مأزق نتنياهو

– يظهر بنيامين نتنياهو وكأنه يسرج الكيان للغة الحربية عبر تبنيه فكرة حكومية يمنية خالصة، يقدم ضمنها لجماعات التطرف الديني حقائب أساسية وصلاحيات استثنائية، مثل وزارة الأمن الداخلي ووزارة المالية ومعهما الإشراف على حرس الحدود في الضفة الغربية وحق تسليح ميليشيا من المسرّحين من الجيش والشرطة من المستوطنين، والإشراف على الإدارة المدنية التي تتولى منح وحجب تراخيص البناء وتخطيط محطات الكهرباء والمياه وسواها من العناصر المفصلية في عملية الاستيطان وبناء المستوطنات من جهة، وفي الحصار على البلدات والمدن الفلسطينية من جهة موازية.
– عملياً يعرف نتنياهو أن ما يفعله قد يخيف فريقين لا علاقة لهما بالطرف الذي يفترض أنه يريد منه أن يخاف، الخائف الأول هو خصوم نتنياهو في الداخل الإسرائيلي ومعهم الدولة العميقة للكيان التي يمثلها الجيش وأجهزة المخابرات، الذي يرون في تسليم دولتهم ومؤسساتها لجماعات التطرف إعلان وفاتها، ويرون في ذلك إعلان إشعال حرب مفتوحة بلا ضوابط مع الفلسطينيين سرعان ما تتولى جذب الأغلبية الشعبية الفلسطينية الى جبهتها، عندما يبدأ القتل على الهوية، وتخرج قطعان المستوطنين المسلحين الى الطرقات وربما تقصد المسجد الأقصى تعيث فيه فساداً وتخريباً، والطرف الثاني المذعور هو الهيئات الداعمة لكيان الاحتلال في الغرب، سواء المؤسسات الحكومية والمنظمات الدبلوماسية والأطر العسكرية والجيوش في الدول التي تتبنى الكيان، وخصوصاً أميركا وبريطانيا، وبالتوازي الهيئات اليهودية العالمية الداعمة للكيان، وكل منهما يخشى أن يؤدي تهور نتنياهو بتشكيل حكومة من الحمقى فتحاً لأبواب جهنم على الكيان بالمقدار ذاته ما يرغب أصحابها بأن تفتح هذه الأبواب على الفلسطينيين.
– الفلسطينيون ينظرون لما يجري باعتباره إعلان إفلاس مؤسسات الدولة الصهيونية التي حاولت تغليف القتل بالقانون، وهي اليوم تعود لعقل العصابة التي أسست الكيان، ويرون أن ما يجري علامة على صحة وصواب خيار المقاومة وانسداد باب السياسة مع الكيان، وفرصة للتخلص من آثام اتفاق أوسلو وبدعة التنسيق الأمني. وفي فصائل المقاومة تقدير الموقف يقول إن موجة مواجهة كبرى مقبلة يجب الاستعداد لها، وسيف القدس في الذاكرة وكان نتنياهو رئيساً للحكومة، ويسألون ما هو الشيء الذي يستطيع فعله ولم يفعله يومها وسوف يفعله هذه المرة؟

التعليق السياسي