دبوس
معركة الضفة
أربعة وسبعون عاماً هي المدة التي في بدايتها ظهر علينا كيان تمّ اصطناعه اصطناعاً، بمزيج من ترّهات تلمودية، وقوة مهيمنة أظهرت قبل قليل فقط كمية الجبروت المذهلة التي في حوزتها لتمحو مدينتين يابانيتين من الخارطة، وتفتك بأكثر من ربع مليون إنسان في ثانية واحدة، وأمة تغطّ في سبات عميق لا يماثله إلّا إغفاءة أهل الكهف، ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعاً…
ظنّ العدو أنه قد استتبّ له الأمر، وأنّ الكفة له راجحة، وانّ مشروعه آخذ في الترسّخ، وانّ الشعب الفلسطيني يعتريه سأم وأمل مفقود بعد ان جنحت الأمة نحو وضع السلاح جانباً، والانخراط في انبطاحة جماعية تمهّد الطريق للقبول الكلّي بالكيان كجزء لا يتجزّأ من نسيج المنطقة، وواقع لا تجدي معه المقاومة، ولكن هذا العدو لم ينتبه حينما التبس عليه الأمر، وظنّ لهنيهة انّ الظرف مؤات له كيما يهيمن على الضفة، ويقتلع شعبها، وأنه بالتغوّل والتنمّر والبطش يستطيع ان يقذف بشعبها خارج الحدود، فيمسك بزمام “يهودا والسامرا”، ويستتب له الأمر!
لم يعلم هذا العدو الأحمق انّ هنالك في نابلس وجنين وطولكرم والخليل و طوباس وأريحا وقلقيلية سيتمّ طحن المشروع الصهيوني مرة واحدة وإلى الأبد، وانّ الضفة لم تطلق كلّ أسودها بعد، بل لم تطلق 5% من أسودها، ليقف نصف جيشه على “رجل ونص”، لقد انتقل مركز ثقل المعركة من الحدود الهادئة الساكنة بسبب توازن الردع الى قلب الضفة والداخل، حيث لا يهمّ ولا يجدي ان يكون هنالك ردع او توازن، وحيث تحسم المقتلة سواعد وزنود الرجال، وحيث لا تجدي كلّ القاذفات والمقاتلات وكمية النيران، فالقيم المعنوية والروحية والصبر الاستراتيجي هي العوامل التي ستحدّد من هو المنتصر، ومن هو المهزوم، وما علينا سوى أن نرقب هذا العدو المارق حينما يطلق صرخة الألم ويستجدي المهادنة، عندئذ نعلم انّ المشروع قد أنتهى، وانّ الكابوس قد زال…
سميح التايه