قمة بدون سورية: حضرت الجزائر وغاب العرب
ناصر قنديل
– بعد ثلاث سنوات انعقدت القمة العربية، وخلال السنوات التي مضت كان الموضوع الرئيسي الذي تنتظره القمة وينتظرها، هو تأمين حدث يقنع الرأي العام العربي بجدوى القمم العربية، وليس غير عودة الجامعة العربية إلى سورية واستعادة سورية لمقعدها الشاغر في الجامعة، لأن بوصلة الصدق العربي نحو التكامل هي سورية، وبوصلة الصدق العربي نحو فلسطين هي سورية، وبوصلة الصدق العربي تجاه اعتماد سياسات مستقلة هي سورية. وخلال هذه السنوات بذلت الجزائر جهوداً توّجتها بتأجيل موعد انعقاد القمة من آذار الى تشرين الثاني، أملاً بتذليل العقبات من أمام عودة سورية كعلامة على استعادة الجامعة دورها المستقل والعربي، واستعداد العرب للعودة الى أولوية فلسطين.
– تنعقد القمة دون سورية، بعدما قالت سورية للجزائر إنها غير متحمسة لجعل العودة بذاتها قضية، وإن نجاح الجزائر يكفي سورية، وإن معيار النجاح التزام العرب بسياسات ومواقف ترتبط بالقضايا، كي يستحق الأمر بالنسبة لسورية اعتبار العودة ذات معنى. وها هي الجزائر تبذل كل ما بوسع قيادتها لرفع سقف القمة لتجعل لفلسطين مكانة الصدارة في الأولويات العربية، ورد الاعتبار للعمق العربي في التمسك بها كأولوية، وبيد العرب فعل الكثير، بيدهم أن يذهبوا بموقف واحد الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ليطلبوا منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبيدهم عندها فعل ذلك، كما أنه بيدهم في زمن أزمة الطاقة العالمية أن يوظفوا مكانتهم في سوق الطاقة، دون خوض حروب أو معارك، ودون تحويل النفط والغاز إلى سلاح، اعتماد تسعير دولار زائد ودولار ناقص في سعر البرميل المباع، زائد دولار للدول التي تدعم الاحتلال، وناقص دولار للدول التي تدعم فلسطين، ويمكن للمعيار أن يبدأ من الموقف من اعتماد القدس عاصمة لكيان الاحتلال وتلك التي ترفض.
– ستنتهي القمة، ويعود الحكام العرب الى حيث كانوا، شملهم متفرّق، وفلسطين بعيدة عن أولوياتهم، ومَن ذهب منهم الى التطبيع باق على تطبيعه، رغم إدراكه أنه بضاعة منتهية الصلاحية، وستبقى الجزائر على ثباتها وثوابتها، وتبقى سورية على خياراتها وانتصاراتها، وستبقى فلسطين تقاتل بشعبها ومقاومتها، تشدّ أزرها بمن حضر من العرب، وتفرح بسماع صوت رؤساء البرازيل وفنزويلا والأرجنتين والمكسيك وبوليفيا وهندوراس والبيرو، لتحلّ مواقفهم المشرّفة مكان ما انتظروه ولم يأت من الحكام والقادة العرب، وستبقى صور السيد حسن نصرالله والرئيس بشار الأسد والقائد الشهيد قاسم سليماني الى جانب صور قادة فلسطين وشهدائها، تزيّن بيوت الفلسطينيين، ومعها صورة هوغو شافيز ولولا دا سيلفا بالكوفية الفلسطينية.
– ستنتهي القمة وتبقى الجزائر وسورية وفلسطين وقوى المقاومة في المنطقة، تحمل راية فلسطين وقضيتها، وسيبقى الوضع العربي بحاجة لمرجعية لن يجدها في الجامعة العربية، التي شرعت الحرب على العراق وغزو ليبيا، وشاركت في المؤامرة على سورية، وتخلّت عن فلسطين، وترتبط أمانتها العامة والعديد من حكومات دولها بعلاقات التعاون والتنسيق مع كيان الاحتلال. وفي زمن المقاومة في فلسطين وانتصارات المقاومة في المنطقة، والمتغيرات التي يشهدها العالم، لا مانع من القول، سوف نرى مع الأيام أيّ من الخيارين سينتصر!