لا خلاص من «مزرعة الوطن» الا بانتخابات خارج القيد الطائفي
} عمر عبد القادر غندور*
تتوالد الأزمات في لبنان من أرحام بعضها البعض، وتتلاحق على مسرح الحياة، وغالباً ما تكون الطبقة السياسية التي تتناوش الحصص والمكاسب والقانون والدستور والحقوق الوطنية والشرعية لكل الأفرقاء.
وفي السنوات الأخيرة ضربت هذه الخلافات والاختلافات البنية الاقتصادية وتسبّبت بانهيار لم يعرف لبنان مثيلاً له من قبل، وتحوّلت حياة اللبنانيين كلّ اللبنانيين الى جحيم وفقر وباتوا في غالبيتهم الكبرى معدمين وأشباه متسولين، في بلد من غير حكومة ومن غير رئيس للجمهورية ومن غير إدارات ولا قضاء!
مثل هذا الجحيم ألا يستحق البحث في الأسباب والمسبّبات التي تدفع الى التساؤل :
هل أزماتنا المتناسلة هي بسبب سوء الإدارة وفساد السلطة؟
ام أنها أزمة كيانية تعود الى كيفية التركيبة الطائفية والمذهبية؟
الواضح انّ جذور الأزمة بنيوية وقديمة جرى التغاضي عنها بخبث، لئلا يكون للبنان دولة تحرص على العدالة بين الطوائف اللبنانية، تمهيداً للانتقال الى فيدرالية الطوائف، بعد فساد الطبقة السياسية ما يؤدّي الى تصدّع المؤسسات الدستورية والانحراف في استغلال السلطة واستثمار المواقع السياسية للسرقة والهدر والوصاية على الإدارات والوزارات.
ولذلك يعاني لبنان وسيعاني من أزمته العميقة الجذور ومن نظام لم يثبت أهليته منذ قيامه، وعاجز من حلّ مشكلة التفاوت والحقوق والواجبات بين شتى طوائفه وجماعاته والسيطرة عليهم.
ولا شك انّ الأزمات المتعددة الوجوه والأشكال والانهيارات الاقتصادية والمالية والاجتماعية تشير الى انّ الأزمة الازدواجية بين الدستور والصيغة الطائفية وتقاسم وتوزيع الحصص والسلطات أدّى الى الخراب الذي نحن فيه، ما يفيد انّ الدولة ليست أكثر من ساعي بريد يعمل لحساب قادة الجماعات الطائفية في «مزرعة الوطن»!
ولا ننسى ظاهرة «الترويكا» التي وفرت للرؤساء الثلاثة نفوذاً بالتساوي من خلال الرئاسات والحقائب والمقاعد النيابية !
وهذه «الترويكا» هي التي تعزز الولاءات الطائفية !!
خلاصة الكلام، انّ ما يشهده لبنان ليس مجرد أزمة حكم وحسب، بل أزمة نظام طائفي، وهو ما يفرض قيام انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي بعيداً عن الطائفية والمذهبية والعنصرية والولاءات الخارجية.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي