دبوس
ربع تريليون دولار
تكلفة المونديال في قطر هي ربع تريليون دولار، 250 بليون دولار، فقط لا غير، هل سيغطي المردود المتوقع كلّ هذه المصروفات، بالتأكيد لا، ولكن من قال إنّ إمارة قطر تبحث وتتطلّع الى الربح المادي، هي تبحث عن تحقيق الذات دولياً، والتموضع في منطقة الدول الرائدة بالرغم من ضآلة حجمها، ولكن لسوء طالعها، واكبت الشهور الفائتة، حملة أدّت الى تقويض تلك المطامح الأميرية، بتظهير «بريستيج» الإمارة، بعض منها توجه نحو إدانتها بسبب موقفها كدولة إسلامية من المثلية، وبعض آخر، سلّط الضوء على الممارسات غير الإنسانية إزاء آلاف العمال الذين تقاطروا نحو الإمارة للعمل في مشاريع البناء الخاصة بالمونديال، بغضّ النظر عن المظلومية التي ألحقت بالإمارة في مكان ما، إلّا انّ السؤال الذي يفرض نفسه هو ما هي آلية اتخاذ القرار في هذا النمط من التجمعات البشرية، كيف يتخذ قرار صرف ربع تريليون دولار هكذا…؟
قبل ذلك خرج علينا، وكنا نعلم، ولكنه أفصح عن الحقيقة على رؤوس الأشهاد، رئيس وزراء الإمارة الأسبق حمد بن جاسم، وقال لا فضّ فوه بأنّ إمارته أنفقت 137 بليون دولار للمساهمة في تدمير سورية وقتل شعبها، من يتخذ قرارات الصرف هذه، وكيف تتخذ هذه القرارات؟ كيانات في أدنى صور التجمعات البشرية، بيولوجياً كالأميبا، في حالة من الوجود الأحيائي البالغ التخلف، عائلات وضعت قسراً لتحكم على رأس تجمّع بشري، تستحوذ على كلّ مقدرات هذا التجمّع في مساحة جغرافية معينة، لا تمرّ القرارات عبر ايّ جسم إداري معيّن، الحاكم يملك كلّ شيء، وبصورة مطلقة، هو الطاعم الكاسي، والناس رعاع يعيشون في ظلال الحاكم، إنْ شاء أعطى، وإنْ شاء منع، والقرار في الصرف بين يديه لا ينازعه فيه أحد، ثم نتساءل بعد ذلك لماذا نحن في قاع سلّم الإنسانية في كافة الأصعدة، وبكل المعايير!
سميح التايه