التعليق السياسي
لبنان في المجهول
– من زاوية كل طرف سياسي معنيّ بالأزمة التي ستنتج عن الفراغ الرئاسي بالتزامن مع الفشل بتشكيل حكومة كاملة المواصفات الدستورية، وما يترتب على ذلك من ضعف في القدرة على ملء فراغ رئاسة الجمهورية وممارسة صلاحياتها، ثمة خطاب تبريري يكفي لإقناع المناصرين بتحميل المسؤولية لطرف آخر، لكن في النهاية سيدفع اللبنانيون ومعهم هذا البلد المأزوم مزيداً من المعاناة والتراجع، ولا يبدو أن تجنيب لبنان واللبنانيين هذه المعاناة كان حاضراً في الخيارات التي اتخذتها الأطراف السياسية بحسابات مواقعها ومواقفها.
– من المؤلم أن تضيع الصدمة الإيجابية التي رافقت إنجاز تحرير ثروات النفط والغاز، وان تضيع معها الفرحة التي جمعت أغلبية لبنانية كاسحة، لتحل مكانها صورة الفشل والعجز والقلق، ونتذكر مجدداً بأن ما أنجز معرّض للخطر ما دامت القواعد الحاكمة لحياتنا السياسية كفيلة بإنتاج الأزمات وتضييع الفرص، ووضع الأولويات الفئوية والطائفية في موقع متقدم على المصالح الوطنية.
– لن يفيد في حجب هذه الصورة القاتمة ما يعد به البعض من تأمين كهرباء أو تخفيض سعر الصرف، يعرف اللبنانيون أن كلفته ستكون مضاعفة بسبب المناخ السياسي، وأنها تدفع من ودائعهم، وأن توظيفها جاء من خلال استنساب سياسي وتوقيت سياسي غير بريئين، وإلا ماذا يعني أن المال الذي قيل مراراً إنه غير متاح لحماية الليرة او شراء الوقود للكهرباء صار متوفراً؟!
– الفوضى اللبنانية والسياسات المحكومة بالأنا السياسية والطائفية يثبتان مرة أخرى أنهما أشد قوة من حساب المصلحة الوطنية في صياغة المواقف، ومن يقول إن خلفية مواقفه تأخذ بالاعتبار مفهوم المصلحة الوطنية نريده أن يتذكر بعد شهور عاصفة وعندما يتم التوصل الى تسوية جديدة، أن هذه التسوية كانت ممكنة قبل تعريض البلد لهذه الهزات، ودون تدفيع اللبنانيين هذه الكلفة العالية، وهذه ليست هي المرة الأولى، التي نقول فيها، ما بدا أنه ممكن كان ممكناً من قبل وبتكلفة أقل بكثير، لو أن المعنيين اتقوا الله في لبنان واللبنانيين.
التعليق السياسي