نبيه عليق العميل الوقح!
} شوقي عواضة
شهد التّاريخ القديم والمعاصر العديد من الخيانات لخونة لم يُمحَ اسمهم من سجل العار رغم مرور الزّمن. ولم يتمّ التّعامل مع أولئك الخونة للأوطان والحثالة من البشر إلّا بما يليق بخيانتهم، بدءاً من خيانة يهوذا الاسخريوطي لنبي الله عيسى بن مريم عندما سلّمه للسّلطات الرّومانية مقابل ثلاثين قطعة من الفضّة، مروراً بخيانة الأمير الهندي مير جعفر لصالح الإنجليز ضدّ الإمبراطورية المغوليّة التي أدّت لاحتلال الهند، وقصة بروتس الذي قتل عمه القيصر الروماني يوليوس، وصولاً إلى الحرب الباردة وحرب الجواسيس بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وما نشهده في لبنان من حرب لا تزال مستمرةً مع أولئك الخونة الذين اتخذوا من القانون عباءةً لتشريع خياناتهم للوطن.
في لبنان فقط يكاد يُفتح صالون الشرف لعملاء الموساد وجيش العميل أنطوان لحد المتسلّحين حملهم جنسيات متعدّدة، في لبنان فقط يبرّر للخائنين للوطن خيانتهم باسم القانون، وتطلق الحملات التّضامنيّة معهم حرصاً على (الطائفة)، في لبنان فقط تكاد ترفع للعميل التّحية ويكاد تقدّم له دروع التكريم وأوسمة الانتصارات تقديراً لخيانته. في لبنان فقط تحكم قوانين ساكسونيا وقراقوش والغاب والمزاجية السّياسية وتعدم العدالة على أقواسها لتشرّع الخيانة باسم الحقوق والإنسانيّة وحرّية الرأي والتّعبير وعناوين أخرى، في لبنان فقط يتمتّع العميل والخائن بالحصانة الطّائفية وبحماية من السّفارة الأميركيّة كما حصل مع جزّار الخيام عامر فاخوري، في لبنان فقط يُفتح بازار التّسابق للخيانة والتهجّم على المقاومة وطعنها…
في لبنان فقط بلغت الوقاحة بالعملاء مبلغاً يُحاكِم فيه العميل المقاوم ويصدر حكمه ويهدّده بالقتل كما حصل في قضية العميل نبيه سليمان عليق الذي دخل قبل التّحرير عام 1999 إلى فلسطين المحتلّة بملء إرادته، لم يكن هارباً ولا من الذين يسمّيهم المدافعون عن العملاء بـ (المبعدين)، بل كان من الصّف الأوّل من العملاء المصنّفين أمنيّاً من خلال عمله بوحدة الاستخبارات التّابعة للعميل انطوان لحد في جهاز الـ 504 إضافةً إلى الامتيازات التي كان يتمتع بها نتيجة ارتباطه بجهاز المخابرات لكيان العدوّ الاسرائيلي (الموساد).
نبيه عليق صاحب تاريخ عريق في العمالة والخيانة، فهو ابن العميل سليمان الذي كان مسؤولاً لما يسمّى بالإدارة المدنيّة لعيترون والجوار بتكليف من الاحتلال. وشقيقه العميل علي الذي كان يعمل أيضاً في وحدة الـ 504 هو وشقيقه حسن، أمّا أخوه سميح فقد قتل عام 1994 خلال عملية شنّتها المقاومة الإسلاميّة على موقع بني حيان الذي كان يحتلّه عملاء العميل أنطوان لحد.
كلّ هذا التاريخ المشين والحافل بالإجرام لم يمنع العميل نبيه سليمان عليق الوارد اسمه ضمن البرقية 303 التي تشمل أسماء الإرهابيين والعملاء للعدوّ «الإسرائيلي» من العودة إلى لبنان فقدم في 29 آب الماضي من ألمانيا عبر مطار بيروت الدولي تمّ توقيفه من قبل عناصر الأمن العام وتمّت إحالته إلى مديرية الاستخبارات في الجيش اللّبناني بجرم الانتماء إلى ميليشيا العميل أنطوان لحد إضافة إلى دخول بلاد العدوّ، وبعد التّحقيق معه أشار مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي عقيقي بتركه رهن التحقيق، ثمّ أصدر مذكرةً إلى الأمن العام أشار فيها بمنعه من السّفر ومتابعته أمنيّاً. لكن عقيقي عاد وأصدر في 19 أيلول الماضي إشارةً أخرى مناقضة قضت بإلغاء منع السّفر عنه ليعود إلى ألمانيا بعدما قضى عدّة أشهر في بلدته عيترون حيث قام بتوزيع الأموال لعدّة أشخاص بعنوان المساعدة.
بعد عودته إلى ألمانيا عمد العميل عليق إلى الاتصال بالأسير المحرّر نبيه عواضة وتهديده بالانتقام منه ومن كلّ من وجه إليه تهمة العمالة والخيانة متوعّداً بقتل كلّ من أثار قضية انتمائه لجيش العميل أنطوان لحد وللوحدة 504. تهديد ينمّ عن قوّة يستند إليها العميل عليق الذي خضع بعد دخوله لفلسطين عام 1999 لدوراتٍ أمنيّةٍ على يد ضباط من الموساد حيث بقي لسنوات في فلسطين يعمل مع الموساد قبل أن يسافر إلى ألمانيا ويعود بعدها إلى لبنان ويدخل دخول الفاتحين المنتصرين.
أمام كلّ ذلك ما زال التّعاطي على المستوى الرّسمي والقضائي في ملف العملاء يتمّ بالتّسامح معهم والتّساهل في الأحكام بحقّهم رغم أنّ ما اقترفته أيديهم من جرائم بحقّ الشّعب والأسرى إبّان الاحتلال لا تقلّ خطورة عن جرائم الحرب لا تسقط بمرور الزّمن. كما لم تسقط العاهات التي تسبّبوا بها لبعض الأسرى والمعتقلين، وكما لم تسقط معاناة من تيتموا من أبناء الشّهداء الذين قتلوا بأيدي العملاء لن تسقط جرائمهم بمرور الزمن.
وعليه فإنّنا نجد أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما. إمّا أن يسنّ مجلس النواب قانوناً بتجريم العملاء وعدم إسقاط الزمن عن جرائمهم بالقتل واحتجاز حرّيات المواطنين واعتقالهم وتهجيرهم وإمّا أن نعمل بوصية الثّائر الأممي أرنستو تشي غيفارا الذي لخّص القضية محدّداً طريق الانتصار على المحتلّ وأتباعه من الخونة والعملاء بقوله:
(إذا أردت تحرير وطن… ضع في مسدسك عشر رصاصات… تسعة للخونة وواحدة للعدوّ… فلولا خونة الداخل ما تجرّأ عليك عدوّ الخارج).