مؤتمر الجامعة الثقافية بداية تحوُّل نوعي
} علي بدر الدين
يُشكِّل انعقاد المؤتمر العالمي التاسع عشر للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تحت عنوان (لمّ الشمل الاغترابي)، بعد غدٍ الخميس، في مبنى عدنان القصار في بيروت، نقلة نوعية بإتجاه المزيد من مأسَسة الجامعة وتفعيل دورها الاغترابي والوطني، وتطوير نظامها الأساسي وقوانينها وإزالة رواسب وشوائب رافقتها منذ تأسيسها في ستينيات القرن الماضي، وحالت دون الارتقاء بها ومواكبة متطلبات العصر وتقنياته ومتغيّراته وتطوّراته، مع أنّ الحاجة إليها باتت من الضروريات الأساسية التي يجب التعويل عليها، لزيادة الإنتاجية وتأمين مقوّمات التواصل بين المغتربين والمنتشرين اللبنانيين في قارات العالم.
إنّ انعقاد المؤتمر يأتي في زمانه ومكانه الصحيحين، لأنه سيفتح باب النقاش والحوار بين المؤتمرين على مصراعيه من دون عقد أو عوائق طائفية ومذهبية ومناطقية وفئوية وأعراف جامدة كانت سبباً لعرقلة مسيرة الجامعة ولِوهن إمكانيات المغتربين وتشتيتها وضياعها، لأنها فتحت المجال أمام البعض لاستغلال الثغرات الموجودة والنفاذ منها، بهدف عرقلة سير قطار الجامعة بإزاحته عن سكته، وربما تكون قد وضعت عن قصد وسوء نية أو من دونهما، ما انعكس في الحالتين سلباً على وحدة الجامعة والمغتربين، حيث يدفعون اليوم كما بالأمس، الأثمان الباهظة نتيجة الخلافات المفتعلة والانقسامات والتشرذمات الممنهجة وكأنها أقدار لا يمكن تجاوزها أو التخلي عنها، حتى تحوّلت بمرور الزمن والتغاضي والسلوكيات الملتوية إلى نهج لدى هذا البعض الذي ينتشي باستمراره، باعتباره الباب الوحيد الذي يلجه لتبرير سلوكه وسعيه ليمتطي موقعاً ليس له أو ينتحل صفة ليست له ولا هو مؤهّل لها، وهذا الفعل أدّى في نهاية الأمر الى إغراق الجامعة في حسابات ومصالح ضيقة.
المؤتمر بعناوينه ونوعية المشاركين فيه وأهدافه الوطنية الصافية والتزامه الأنظمة والقوانين المعدَّلة يواكب عملياً المستجدات التي حان أوانها ويخرج الجامعة من قوقعتها التي أرادها البعض إلى رحاب أوسع وأكثر إنتاجية وشفافية وديمقراطية ستتجلى بوضوح بانتخاب هيئة إدارية ورئيس بروح من الانفتاح، من خلال فتح باب الترشُّح لأيّ موقع فيها من دون النظر إلى أعراف بالية «أكل الدهر عليها وشرب» ومن دون اعتبارات طائفية ومذهبية ومناطقية، بل ضمن معايير وطنية واغترابية «صرفة»، ومن حقّ أيّ كان أن يترشح لأيّ موقع أو منصب، إذا رأى في نفسه الجدارة والقدرة على العمل والعطاء والإنتاج والالتزام بلمّ شمل المغتربين ووحدة الجامعة، وهذا وحده سيكون كافياً لإسقاط أوراق البعض كما تسقط الأوراق الصفراء في الخريف، ولإخراس الأصوات النشاز والشاذة وأبواق تحاول منذ مدة النقر على أوتار طائفية «لغاية في نفوس» أصحابها في حين أنها تدّعي زوراً الحرص والوطنية.
فكفى من البعض استهدافاً للمؤتمر واستخدامه منصَّة مطية لتحقيق مصالح آنية وخاصة جداً، وليعلم هذا البعض أياً كان «أنّ من يزرع الريح لا يحصد سوى العاصفة»، ومعها الخيبة والخسران، خاصة أنّ المأمول من المؤتمر كبير ومثمر وإنَّ غداً لناظره قريب…