مانشيت

سباق تركي أميركي على التفاهم مع الدولة السورية… ومساع روسية على الجبهتين / سجال عون وميقاتي حول التجنيس… وإبراهيم يلوّح بالملاحقة القضائية لتسريبات بيطار/ لوبي حقوقي ينجح بتعليق قانون الشفافية الأوروبي… وفاينانشال تايمز: سلامة أول المستفيدين/

كتب المحرر السياسي
حملت التطورات شمال سورية جديداً سياسياً بعد التسخين العسكري الذي بدأه الرئيس التركي على خلفية تحميله الجماعات الكردية المسلحة العاملة تحت الرعاية الأميركية مسؤولية التفجير الإرهابي في اسطنبول، وتلاه بكلام سياسي عن مصالحة تركية سورية بتصريح علني، كان محور مبادرة روسية دائمة تبلورت في الأيام الأخيرة بخطوات عملية تقترحها روسيا تتضمن انسحاب الوحدات العسكرية الكردية من عين العرب وتل رفعت ومنبج وتولي الجيش السوري المسؤولية الحصرية عنها عسكرياً وعن خط الحدود مع تركيا، مقابل التزام تركيا بقواعد احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها والإعلان عن الاستعداد للانسحاب من الأراضي السورية بالتزامن مع تحقيق الشروط الضامنة لأمنها من الجانب السوري، وتمهيد الطريق لتطبيع العلاقات بين البلدين وفتح المفاوضات المباشرة على أرضية اتفاقية أضنة. وبالتوازي كان مبعوث الرئيس الروسي في سورية الكسندر لافرنتيف يتحدّث عن آفاق لم تظهر بعد لحوار روسي أميركي حول سورية، بعدما تم تعليق الاتصالات من الجانب الأميركي، وكلام لافرنتيف جاء على خلفية أحاديث أميركية متصاعدة عن لاجدوى البقاء في سورية، والحاجة للتفاهم مع الدولة السورية، كما قال في مقالات مختلفة كل من الدبلوماسي السابق جيفري فيلتمان والسفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد، والمستشار السياسي للقوات الأميركية في العراق وسورية كريستوفر الخوري، وتبدو قيادة الجماعات الكردية التي أضاعت فرص الحوار والتفاهم مع دمشق عدة مرات، الخاسر الأكبر من تفاهمات مباشرة سورية تركية وسورية أميركية برعاية روسية، كانت معروضة عليها ولم تنجح بتلقفها، كما تقول المصادر الروسية.
لبنانياً، لفت الانتباه ما نشرته صحيفة الفايننشال تايمز في عدد أمس عن تطورات أوروبية قضائية تمثلت بنجاح لوبيات حقوقية باستصدار حكم قضائي بتعليق أحكام نشر قاعدة بيانات الشركات والأعمال تحت عنوان الشفافية وحق الوصول الى المعلومات، تحت شعار حماية حقوق الخصوصية، وقالت الفايننشال تايمز، إن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يعتبر من أول المستفيدين من هذا التعليق، انطلاقاً من كون نشر قواعد البيانات كان المدخل الذي استندت إليه جماعات حقوقية في فتح ملف تبييض الأموال بحقه أمام عدد من المحاكم الأوروبية.
لبنانياً، على الصعيد السياسي لوّح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم باللجوء الى الملاحقة القضائية بحق الذين يخوضون معركة تستهدفه، على خلفية تداول معلومات مسرّبة على لسان المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت طارق بيطار، تتهم إبراهيم بالتورط ببيع الأمونيوم وتحويل المبالغ الى حساب إماراتي يخصه، بينما اندلع سجال حاد بين الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عقب كلام ميقاتي عن ملف التجنيس واتهام رئيس الجمهورية وفريقه بالسعي لتجنيس الآلاف دون معايير قانونية وردّ عون عليه لجهة أن الرقم مبالغ به وأن هناك معايير تم وضعها وأن اللوائح كانت سوف تخضع لتدقيق الأمن العام والأحوال الشخصية في وزارة الداخلية.

فيما ينشغل اللبنانيون كسائر شعوب العالم بمشاهدة مباريات مونديال 2022 لكرة القدم في قطر، ويستعدون لاستقبال أعياد الميلاد ورأس السنة، يمضي أركان الدولة ومسؤولوها ومؤسساتها في تضييع الوقت وملء الشغور في سدة الرئاسة والفراغ الحكومي بسجالات سياسية عقيمة واتهامات متبادلة مبتذلة وقرارات مالية ومصرفية واجتماعية مجحفة واعتباطية وعشوائية، لن تؤدي إلا إلى مزيد من تفاقم الأزمات وإفقار الموظفين والمواطنين عموماً، وسط مخاطر تحذر منها مراجع سياسية واقتصادية ومالية في الاجتماعات المغلقة من وصول ارتفاع نسب الفقر والجوع والجرائم على أنواعها في المقبل من الأيام واقتراب البلاد من حافة الانهيار الأوسع والانفجار الأخطر في أول أشهر العام المقبل، في ضوء تحذير وزيري الشؤون الاجتماعية والمهجّرين من مخاطر أزمة النزوح على كافة الصعد في الداخل واقتراب نارها من أوروبا قريباً.
وفقدت ساحة النجمة بريقها بعدما تحوّلت جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس إلى مسرحيات متكررة ملّ منها اللبنانيون الذين يستمتعون بمشاهدة مباريات المونديال بعيداً عن متاعب السياسة والهموم المعيشية، إذا لم يسجل مطلع الأسبوع ما يشي بتغير ما في جلسة الخميس المقبل التي ستكرّر نتيجة الجلسات الماضية. ويجري البحث بين بعض القوى السياسية بأسماء مرشحين ويجري تداولها في السوق الرئاسي لكنها غير جدية، إلا أن معلومات “البناء” تؤكد بأن لا رئيس في ما تبقى من العام الحالي، على أن تعقد جلسة أخيرة في هذا العام ويتوقف رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الدعوة الى جلسات وينصرف الى مروحة اتصالات ولقاءات وحوارات فردية وثنائية وثلاثية في محاولة لتجسير الهوة بين الأطراف السياسية. وقد يتضمن هذا الحوار طرح أسماء على الكتل تستطيع تأمين نصاب الانعقاد والأغلبية للانتخاب. ووفق المعلومات، فإن الأسماء الثلاثة المتداولة بجدية حتى الساعة هم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والوزير السابق زياد بارود وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
ويتمسك الرئيس بري وفق ما نقلت عنه مصادر نيابية لـ”البناء” بنصاب الثلثين لانتخاب الرئيس لكي لا يتجاوز الميثاقية والشراكة الوطنية ولكي لا تنفرد أي طائفة أو فريق بفرض مرشح على الطائفة الأخرى، على الرغم من انتقاد البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته الأخيرة، عدم إكمال دورة الاقتراع الثانية في الجلسات النيابية لانتخاب الرئيس.
في المقابل توضح مصادر فريق المقاومة لـ”البناء” أن “المواصفات التي يطلبها حزب الله في المرشحين للرئاسة غير تعجيزية وغريبة بل هي طبيعية في بلد كلبنان تحكمه التوازنات السياسية والطائفية والتسويات والمؤثرات الخارجية، ولذلك نتمسك بأن يكون الرئيس المقبل وطنياً ويملك قراره المستقل، ولا يخضع للضغوط والإملاءات الخارجية التي تستهدف البلد وإمكاناته وعناصر قوته وعلى رأسها المقاومة”.
وتشدّد المصادر على أن “تصويت كتلة الوفاء للمقاومة والكتل الحليفة بورقة بيضاء لا يخفي نية بتعطيل الاستحقاق الرئاسي أو انتظار الخارج وحساباته، بل لتجنب الطروحات التصعيدية ومرشحي التحدي. وهذا ما يعطل الحوار والانتخاب في آن معاً،ـ لذلك نحن بالورقة البيضاء ننتظر الحوار ونعطي الوسطاء فرصة للتوفيق بين الكتل للاتفاق على مرشح معين لانتخابه، لكن الطرف الآخر مصرّ على مرشح تحدٍّ يعلم انعدام حظوظه في سبع جلسات، ما يعني أن هذا الفريق ينتظر مؤشرات وإشارات خارجية لكي يتحرك على أساسها باتجاه تسوية كما حصل في تسويات سابقة حيث تنازل رئيس حزب القوات سمير جعجع عن ترشيحه وعقد تسوية مع التيار الوطني الحر أدّت الى انتخاب الرئيس ميشال عون».
