نافذة ضوء
القومية الاجتماعية فلسفة لإنقاذ الفرد والأمة والعالم
} يوسف المسمار*
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تأسس لإنقاذ الأمة من حالة الويل الى حالة العافية، ومن حالة التخلف الى حالة التقدم، ومن حالة الخراب الى حالة النهضة كان وما زال وسيبقى وفياً لمبادئه وأهدافه وغايته.
وقد مارس ويمارس وسيبقى يمارس مسؤولية ومهام الإنقاذ الى ان تنفض الأمة غبار خمول القرون المظلمة، وتضع حداً لعهود المظالم والآلام، وتحقق نهضتها في جميع مجالات وميادين الحياة لتحتل مكانها اللائق بين الأمم الحيّة.
إنه ملاذ حياة الذين يريدون الحياة بالعز. وأعظم مهام أعضائه الصالحين المتفوقين في الوعي والجهاد هي إنقاذ بنات وأبناء أمتهم من التخلف والفوضى، وإصلاحهم بالفكر الحكيم، والمناقب الراقية ولو كانوا لحزبنا مبغضين وعلى أعضائه حاقدين.
إنه حركة إنقاذ الشعب من التفتت، وإنقاذ أرض الوطن من الاغتصاب والاحتلال. وإنقاذ الجيل الحاضر واجيال المستقبل من الهوان والتشرد والتهجير والقهر.
ولذلك سنبقى رواد وطلائع مسيرة السلام الأخوي والأهلي في جميع كيانات الأمة، وجميع المجتمعات العربية وفي العالم.
نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي جنود هذه المسيرة الذين بحكم وعيهم واستشرافهم وأخلاقيتهم القومية الاجتماعية مسؤولون عن زرع المحبة والرحمة والأخوة والعدالة بين جميع المواطنين أصدقاء كانوا او أخصاماً وفي جميع المجتمعات.
إننا منذ تأسيس حزبنا وانتمائنا كنا ونبقى وسنبقى جنود الأمة في التصدي للغزاة والأعداء والمستعمرين الطغاة. جنود فلسطين ولبنان. جنود الشام والعراق. جنود الأردن والكويت وكل بلدان عالمنا العربي، ولن تخدعنا أضاليل اليهود الصهاينة، ولا تخيفنا أساطيل الولايات الصهيوأميركية وحلفائها والمأمورين بأمرتها مهما ازدادت تحشدات الجيوش في الخليج وغير الخليج، ومهما تطوّرت معدات الحرب والدمار وتضخمت وسائل الإعلام والتهويل والتضليل.
ففلسطين أرضنا التي لا يكتمل وطننا إلا بتحريرها كاملة، ولا تستقيم حريتنا الا بتحرير شعبنا كله، ولا تتم عزتنا إلا باستعادة كل من تشرّد او تهجّر او أُبعد من أبنائها.
لقد أجبرت الحكومة الصهيواميركية اكبر عدد ممكن من حكومات الدول بجريمة اغتيال وجودنا في العراق حتى خلا العالم من وجود صوت يستنكر جريمة اغتيال الشعوب، وكذلك كانت مؤامرة حكومة الصهيواميركية على الجمهورية العربية السورية فصلاً آخر من فصول تدمير أمتنا والقضاء علينا واغتصاب أرضنا لصالح دولة «اسرائيل» على كامل بلاد الشام والرافدين، لأن غاية أعدائنا أنه غير مسموح أن ينشأ على أرض الهلال السوري الخصيب أي نظام قومي اجتماعي سليم، او تلوح في الأفق أية بادرة تبشر بأمكانية عودة الروح والحياة الى أمتنا والتي أدرك أعداؤنا الغزاة منذ ما قبل الاسكندر المقدوني أن السيطرة على العالم لا تتحقق ولا تستقيم ولا تستقرّ إلا بالسيطرة على موقع سورية الاستراتيجي وشعبها العظيمين.
وكما دمّروا دولة العراق حاولو أيضاً أن يدمّروا دولة الجمهورية العربية السورية، ومكائدهم مستمرة لضرب كل براعم النمو في العراق والشام، ولبنان وفلسطين، والكويت وسائر بلدان العالم العربي، ولن ينجو من مؤامراتهم وخططهم أحد في بلادنا.
نحن في بلاد العالم العربي مستهدفون ولن ينقذنا من عدوانهم ومؤامراتهم الا الاعتماد على انفسنا، وبناء قوتنا، والتصدي لكل المؤامرات، وتفعيل قوة مقاومتنا حتى تصل الى مستوى الهجوم على أعدائنا والقضاء عليهم قبل أن يقضوا علينا.
