9 وزراء يُعلنون عدم قبولهم بجلسة مجلس الوزراء اليوم ميقاتي: أقوم بواجبي وسبب الدعوة وجود ملفّات أساسيّة
استمر أمس، الانقسام الوازري والسياسي والحزبي حول دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجلس الوزراء إلى عقد جلسة اليوم الإثنين لبحث وإقرار جدول أعمال يتضمّن 25 بنداً. وفي هذا السياق، أعلن مساء أمس، 9 وزراء في حكومة تصريف الأعمال هم: عبد الله بو حبيب، هنري خوري، موريس سليم، أمين سلام، هكتور حجار، وليد فياض، وليد نصار، جورج بوشيكيان وعصام شرف الدين، عدم مشاركتهم في الجلسة وقالوا في بيان مُشترك “فاجأنا دولة رئيس الحكومة المستقيلة بدعوتنا لعقد جلسة لمجلس الوزراء بجدول أعمال فضفاض ومُتخبّط من 65 إلى 25 بنداً، فيما حكومتنا هي حكومة تصريف أعمال (بالمعنى الضيّق للكلمة) ولم تجتمع منذ اعتبارها مستقيلة في أيّار الماضي”.
واعتبروا “أننا أكثر المعنيين بقضايا الناس ومعالجتها ولا نعدم وسيلة لتحقيق ذلك وهي متوافرة دستوريّاً وقانونيّاً، خصوصاً أنّ موضوع المرضى والمستشفيات وغيره من الأمور المهمّة يُمكن حلّها من دون انعقاد مجلس وزراء كما تمّ سابقاً في مواضيع ملحّة ومهمّة. إلاّ أننا نحن ملزمون باحترام الدستور والحفاظ عليه وبعدم التعرّض لثوابت التوازن الوطني. وعليه نُعلن عدم موافقتنا وعدم قبولنا بجلسة مجلس الوزراء من منطلق دستوري وميثاقي كما عدم موافقتنا أو قبولنا بأيٍّ من قراراتها”.
وعزوا أسباب موقفهم إلى أنّ “المادّة 64 من الدستور واضحة لناحية عدم جواز الحكومة ممارسة صلاحيّاتها عندما تكون مستقيلة إلاّ بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال، وقد صدر مرسوم اعتبارها مستقيلة عن فخامة رئيس الجمهورية وبالتالي لا يجوز لها أن تجتمع”، مشيرين إلى أنّ “المادّة 62 من الدستور واضحة لناحية أنّ مجلس الوزراء مجتمعاً يُمارس صلاحيّات رئيس الجمهوريّة في حال شغور الموقع، وبالتالي لا يُمكن ممارسة هذه الصلاحيّات من قبل رئيس الحكومة وحده أو بغياب وزراء”.
أضافوا “وعليه فإنّ الدستور لا يسمح لحكومة تصريف أعمال أن تستلم صلاحيّات رئيس الجمهورية وهي فاقدة للصلاحيّات الدستوريّة وللثقة البرلمانيّة إذ لم تحظَ على ثقة المجلس النيابي الحالي”.
ولفتوا إلى أنه كان “قد تمّ الاتفاق والالتزام من قبل رئيس الحكومة ومكوّناتها بألاّ تُعقد أيّ جلسة لمجلس الوزراء إلاّ في حال توافر أمرين لازمين، أوّلهما وقوع حدثٍ طارئ وحدوث أمرٍ ضروري لا يُمكن مُعالجته إلاّ من خلال مجلس للوزراء، وثانيهما موافقة كلّ مكوِّنات الحكومة على ذلك؛ وهذا ما تمّ تأكيده والتعبير عنه من قبل رئيس الحكومة والمعنيين في مجلس النوّاب في جلسته المنعقدة بتاريخ 3/11/2022. والحال أنه ليس هناك أيّ أمرٍ طارئ وضروري لا يُمكن مُعالجته من دون مجلس الوزراء، كما أنه لم يتمّ لا التشاور ولا الموافقة، لا على البنود ولا على أصل الجلسة من الأساس”.
وتابعوا “معلوم أنه خلال فترة الشغور الرئاسي السابقة، مارست الحكومة الكاملة الصلاحيّات مسؤوليّاتها بطريقة صحيحة ومُنسجمة مع الدستور، فكان يتمّ إطلاع الوزراء على جدول الأعمال ومشاورتهم وكانت تتمّ موافقتهم على القرارات وتوقيعهم على المراسيم كونهم يُمارسون جميعهم صلاحيّات رئيس الجمهوريّة، فكيف هو الحال بحكومة تصريف أعمال، حيث لم يتمّ القيام بذلك، لا بل أكثر، نتخوّف من اعتماد أعراف وأساليب جديدة لا تأتلف مع النصّ الدستوري الواضح لجهة ممارسة مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيّات رئيس الجمهوريّة”.
