الرفيق الصحافي ذو الفقار قبيسي
ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ «البناء» هذه الصفحة، لتحتضنَ محطات مشرقة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة، وقد سجلت في رصيد حزبهم وتاريخه، وقفات عز راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا أي تفصيل، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
أنّ نكتب تاريخنا،..فإننا نرسم مستقبل أمتنا.
إعداد: لبيب ناصيف
الرفيق الصحافي
ذو الفقار قبيسي
عرفتُ الرفيق كمال قبيسي ناظراً للإذاعة في منفذية بيروت، ثم التقيت به كثيراً في البرازيل في مناسبات حزبية وفي حضوره اللافت. قبل مغادرتي البرازيل عائداً الى الوطن، زارني الرفيق كمال عارضاً علي مشاركته في اصدار جريدة عربية يومية.
شو رايح تعمل. الوضع خربان
كان قراري نهائياً. دعوة الأمة رافق كل أيام غربتي، ودعاء والدتي لا يُرد.
وعدتُ الى الوطن والى مسؤولياتي الحزبية فيما اصدر الرفيق كمال قبيسي جريدته اليومية باللغة العربية، وهي المحاولة الجريئة في حينه.
أما الرفيق ذو الفقار فقد تابعته في عمله الصحافي في الكويت، والتقيت به في بيروت عندما عاد إليها وكان في معظم جلساته في أحد مقاهي الحمرا بعد عودته النهائية الى بيروت، مرافقاً لصديقه الأمين الراحل سبع منصور حردان.
عن حضورنا اللافت في الكويت كنت كتبت، وانتظرت ان يكتب عنه رفقاء لنا كان لهم حضورهم اللافت أمثال: شوقي صوايا، عادل حامد، خالد قطمة، الياس مسوح، أنيس فاخوري، صالح سوداح…
وكان الرفيق كمال قد انتقل الى جريدة «الشرق الأوسط» في لندن.
عن الرفيق ذو الفقار ننشر ما أورده شقيقه الرفيق كمال، آملاً من الرفيق كمال إذ يقرأ هذه الكلمة ان يتصل بي لأطمئن عنه.
ل. ن.
وفاة الكاتب والصحافي الذي علمني مهنتي… أخي ذو الفقار قبيسي
توفي فجر اليوم الأحد في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت بعمر 83 سنة، صارع في الخمس الأواخر منها أخبث مرض.
ذو، كما كنا نسميه، كان مميّزاً في أشياء كثيرة، وعصامياً بامتياز كبير… شق طريقه العلمي والعملي بمفرده، فدرس في بريطانيا بأوائل الستينات في وقت كان يعمل فيه بالبنك الأهلي التجاري السعودي في ببيروت، ثم أصدر في منتصف 1963 مجلة اقتصادية سماها «المصارف» مع زميله في البنك مصطفى الجندي، وبسرعة حققت نجاحاً في لبنان والدول العربية، وفيها اشتغلت مع صديقين لي من الحي الذي كنا نقيم فيه، وتعلمنا على يديه «المهنة» التي لولاه لكنا بلا مهنة.
ذو، كان على رأس إدارة صحيفة «القبس» منذ تأسيسها في أوائل السبعينات في الكويت، فجعلها بسرعة الأوسع انتشاراً، ثم عاد الى بيروت، فأصدر مجلة «الخليج»، كما أضدر دليلاً عن البنوك في الدول العربية، وبقي طوال الحرب الأهلية يعمل في لبنان ولا يغادره إلا في سفريات تستمرّ أياماً.
كان ماهراً باختصار الخبر، وضليعاً باللغة الانجليزية، وبها ألّف رواية «لندن سوداء مثلي» إضافة لكتب أخرى بالعربية في شؤون مختلفة، وأهمّ ما كان فيه هي ثقافته العالية والمتنوعة، وأخلاقه والتزامه بمبادئ لم يكن يحيد عنها طوال حياته، من نبذ للطائفية ومسبّبات التناحر بشكل خاص… رحم الله ذو الفقار قبيسي، فقد كان نهراً روى الكثير.
