ذات صباح
} عبير حمدان
ينسكر قلمي حين لا تجرح أهدابك حروفي… ويغمرني صقيع الغياب.. ردّ لي ما تبقى من النجوم المنهمرة على أطراف الأشجار وفكَ أسر القمر رفقاً بالعشاق المنتظرين.. فقد طال أمد الخسوف، باتت اللغة مغلولة وفعل الحب يتآكله غبار الروايات، أحاول تنقية نبضي علّني أنقذ ما تيسّر من خواطري وأدرك صياغة قصيدتي الجديدة التي سأهديك دون أي مناسبة!!
حين أكتب لك لا أحتاج الى مناسبة بعينها، يكفي أنك تلتقط أنفاسي المتسارعة طي النقاط، يكفي أنك تحتضن شغب أناملي برفة عين، يكفي أن شفتيك تلثم الخيال المستلقي على صفحة المسافة الفاصلة بيننا… ويكفيني أني أطارحك الكلام دون رقيب على قدسية الأحلام.
قد تكفي غيمة لنمحو سواد المدينة ونرسم قلبينا على جدران غيابنا… دعني أستقل من سنواتي المتراكمة وأزل بعض الأصفار التي طوّقتنا… باتت أصفاد الوقت دامية وكأنك لم تمسح جبيني بجدول من بريق توقك لتلك الغمرات المخبأة في صندوق الأمس.
بيني وبينك الكثير من الصور التي تختزنها اللغة وعبارات عادية في ظاهرها… لك في مشاغبتي شوق مغلّف بالخوف ولي في عينيك بريق يشعل الكون.
في حضرة عينيك أتعمّد الثرثرة كي لا يُخبرك صمتي ما يخفيه نبضي… قد يأتي يوم أبوح لك بسرّي المستكين بين السطور.
ذات صباح سألثم وجه قهوتك وسيزداد غليانها، سأروي لك حكاية النجمة التي غادرت موطنها، لم يسعها الفُلك ولم تلتمس أطراف الفجر، ذات صباح ستظلل حضورنا دالية، وسينسكب اللحن بين شرايين السرو، كل العصافير لجأت الى ركن قصتنا وغزلت دوائرها، لم يبق في القلب قشة إلا وتكسّرت، ذات صباح سأشرق على رمال صدرك وسأرتشف رذاذ الموج… فملحك يُحييني، وسأقول لك لا تعتزل الحبر فلغتك تعيد تشكيلي.
لأني أحبك ينساب الحبر بلون الذهب… وأخشى على قلبي من رعشة باردة، أمسكه بقوة كي لا أفقدك بين خفقاته المتسارعة… لكَ أجمع الريح والطلّ الغافي بين وريقات الزهر، وأهازيج القرى، وليالي السمر… وأهبك نبض أبجديتي وابتسامة الفجر على إيقاع الوتر.