لقد تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي ليوقظ الامة لتنهض وتقوى، وتسعى وتتجه الى قيام الجبهة العربية لتكون سداً منيعاً في وجه المطامع والجشع الاستعماري العدواني، وتصدّ مسلسل الكوارث والويلات عن أنفسنا وبلادنا وتاريخنا كي لا يأتي اليوم الذي نجد فيه انفسنا ضعافاً عاجزين عن مواجهة الذين يريدون بنا شراً ويغتصبون بلادنا من تحت اقدامنا.
إن محبة السوريين القوميين الاجتماعيين لأمتهم وعزتها، وأبناء أمتهم وقد ملأ قلوبهم بحيث لم تعد تتسع القلوب لبغض أحد من أبناء شعبهم مدنيين وغير مدنيين، ودينيين وغير دينيين، وعلمانيين وغير علمانيين. وستظل دعوتنا لهم هي الى العقيدة الجامعة الخيّرة القائمة على المحبة والرحمة والإخاء القومي الاجتماعي والعدالة الانسانية لنتخلص جميعاً من الحالة التي نحن فيها، ولنسلم من الهلاك وتسلم أجيالنا القادمة فنساعد على إنقاذ العالم من ويلات مفاهيم الشر والفساد ونضع حداً لمظالم الغزاة والطغاة الظالمين.
ولذلك نقول وبأعلى صوتنا، وبقين وإيمان مطلق لمجتمعنا في بلاد الشام والرافدين ولمجتمعات العالم العربي باعتناق مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي التي لم توضع للمجتمع السوري وحسب بل لكل مجتمع من المجتمعات العربية، وفوق ذلك لكل مجتمع يعشق بأن يحقق نهضة صحيحة وينهض بنفسه ليصبح قادراً على النهوض بغيره. لأن رسالته الصالحة الكبرى هي إيقاظ الوجدان الاجتماعي في كل امة والتأكيد على ذاتيتها العامة، وتحقيق الخير العام، والقضاء على تفسخاتها بين أكثريات وأقليات، وأديان وطوائف وملل ومذاهب، واتنيات وفئويات لأن الأكثرية الصالحة تكون لمجموع الشعب كله، والدين الصالح لا يفرّق في توجهه وهدايته، بل هو لجميع الناس لأن الخالق واحد وتعاليمه لتحسين حياة الناس أجمعين، والمذهب السليم لا يكفّر أحداً ولا يحتكر الخير لذاته. والاتنية الراقية لا تعمل الا لارتقاء وتقدم الجميع.
هذه هي فلسفة العقيدة القومية الاجتماعية التي عرّفها انطون سعاده بهذا الكلام الواضح البليغ:
«نعرّف العقيدة بأنها قومية اجتماعية فهي قومية لأنها تقول بالأمة والولاء القومي. وهي اجتماعية لأن غايتها الإجتماع الإنساني – المجتمع، وحقيقته، ونموه وحياته المثلى. والمجتمع الأكبر والأمثل هو الأمة، وقد جاء في التعاليم: «أمة واحدة – مجتمع واحد».
وأي عقيدة أو فلسفة يكون لها معنى وقيمة في مستقبل هذا العالم إن لم تقل بوحدة الأمة والولاء القومي لها، وان لم تكن غايتها الاجتماع الانساني والعمل من أجل نموه وخيره وحياته المثلى؟
وايّ عالم جديد حضاري يمكن أن ينشأ في المستقبل اذا سقطت غاية الاجتماع الإنساني في مجتمعه وارتقاء حياته فتناثر أبناؤه وشتتتهم رياح البغضاء وتلاشى تاريخه وحضارته؟
وأي فرد يمكن أن تكون له قيمة اذا انعدم مجتمعه الذي هو رحم وجوده، وبيئة بروز شخصيته والضامن لخلوده؟
وأي مجتمع يمكن أن يبقى إذا تناثر أبناؤه وطواهم العدم؟
وأي عالم مستقبلي جديد أكمل وأجمل وأمثل يمكن ان نصل اليه إذا انقرضت مجتمعاته وتحولت الى غبار يتطاير ويتراكم فوق مقابر التاريخ؟
هذه هي ملامح فلسفة القومية الاجتماعية التي تنعش وتحيي وتنمّي الفرد، والأمة، والعالم. ولا يمكن أن يقوم العالم الأجود على انقراض الأمم، او تقوم الأمم على خراب أبنائها، او يرتقي ابناء الأمم على دمار أممهم وأوطانهم، أو يكون للأمة قيمة عليا في الحياة ان لم تعمل وتنتج وتبدع في سبيل نشوء عالم جديد حضاري، وقيم جديدة راقية، وأخلاق إنسانية سامية.
*شاعر وباحث مقيم في البرازيل.