ممزق العلم الفرنسي الرفيق زكريا اللبابيدي
إذا كان لأحد الرفقاء المناضلين أن يروي أنه كان يحمل فراشه معه، وإلى جانب، «بيجامته» وعدة السجن، مستعداً في كلّ حين لمن يطرق بابه، أو يقطع له طريقه، أو يزوره حيث العمل، فإن هذا لينطبق على رفيق عرف السجون مراراً، وكثيراً، وبات يرتادها كأنه منزله، وبالتحديد غرفة نومه: هو الرفيق الأديب، الصحافي، المناضل، زكريا اللبابيدي.
عرفته في «البناء» وكنت توليت مسؤولية مدير إدارتها في أوائل السبعينات، وكان رحمه الله مديرها المسؤول، كما عرفته ـ ومعي رفقاء آخرون ـ في النظارات والسجون في الستينات عندما كانت أجهزة المكتب الثاني تلاحق الرفقاء وتعتقلهم وتغيّبهم السجون، فكان زكريا اللبابيدي يضفي من صلابة إيمانه، وظرفه، ورواياته الطريفة عن الملاحقات والسجون والعسف والاضطهاد جواً رائعاً من الشعور بالاعتزاز، يقوّي العزيمة، ويعطي معنى الأسر نكهة النضال والالتزام العالي بقضية.
لم أشهده مرة واحدة مشككاً في إيمانه، أو برفقائه، متبرّماً من ظروف السجن، وهو الذي «أدمن» عليه واعتاده، حتى لكأن فراش السجن جاهزاً، ومعه كلّ متطلبات «الإقامة».
«زبون حبوسات» كان يسمّي نفسه، ويسمّيه عارفوه من القوميين الاجتماعيين، والأصدقاء. كم مرة سجن؟ كم سنة؟ لا تسل، لأن الجواب سيكون صعباً. أسهل لك أن تسأل كم سنة عاش خارج السجون، إذ أنّ الكثير من عمر زكريا اللبابيدي الذي جاوز الخامسة والستين عند وفاته، قضاه في السجن، فقد سجنه الانتداب الفرنسي. سجنه عسكر ديغول. والعسكر الفرنسيون المتألمنون (ألمانيا) ثم عاد فحبسه «أبطال» الاستقلال بعد جريمة اغتيال سعاده، ثم سجنه أبناء أبطال الاستقلال.
فالرفيق زكريا ما إن يخرج من سجن حتى يدخل آخر، بحيث بات السجن له نزهة، والاضطهاد في سبيل قضية فرحاً وبهجة، أما المضايقات التي كان يتعرّض لها، فطرائف ونوادر كان يحسن صقلها وروايتها بخفة دمه المعروفة، وظرفه المعهود.
نعود مع زكريا اللبابيدي إلى سنوات نضاله الأولى، لننقل ما نشرته «البناء» في عددها تاريخ 9/11/1974 عن «ممزق العلم الفرنسي» فلعلّ في هذه الإضاءة تعريف عن جانب آخر من المناضل زكريا اللبابيدي لم يكن يعرفه الكثيرون من عارفيه:
«في المركز السري المتواضع جداً» كان زعيم الأمة السورية يطالع الأخبار في إحدى الصحف الصباحية، وإذ استوقفه خبر قصير أثاره، سأل من حوله على شكل التمني: ليت لي أن أعرف هذا المواطن لأهنئه. واستوضحه من هم حوله عمن يقصد، فأعاد على أسماعهم ما جاء في تلك الصحيفة، وكان: «أنّ مواطناً سورياً من لبنان هاجم سيارة المفوض السامي الفرنسي ومزق العلم الفرنسي ثم ولى هارباً».
