دبوس
نعمة أم نقمة
هل كان محمّد يعلم أنه سيتدفّق من تحت قدميه ما سيُستخدم لقتال دينه ورسالته بعد أربعة عشر قرناً من مغادرته هذه الإنسانية البائسة؟ لطالما كنّا نتساءل من دون الوصول الى إجابة حاسمة، حينما لم تكن الحقيقة كالحة كما هي الآن، وحينما كانت الأقنعة تغطي الوجوه البشعة بقوة وبإحكام، هل استخراج الثروات النفطية في منطقتنا كان نعمة أم نقمة؟ لقد تساقطت الأقنعة الآن، فسقط القناع عن القناع، وانطلقت العاهرة إلى الشوارع والأزقة وهي تصرخ وتولول بالفم الملآن، وبأعلى عقيرتها، أنا عاهرة، وأنا فخورة بعهري، واللي مش عاجبو، فليشرب من ماء البحر، أو ليضرب رأسه بكلّ الحيطان!
تريليون دولار أنفقت في حرب لمحاولة ضرب الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة، وهي لا تزال طفلاً يحبو ولم يمض عام على انبثاقها بعد ان حطمت عرش الطاغوث.
مئات بلايين الدولارات أهرقت في محاولة فاجرة أخرى لضرب سورية المقاومة والعروبة. مئات البلايين الأخرى تنفق لإنشاء وتمويل جيوش الإرهاب لخوض الحروب نيابة عن كيان الإحلال ودول الهيمنة، عشرات البلايين تنفق لشراء الذمم وتفريخ كلّ شرور الأرض خدمة لمشاريع الإنبطاح والتبعية والتسليم المطلق لنهب ثرواتنا وأسر إرادتنا ومحو أيّ بريق من أمل المقاومة ضدّ التغوّل والتنمّر والتوحش الغربي.
عشرات البلايين تبذل بسخاء على المتع والملذات والشذوذ الرغائبي والنزوات العفنة، فيما الشعوب تتضوّر جوعاً والبنى التحتية في حالة يُّرثى لها، والأمية تستشري والأمراض تتفشّى والتنمية في حالة صفرية والتصحّر يبلع الأرض والأمن الغذائي يتلاشى، والأمن القومي في مهبّ الريح والأمن المائي يتبخّر…
الثروات التي تدفقت مع تدفق الذهب الأسود منذ مئة عام تنفق لقتل الأمة، ولمحاربة دين الأمة، ولخدمة ألدّ أعداء الأمة، ولتكريس تبعية الأمة واستلاب إرادتها، هل كان محمد يعلم ذلك؟ لست أدري…
سميح التايه