً لا يستهان به، وفصائل المقاومة خصوصاً حركتي حماس والجهاد والجبهة الشعبية تستشعر أهمية الحفاظ على جذوة المقاومة مشتعلة بعيداً عن التنافس الفصائلي، ما يعني فتح الباب لتوفير السلاح والذخائر والإمداد والاستعداد للتدخل بقدرة الردع في غزة عند الضرورة بعيداً عن الحسابات الفئوية، أما أجهزة السلطة التي وجدت أنها مستهدفة من جيش الاحتلال خلال عملية نابلس، لم تعد تملك الاستعداد لتوفير الغطاء للمجموعات المنخرطة بالتنسيق الأمني مع جيش الاحتلال، وسيكون عليها إثبات وطنية أدائها بصورة لا تقبل الالتباس.
ما قام به جيش الاحتلال رغم حجم الدماء التي خلفها يبقى عملية محدودة، فهو لم ينجح بتمشيط نابلس، ولا اقتحام جنين، بل إن البلدة القديمة في نابلس بقيت تحت سيطرة المقاومة، وهذا الاستفزاز الدموي سيستدرج ردوداً من نوعه وبحجمه. وما دامت المقاومة تملك جسمها المقاتل وهي قادرة على التحرك. فهذا يعني أن الرد قادم، والحرب سجال.
حكومة يائير لبيد تحتاج هذا المشهد انتخابياً وهي لا تمانع أن تكون تبعاته تجذير المقاومة وتعميمها في جغرافيا الضفة، ويشكل خطأ استراتيجيا في المواجهة مع المقاومة، طالما أن النتائج القريبة والتكتيكية تعزز فرص جماعة لبيد وغانتس انتخابياً وتظهرهم كجماعات محاربة متطرفة.
فلسطين لن تعود الى الوراء.