«كانت سعادة زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي كبيرة، وكانت تبدو واضحة جلية على وجهه المشرق، وكان بادياً إلحاح رغبته في التعرّف على بطل الحادث المثير مهما كلف ذلك من صعاب. إذ ذاك تشجع شاب طويل القامة، مستقيماً، ممتلئ الجسم، ليعلن للزعيم أنه هو ممزّق العلم الفرنسي، وأنه تهيّب أن يخبره مخافة أن يكون بعمله هذا قد تسبّب للحزب ولو بدون نية مسبقة بمتاعب جديدة. بعد ذلك، وحتى أمس، لم يترك الشاب الطويل القامة، ممزق العلم الفرنسي أحداً ممن تتمتن علاقته به وإلا وأخبره كيف أقبل عليه زعيم الأمة السورية مصافحاً بحرارة ومهنّئاً بسرور وعطف عظيمين».
انتماؤه إلى الحزب
كيف انتمى الرفيق زكريا إلى الحزب؟
يروي الأمين جبران جريج في الجزء الأول من كتابه «من الجعبة» أنّ الرفيق زكريا اللبابيدي انتمى إلى الحزب في الفترة 1934-1935 عندما كان يعمل كاتباً في محكمة أميون ـ الكورة. حصل ذلك في منزل ناظر مالية الكورة آنذاك الرفيق الياس خوري نجار، قبل ذلك كان التقى الرفيق زكريا بوكيل عميد الإذاعة الرفيق مأمون أياس الذي كان يقوم بزيارة تفقدية إلى الكورة، على مائدة مختار بلدة «عابا» الرفيق معروف فرح، وتداولا الحديث في الأوضاع العامة وصولاً إلى ضرورة القيام بعمل ما.
لذلك كان الرفيق زكريا اللبابيدي مع الرفقاء الذين التقوا على الغذاء في منطقة الصنوبر في بشمزين، عند زيارة سعاده إليها صيف العام 1935، وانتقل معه برفقة الأمين جبران جريج وآخرين إلى أميون، لزيارة الرفيقة عفيفة شماس، وللإشراف على انتماء «مدير المال في قائمقامية الكورة» الرفيق ميشال نوفل.
منذ ذلك الوقت لم يعرف الرفيق زكريا اللبابيدي انقطاعاً عن العمل الحزبي، وعن تولي المسؤوليات.
بعد انكشاف أمر الحزب في 16/11/1937 ـ وكان الرفيق زكريا قد انتقل من أميون إلى وظيفة مماثلة في الدوائر القضائية في بعبدا ـ توّجه إلى بيت جرجس الحداد، والد الرفقاء فؤاد، يوسف وعفيفه، متفقداً الأحوال، فإذا بالرفيقة عفيفة تفاجئه بتسليمه مرسوم صادر بخط الزعيم(1) يقضي بتعيينه وكيلاً لعميد الداخلية، والرفيق فؤاد أبو عجرم(2) ناموساً للعمدة.
هكذا أمكن ألا يحصل فراغ دستوري ـ نظامي في الفترات الأولى التي أعقبت اعتقال سعاده ومعاونيه.
احتفال أول آذار
كان مقرّراً أن يقيم الحزب احتفالاً حاشداً في الأول من آذار عام 1938 في منطقة الغبيري (حيث منزل كلّ من الأمينين آنذاك نعمة ثابت ومأمون أياس) إلا أنّ وزير الداخلية اللبنانية جورج ثابت أمر بمنع الحشد وسمح بإقامة الاحتفال في منزل الرفيق زكريا اللبابيدي الكائن في محلة عائشة بكار، مع الإبقاء على الغبيري مكاناً للتلاقي حيث استعرض الزعيم القوميين الاجتماعيين بلباسه الرسمي(3).
هذا ما يرويه الأمين جبران جريج في الجزء الرابع من مجلده «من الجعبة» (ص 79) يقول: «دام الاجتماع في دار اللبابيدي أكثر من ساعتين، ألقى فيه الزعيم خطابه المشهور التفصيلي الذي لم يقلّ روعة عن خطابه في أول حزيران قبل ثلاث سنوات (الخطاب المنهاجي الأول).
«كان والد اللبابيدي، القاضي أحمد، يستمع إلى الخطاب. فعل ذلك واقفاً طوال الوقت، مأخوذاً ببلاغته، هو غير القادر على الوقوف لعلّة في إحدى رجليه.
«ويجدر بي أن أسجّل ملاحظته القيّمة على الخطاب: عظيم جداً، ألقى الزعيم خطابه كلّ هذا الوقت دون أن يرتكب أية غلطة لغوية أو نحوية.
«ويجدر أيضاً التنويه أنّ أفراد عائلة القاضي أحمد اللبابيدي ـ الذي كان معجباً بسعاده، وازداد إعطاباً به بعد خطاب الأول من آذار ـ سمعوه يشمل سعاده بدعائه عند انتهائه من الصلاة».
وتمرّ الأيام، وسنوات النضال والتحدي والاعتقالات، يتعيّن الرفيق زكريا اللبابيدي منفذاً عاماً لبيروت (وعاونه في الهيئة الرفقاء إبراهيم يموت ناموساً، شفيق نقاش للإذاعة، د. ادمون شويري للمالية وفكتور أسعد حنا للتدريب).
قبل ذلك وفي بدايات الحرب العالمية الثانية، راحت السلطات الفرنسية(4) تعتقل القوميين الاجتماعيين، ثم تصدر الأحكام(5) بحق سعاده الذي كان غادر إلى الأرجنتين، والكثير من المسؤولين والأعضاء، في تلك الفترة العصيبة تولى الأمين كامل أبو كامل رئاسة مجلس العمد(6) حتى إذا اعتقل في أحراج بشامون ـ فيما كان ينتظر الرفيق عجاج أبو شكر ليتوجها معاً إلى شملان، فيلتقيا الرفيق المحامي سليم الحتي ثم يتابعون السير إلى سوق الغرب للاجتماع بالمتروبوليت الأرثوذكسي إيليا الصليبي ـ يتولى رئاسة المجلس الرفيق زكريا اللبابيدي، فيعتقل بعد أيام، ليتولى المسؤولية الأولى طالب الطب الرفيق عبدالله سعاده باسم مستعار: جلال طالب.
في المية ومية
انضمّ الرفيق زكريا اللبابيدي إلى العشرات من رفقائه المعتقلين في «المية ومية» (قرب صيدا) ومنها تمّ نقله والرفقاء نعمة ثابت، مأمون أياس، جبران جريج وأنيس فاخوري إلى سجن راشيا الوادي. وفيما أعيد بعد فترة، الأمينان ثابت وأياس، إلى معتقل «المية ومية»، استمرّ الرفقاء الثلاثة في معتقل راشيا الوادي ليسجلوا مأثرة نضالية تكلم عنها الأمين جبران جريج في كتابه «حقائق عن الاستقلال ـ أيام راشيا» عندما شرح بإسهاب الدور الذي قاموا به لجهة نقل أخبار المظاهرات والاعتقالات التي عمّت المناطق اللبنانية، إلى «رجال الاستقلال» المعتقلين في قلعة راشيا(7) وقد ساهم ذلك كثيراً في تصليب مواقفهم وفي تعزيز صمودهم، فضلاً عن إشاعة الأمل في نفوسهم.
حادثة تـروى
في أواسط الثلاثينات، رغبت الرفيقة مليحة اللبابيدي شقيقة الرفيقين صلاح وزكريا اللبابيدي، أن تدعو زعيم الحزب والمركزيين إلى حفلة زفافها. وكانت الرفيقة مليحة من الرفيقات النشيطات في مديرية السيدات في بيروت وعلى معرفة بسعاده.
حضر سعاده يرافقه رئيس مجلس العمد نعمة ثابت، جبران جريج، مأمون أياس، أنيس فاخوري، صبحي فؤاد الرئيس. حضر أيضاً المفتي نجا، وجلس على مقعد مجاور للقاضي غلاييني القائم بأعمال العقد.
بعد انتهاء عملية العقد وتقديم القهوة والضيافة، توجه الرفيق زكريا إلى شقيقه صلاح: ترى كيف يقوم سعاده بتهنئة العروس، هي الجالسة في غرفة «الحريم». فما كان من صلاح إلا أن توجه إلى غرفة «الحريم»، يصطحب شقيقته الرفيقة مليحة ويخرج بها، قائلاً لسعاده: «أقدم لك العروس يا زعيمنا».
لم يكن هذا الأمر مألوفاً في بيروت، لذا شكّل تصرف الرفيقين صلاح وزكريا اللبابيدي مع أختهما الرفيقة مليحة، «قنبلة الموسم» في الوسط البيروتي».
وفاتـه
في 3/11/1974 وافت المنيّة الرفيق زكريا اللبابيدي فسار وراء نعشه العديد من رفقائه وأصدقائه وعارفيه يستذكرون مآثره، ونضاله المميّز، وظرفه، ويستعيدون نوادره وحضوره المحبّب.
عند الحفرة التي ووري فيها جسده الطاهر وقف نقيب المحررين يؤبنه. وصفه بالشهيد. ووافقه على ذلك الأمين عبدالله قبرصي: «لقد نزف دم قلبه في السجون، وفي التضحيات، والأوجاع، من أجل النهضة العظيمة. فإذا كان استشهد حقاً، ففي سبيلها استشهد».
ويمضي زكريا لبابيدي، الدائم البشاشة، الحاضر النكتة، المؤمن الصلب، «ابن الحبوس»، وتبقى لنا ذكراه التي تضمّ إلى ذكرى المئات من المناضلين القوميين الاجتماعيين الذين عبّدوا لنا الطريق، وكانوا شموعاً تحترق لتضيء في ظلام الأمة حتى ينبلج لها صباح.
بطاقة هوية
ولد زكريا اللبابيدي في أواخر العام 1908.
والده المغفور له القاضي أحمد اللبابيدي.
اقترن في العام 1936 بابنة عمّه عمر، بديعة اللبابيدي.
رزقا بابنة واحدة، أسامة، التي اقترنت من السيد رياض الشيشكلي، وأقامت مع زوجها في مدينة حلب.
عمل محرّراً في جريدة «البيرق» ثم أسّس مطبعة واتخذ لها مكاناً في سوق الفرنج (باب ادريس، الوسط التجاري من بيروت).
تولى مسؤوليات حزبية عديدة منها مسؤولية منفذ عام بيروت، وكيلاً لعميد الداخلية، رئيساً لمجلس العمد، ومديراً مسؤولاً لمجلة «البناء».
تعرّض منزله للسرقة في فترة ما سُمّيَ «حرب التحرير» عام 1989، حيث كانت اضطرت زوجته لمغادرة منزلها والانتقال خارج بيروت، ومن المفقودات مذكراته ورسومه الشخصية.
أشقاؤه وشقيقاته: الشاعر صلاح (مدير الشرطة اللبنانية)، يحيى، مصطفى، صفية، ممدوحة ومليحة.
الأمين بشير محمد فاخوري كان ابن خاله، والأمين محمد راشد اللاذقي ابن خالته.
إشـارات
في كتابه «حقائق ومواقف» يذكر الأمين أديب قدورة، الرفيق زكريا اللبابيدي، في أكثر من مكان، على سبيل المثال:
عام 1941 اعتقل أديب قدورة وسيق إلى معتقل الكرنتينا حيث التقى بعدد وفير من الرفقاء. «بعد أسبوعين أسرّ إليّ مأمون أياس وزكريا اللبابيدي بوصول أمر لهما من الحزب بالهرب من المعتقل، فساهمت بترتيب الهرب».
في معتقل «المية ومية» وُضعت (والكلام للأمين أديب قدورة) في غرفة تضمّ الأمناء فؤاد أبو عجرم، أنيس فاخوري، عبدالله قبرصي، والرفيق زكريا اللبابيدي.
في عام 1945 كنت (أديب قدورة) منفذاً عاماً لبيروت، وكان الرفقاء عبدالله محسن، خليل أبو عجرم، محمد اللاذقي وزكريا اللبابيدي نظاراً.