ولفت وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري رداً على سؤال حول إمكانية حصول إبرام تسوية مع “القوات اللبنانية»، الى أن “كل شيء وارد”، ونحن نتمنى ان يكون هناك تفاهم مع التيار “الوطني الحر”. مشيراً الى أن فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون هما مرشحَان جديَان لرئاسة الجمهورية.
وفيما تتجه الأنظار الى القمة التي ستجمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أن يحضر الملف اللبناني عموماً بنقاشهما في ملفات عدة، في إطار الحراك الفرنسي في هذا السياق، تلفت أوساط نيابية مطلعة على الموقف السعودي في لبنان لـ”البناء” الى أن المملكة لم تعلن أي موقف بشأن الاستحقاق الرئاسي ولم تعلن تأييدها أو انحيازها لأي مرشح دون غيره، وبالتالي لا تؤيّد فرنجية ولا تضع فيتو عليه ولا تؤيد قائد الجيش أو غيره، بل ما يهمّها أن يتفق اللبنانيون أولاً، وأن تكون سياسة وتوجّهات المرشح واضحة لا لبس فيها، وأهمها شخصية سيادية وتتمسك باتفاق الطائف والإصلاحات ولا تخضع لنفوذ أطراف سياسية تملك مشاريع خارجية أبعد من لبنان، ولا تغطي تهديد أمن السعودية ودول الخليج والمحيط العربي. وهذه المواصفات التي تدفع القيادة السعودية لدعم أي تسوية رئاسية وحكومية لدعم لبنان مالياً واقتصادياً”.
وقبل أيام من الجلسة الثامنة وقد تكون ما قبل الأخيرة في هذا العام، جال وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة النائب مارك تاكاتو وعضوية النائبين كولن الريد وكاتي بورتر على المسؤولين اللبنانيين، حيث أكد الوفد أهمية انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي والمضي بالإصلاحات.
وبعد زيارته السراي، حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، هنأ الوفد الحكومة على “جهودها في إنجاز مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي والتي أحيلت الى مجلس النواب متمنياً الإسراع في إقرارها”. وشدّد “على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية”. والتقى الوفد الرئيس بري في عين التينة بحضور السفيرة الأميركية.
الى ذلك رأى عضو كتلة “التّنمية والتّحرير” النّائب قبلان قبلان، أنه “لا يبدو بالأفق أننا ذاهبون في القريب العاجل إلى انتخاب رئيس جمهورية”. وقال للأطراف الأخرى: “إذا كنتم تريدون الخروج من هذه الأزمة، تعالوا كي نتفق على صيغة إعادة التوازن السياسي في البلد وما زالت الآذان صماء”. وأعرب عن خشيته أن “يطول هذا الفراغ، وهذا استمرار في ضرب ما تبقى من مقومات في هذا البلد”.
ولفت قبلان الى أن أحد أسباب عرقلة انتخاب الرئيس هي خارجية “الحصار والعقوبات والضغط، وكل المحاولات التي جرت خلال السنوات الماضية من أجل أن يقدم لبنان تنازلات سياسية لا يستطيع لبنان أن يقدمها، وهو أعجز من أن يقدم تنازلات على مستوى السياسة كما هو مطلوب، فذهب الضغط نحو المواطن اقتصادياً واجتماعياً ومالياً بعقوبات طالت كل القطاعات، حتى يصل إلى مرحلة يعجز فيها عن التحمل وتوضع على طاولة المفاوضات ورقة الشروط السياسية، التي يجب أن يلتزمها لبنان حتى يستطيع الخروج من هذه الأزمة”.
ووفق ما تقول أوساط سياسية لـ”البناء” فإن لا رئيس للجمهورية قبل تبلور المشهد في المنطقة، وقبل عقد تسوية سياسية بين قوى خارجية مؤثرة في لبنان وتجري ترجمتها في الداخل على شكل تفاهم بين قوى سياسية وكتل نيابية بانتخاب رئيس، لكن الأميركيين ومحورهم لن يقدموا الورقة الانتخابية للقوى الأخرى على طبق من فضة، بل إن الضغط السياسي والاقتصادي سيشتدّ خلال الأشهر المقبلة على لبنان وقوى المقاومة لفرض تنازلات معنية في أي تسوية رئاسية مقبلة، على صعيد رئيس الحكومة وطبيعة الحكومة وسياساتها وقراراتها السيادية والمالية والاقتصادية.
