فلسطين لا تنتظر أحداً
الأكيد أن الشبان الفلسطينيين الذين نفذوا عملية القدس النوعية، هم جزء من هذا الجيل الجديد الذي يضم شباباً يخرجون كل يوم بجديد نوعي في مقاومة الاحتلال، ويبتكرون ويبدعون ويحققون الإنجازات في هز أمن الكيان وإرباك مخابراته وجيشه وجعله ينزف، ويبكي فشله، ويندب عجزه، ويعترف بوجود المأزق التاريخي الذي يضغط على صناع القرار فيه، حيث يستحيل التقدم نحو الحرب ويستحيل الذهاب إلى التسوية.
هذا الجيل الفلسطيني الجديد هو جيل الألفية التي راهن الأميركي ومعه الإسرائيلي والكثير من الحكومات العربية، أنه جيل العولمة حيث لا قضايا ولا عقائد ولا أوطان. كما راهنوا أن الألفية الجديدة ستشهد في بدايتها تصفية القضية الفلسطينية وانتشار التطبيع العربي مع كيان الاحتلال.
مفاجأة الجيل الفلسطيني الجديد، توازيها مفاجأة الرأي العام العربي الذي اعترف مراسلو القنوات الإسرائيلية الذين ذهبوا لاستثمار مونديال قطر وتظهير مناخ التطبيع، بأنه رأي عام لا يزال معادياً للكيان رافضاً للتطبيع، فيضاف في رصيد الكيان على الفشل فشل وعلى الإحباط إحباط.
النقاش في كيفية تفكير هؤلاء الشباب الفلسطينيين لا يستطيع مجافاة معادلة أنهم قرروا ألا ينتظروا أحداً، فهم لن ينتظروا موفقاً عربياً ولا دعماً عربياً، ولم يعد يعنيهم من يطبّع ومن لا يطبّع. فالقضية قضيتهم وقد قرروا أخذها بين أيديهم، وهم لن ينتظروا مصير مشاريع التفاوض وقد سئموا انتظارها سنوات لم تجلب إلا المزيد من الاستيطان والمزيد من تهويد القدس والمزيد من القتل والاعتقال. وهم لن ينتظروا فصائل المقاومة وقد قرروا أن يفرضوا جدول أعمالهم بمن فيهم المنتمون لهذه الفصائل، فيضربون كلما توفرت لهم ظروف والإمكانات المتاحة، فلا ينتظرون قراراً ولا ينتظرون سلاحاً، وأطلقوا بذلك ديناميكية خلقت سيف القدس الأول وسوف تخلق سيف القدس الثاني.
ما يجري في فلسطين من بطولة وعبقرية في آن واحد منذ الفرار من سجن جلبوع إلى عملية القدس، يقول إن الشعب الفلسطيني سيفرض إيقاع المنطقة كلها، وقد ثبت أنه عندما يستعيد المقاومون زمام المبادرة فإن الشارع العربي يصير شارعهم.
التعليق السياسي