الأمين عبدالله قبرصي في كتابه «عبدالله قبرصي يتذكر» (صدر منه أربعة أجزاء) يورد اسم الرفيق زكريا اللبابيدي أكثر من مرة حين يتحدث عن السجون والاعتقالات. منها (الصفحة 62 من الجزء الثاني) ما يلي:
«الياس قدسية (عرف باسم الياس مالك) رفيقي القديم في زنزانة القلعة هو أحد أسياد المعتقل (معتقل المية ومية). كيف صادق الحراس. كيف اتفق معهم. لست أدري. ما أدريه أننا بفضله كنا نحصل على كلّ شيء من الصحف والكتب حتى العرق والبيرة إذا اقتضى الأمر. هذا الرجل الصامد. القضية في دمه والتجارة في دمه أيضاً. الياس قدسية دبّر للاحتفال بقدومي عرقاً زحلاوياً وبيرة ومازات غنية. كلّ القيادة كانت على الطاولة. من نجومها أديب قدورة والدكتور كريم عزقول والدكتور عبدالله سعاده وفؤاد أبو عجرم ونعمة ثابت وزكريا اللبابيدي وأنيس فاخوري وأسد الأشقر وجورج مصروعة وجبران جريج ومأمون أياس ويوسف الدبس وسواهم.
بعد وفاته، داهم أفراد من قوى الأمن الداخلي منزله في رأس بيروت يسألون عنه بحجة أنّ «البناء» ـ وهو كان مديرها المسؤول حتى وفاته ـ نشرت مقالة تهاجم بها الحكومة. لم يصدّقوا زوجته أنه مات. فاستعانت بالمختار والجيران كي يقتنع أفراد قوى الأمن، ويقبلوا بوفاته. حياً أسر وسجن واضطهد وتشرّد. وميتاً أيضاً كان مطلوباً أن يعتقل.
هوامـش
1 ـ صدر المرسوم في 14 تشرين الثاني، أيّ قبل انكشاف أمر الحزب، بيوم واحد.
2 ـ من بعقلين، صيدلي، منح رتبة الأمانة وتولى في الحزب مسؤوليات قيادية منها رئيس المجلس الأعلى.
3 ـ يروي الأمين جبران جريج في الجزء الرابع «من الجعبة» أنه لولا الرفيق فايز قاسم عبد الخالق (من شانيه) لما كانت لنا صورة الزعيم الرسمية، فهو صاحب مشروع أخذ الصورة باللباس الرسمي.
4 ـ تعرّض الرفقاء للملاحقات والاعتقالات على يد السلطات الفرنسية المنتدبة على ثلاث مراحل:
أ ـ فرنسا قبل الحرب العالمية الثانية.
ب ـ بعد سقوطها بيد القوات الألمانية وتولي الماريشال بيتان الحكم (عرفت بحكومة فيشي).
ج ـ قوات فرنسا الحرة (الجنرال ديغول) التي دخلت لبنان من الجنوب السوري (فلسطين) متحالفة مع القوات البريطانية
5 ـ في 20 آب 1940 أصدرت المحكمة المختلطة (الفرنسية ـ اللبنانية) أحكامها التي قضت بسجن سعاده 20 سنة غيابياً مع 20 سنة منع إقامة، وأحكاماً أخرى على عدد كبير من المسؤولين والرفقاء.
6 ـ عاونه في مجلس العمُد، الرفقاء العمُد: زكريا اللبابيدي، عبدالله سعاده، فريد مبارك، جورج صليبي، وإبراهيم يموت. ثم انضمّ إليهم المحامي محسن سليم كعميد للإذاعة.
7 ـ كانت السلطات الفرنسية قد اعتقلت في 11 تشرين الثاني 1943 ونقلت إلى قلعة راشيا الوادي كلاً من رئيس الجمهورية بشارة الخوري، رئيس مجلس الوزراء رياض الصلح، الوزراء كميل شمعون، عادل عسيران، سليم تقلا ونائب طرابلس عبد الحميد كرامي.