وأطلق وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار، تحذيراً للجميع بتداعيات أزمة النزوح في لبنان ودول أخرى ساهمت في تهجير السوريين بالحرب وفي بقائهم في لبنان أكثر من عشر سنوات.
وقال حجار: “يبدو أننا أمام توجّه عام لإبقاء النازحين رهينة لقرار معين بانتظار أن يحين وقت استخدامهم باتجاهات معينة في المنطقة”. وتوجه خلال حديث لقناة “الحرة” الى الأمم المتحدة ودول أوروبا “الذي اعتبر انها تساهم بهذا القرار” قائلاً: “النازحون قنبلة موقوتة ستصبح عندكم، سيأتي يوم يعجز فيه هؤلاء عن العيش في لبنان فيخرجون من البحر الممتدّ في لبنان بطول 210 كيلومترات ويذهبون نحوكم وعندها ستفهمون ما نشكو منه اليوم، لذلك تعالوا نتعاون”.
الى ذلك، وبعد دخول قانون موازنة العام 2022 حيّز التنفيذ منتصف الشهر الحالي، بدأت خفايا بنوده تتظهر الى العلن، لا سيما بند ضريبة الدخل على رواتب الموظفين الذين يقبضون بالدولار والتي تصل الى 25 في المئة، وساوت بين الموظفين والتجار. ويوضح الخبراء الاقتصاديون أن هذه الضريبة ستكون تصاعدية ومن خلال الشطور وتبدأ نسبتها من 2 في المئة وتتصاعد تدريجياً لتصل الى 25، فقيمة راتب 1000 دولار نسبة الضريبة ستكون حوالي 1800 ألف ليرة أي 60 دولاراً على دولار منصة صيرفة. وتتضمن الموازنة ضرائب مختلفة ستزيد في الأعباء التي سيتكبّدها المواطنون لا سيما ذوي الدخل المحدود، في ظل الارتفاع الإضافي اليومي لأسعار المحروقات على أنواعها وسعر صرف الدولار الذي يتجه نحو 40100 ليرة وفق الخبراء خلال أيام إذا لم يتدخل مصرف لبنان للجمه.
ولم يسلم مونديال العام 2018 من الفساد في ظل تساؤلات عن مصير 5 ملايين دولار ضائعة لم يعرف طبيعة ووجهة صرفها، من مبلغ 10 ملايين دولار دفع لشركة أجنبية لنقل المونديال، في حكومة الرئيس سعد الحريري وتولي وزير الإعلام آنذاك ملحم رياشي الذي نفى علمه بهذا المبلغ ولا اللجنة التي كانت معنية حينها بهذا الملف، وضمت الى جانب الحريري ورياشي الوزير جمال الجراح.
وفي ملاعب قطر حيث تجرى مباريات المونديال، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية، فيديوات عدّة لتعرض الصحافيين الصهاينة للإحراج وللإهانة في بعض الأحيان، خلال محاولتهم إجراء لقاءات صحافية مع المشجّعين العرب.
وعلق نائب الأمين العام لحزب الله، الشّيخ نعيم قاسم، على هذا الأمر مشيراً إلى أنّ “مشهد المواطنين العرب في مونديال قطر يرفضون المقابلات مع المراسلين الإسرائيليّين، مؤشّرٌ على رفض الشّعوب لتطبيع الأنظمة مع العدو”.
وأكّد، في تصريح على مواقع التّواصل الاجتماعي، أنّ “مقاومة الشّباب للتّطبيع، تعبير عن الرّفض البنيوي لوجود الكيان الإسرائيلي في منطقتنا”، مشدّدًا على أنّ “تظافر جهود المقاومة العسكريّة والثّقافيّة والإعلاميّة والشّبابيّة، تحقّق النّصر والتّحرير لفلسطين الحبيبة”.

Related Articles

Back to top button