وختموا “لا يُمكننا اعتبار الفراغ الرئاسي ومراكمته بفراغ حكومي أمراً طبيعيّاً في البلاد، والتعامل معه بشكل عاديّ ميثاقيّاً ودستوريّاً وسياسيّاً، بل يتوجّب التعامل معه بمسؤوليّة وطنيّة وبحكمة تجنبّاً لمزيد من الانهيارات الاقتصاديّة والتفسّخات الوطنيّة، وحيث أنّ رئيس الحكومة والوزراء قادرون على إيجاد الحلول لأيّ أمرٍ بالتعاون مع مجلس النواب بحسب صلاحيّاته، فإننا نرفض مخالفة الدستور، ولا نقبل أن نكون شركاء في ضرب الميثاق الوطني، ونناشد الزملاء الوزراء كافّة الوقوف سويّاً إلى جانب الدستور والوحدة الوطنيّة وعدم المُشاركة في ما يؤدّي إلى المسّ بهما، وندعو رئيس الحكومة للعودة عن دعوته تلك، كي لا تزيد الوضع في البلاد صعوبةً وتعقيداً فيما باستطاعتنا جميعاً أن ندرأ الأخطار بالاحتكام إلى الدستور وبالتفاهم والوحدة الوطنيّة”.
وكان ميقاتي، أعلن في تصريح في ختام رعايته افتتاح معرض الكتاب في بيروت، مساء أول من أمس، أنّ دعوته مجلس الوزراء إلى الإنعقاد الاثنين مردّها إلى وجود ملفّات أساسيّة تتعلّق بصحة المواطن يقتضي بتّها”، مشدِّداً على أنه “بعد الاطلاع على الجدول الذي أعدّته الأمانة العامّة لمجلس الوزراء، يُمكن بسهولة استبعاد أكثر من 40 بنداً عن الجدول، ولن نُقرّ الإثنين إلاّ الأمور التي نعتقد ويعتقد الوزراء أنها ضروريّة”.
ورداً على سؤال، قال “أسمع البعض يتحدّث عن حكومة بتراء أو غير بتراء. الحكومة كاملة وما تقوم به هو تصريف الأعمال بهدف خدمة المواطن، ومن لديه بديل آخر فليتفضّل، وأي أمرٍ سيكون معروضاً على مجلس الوزراء، يجب أن يكون الوزير المُختصّ حاضراً لمناقشته، وإذا كان الوزير غير حاضر في الجلسة فحتماً لن نعرضه للمناقشة”.
وتابع “أنا اقوم بواجبي كاملاً في ما يتعلّق بالدعوة إلى الجلسة، وحسب معرفتي بالوزراء طوال الفترة الماضيّة، فهم يتمتعون بالحسّ الوطني ذاته وربما أكثر ولذلك أعتقد أنه ستكون هناك مشاركة واسعة”.
وقال “قبل طرح السؤال لماذا ندعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، فليقم المعنيّون بالاستعجال بانتخاب رئيس للجمهوريّة وتستقيم المؤسسات الدستورية كاملة وتقوم بواجبها. يحزّ في نفسي أن يضع أحد دعوة مجلس الوزراء في إطار طائفي أو كأنه استهداف لفئة معينة. فهل نحن نُفرِّق في التقديمات والمساعدات التي نقدمها بين مريض وآخر؟ هذا كلام غير مقبول”.
من جهة أخرى نفى المكتب الإعلامي لميقاتي حصول اتصال بين الأخير والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بعد عظة أمس، مؤكداً أن رئيس الحكومة اتصل أول من أمس بـ”البطريرك الماروني للتشاور في الوضع وشرح له الظروف التي حتّمت الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء. وما يُحاول الإعلام العوني إلباسه للبطريرك الماروني من موقف غير صحيح على الإطلاق”.
وأشار إلى أن ميقاتي في دعوته إلى اجتماع الحكومة اليوم “يأخذ في الاعتبار هواجس البطريرك وموقفه وسيسعى بالتأكيد إلى أن تبقى الحكومة بعيدة عن تأثيرات من هنا وهناك لتُحافظ على استقلاليتها كسلطة تنفيذيّة، ولو لتصريف الأعمال، كما دعا البطريرك الراعي، في عظته اليوم (أمس)، فاقتضى التوضيح”.