لاستراتيجية مقاومة تحبط استراتيجية الاحتلال وعملائه في اغتيال المقاومين
حسن حردان
شكل تصاعد المقاومة المسلحة ضدّ قوات الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ولا يزال، مفاجأة لكيان العدو، وتحدياً كبيراً لاحتلاله، كون هذه المقاومة تتخذ طابعاً واسعاً وترتكز إلى احتضان شعبي، مما يجعلها حسب المسؤولين الإسرائيليين “خطراً وتحدياً كبيراً أمام الاحتلال، في ظلّ تزايد العمليات الفلسطينية، والإرادة الشعبية لمناهضة الاحتلال، والدعوات المستمرة إليها”.
وفي الوقت الذي انشغل قادة أجهزة الأمن “الإسرائيلية” في وضع الخطط لمواجهة هذا التحدّي الكبير، ووضع استراتيجية مواجهة المقاومة عبر شنّ الهجمات والعمليات الخاصة المباغتة التي تستهدف كوادر المقاومة وأبرز رموزها في نابلس وجنين، ونجحت في اغتيال عدد منهم، بالتعاون مع عملائها الذين نظمتهم ليكونوا عين وأذن الاحتلال في التجسّس ومراقبة حركة المقاومين، فإنّ قيادات المقاومة الجديدة مدعوّة لاعتماد استراتيجية مقابلة تحبط فيها استراتيجية العدو وتحول دون نجاحها في النيل من كوادر المقاومة الشبابية.. الذين وانْ كان استشهاد بعضهم سيدفع بالعشرات من الشباب إلى السير على دربهم، إلا انّ فقدانهم في وقت مبكر سيترك أثراً سلبياً على تطور المقاومة المسلحة الوليدة للتوّ، والتي تحتاج الى أن يقوى عودها والتجذر أكثر في أساليب مقاومة الاحتلال وبناء بنيتها القوية التي تشكل أساس استمرار وديمومة المقاومة الشعبية المسلحة..
من هنا فإنّ القيادات الشابة للمقاومة تواجه تحدّيين أساسيين في العمل على وضع استراتيجية في مقابل استراتيجية الاحتلال:
التحدي الأول، مواجهة خطر العملاء الذين جنّدتهم وزرعتهم أجهزة أمن الاحتلال في وسط البيئة الشعبية التي تنشأ فيها المقاومة ويتحرك ويتنقل فيها كوادرها..
التحدي الثاني، الارتقاء بنضال المقاومة إلى المستوى الذي حققته مقاومات الشعوب الظافرة التي نجحت في ابتكار أساليب المقاومة الشعبية المسلحة، وإحباط استراتيجيات الاحتلال للقضاء عليها..
على صعيد التحدي الأول، فإنّ ما هو مطلوب حملة شعبية تجرّم التعامل مع العدو وتنبذ العملاء وتشهّر بهم، وصولاً إلى إعدام العملاء الخطيرين ليكونوا عبرة لمن يفكر في السير على دربهم..
اما بالنسبة إلى التحدي الثاني، فإنّ المقاومة الجديدة مدعوة إلى الاستفادة من تجربة المقاومات المسلحة ضدّ الاحتلال، لا سيما المقاومة الفيتنامية ضدّ المحتلّ الأميركي، في اتباع أساليب النضال السري في المقاومة، حتى في وسط البيئة الشعبية المساندة للمقاومة، وذلك بالابتعاد عن كلّ مظاهر النشاط العلني، ولجوء المقاومين إلى التخفي في أماكن سرية بعيداً عن أعين الاحتلال والعملاء، وفي نفس الوقت مراقبة حركة العملاء لإحباط أهدافهم…
انّ ما جرى من اغتيالات لقيادات من المقاومة والتي كان آخرها نجاح قوة صهيونية خاصة في اغتيال قياديين في جنين، لم يكن ممكناً من دون تعاون بعض العملاء مع العدو وتزويدهم له بالمعلومات عن حركة وأماكن تواجد المقاومين.. وهو ما حصل سابقاً في نابلس عندما نجحت قوة صهيونية بالتسلل واغتيال قيادات من “عرين الأسود”.. مما يؤكد وجود ثغرات يجب العمل على سدّها اليوم قبل الغد..
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول انّ مواجهة خطر العملاء، وإحباط استراتيجية الاحتلال في اغتيال كوادر وقيادات المقاومة، إنما يستدعي سريعاً اعتماد استراتيجية تقوم على الاستفادة من مقاومات الشعوب ضدّ المحتلين وعملائهم..