السعودية والصين: شراكة استراتيجية و20 تفاهماً بـ 120 مليار دولار… واليوم خليجي عربي حزب الله: لم نلتزم بعدم عقد جلسة… والتيار: الصداقة عند حدود الدور والشراكة برّي يستقبل هيل وغريو… ويفتح الباب لتحويل جلسة الخميس لحوار رئاسيّ
} كتب المحرّر السياسيّ
يدخل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الصيني شي جين بينغ كشريكين استراتيجيين إلى القمتين الصينية الخليجية والصينية العربية اليوم، بينما واشنطن تتابع عن كثب ما يجري بين الدولة الأكثر قرباً لها بين الدول المنتجة للنفط، وأشدّ هذه الدول أهمية، والدولة الأعلى استهلاكاً للنفط في العالم والأعلى مرتبة في المنافسة، وهي تستمع إلى تعابير من نوع الشراكة الاستراتيجية، والتفاهمات المتعددة المجالات، وتوقيع عشرين اتفاقية بما يزيد عن 120 مليار دولار، والصين التي تخطو هذه الخطوة مع السعودية تدرك أنها ترفع منسوب التوتر مع أميركا، خصوصاً بعدما عبرت واشنطن عن قلقها من زيارة الرئيس الصيني إلى الرياض.
مصادر خليجية رافقت القمة وتتابع تحضيرات القمّتين الصينية الخليجية والصينية العربية تقول إن ما يجري غير عادي، وتتحدّث عن كيمياء بين ولي العهد السعودي والرئيس الصيني لم تظهر خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى السعودية وعقد قمة أميركية سعودية وأميركية خليجية عربية، بل تقول إن العكس كان سائداً، حيث التوتر والقلق في النظرات والكلمات المقتضبة المتبادلة بين بايدن وابن سلمان، وتوقعت المصادر أن يتمّ تعميم مناخات القمة السعودية الصينية على القمتين الصينية الخليجية والصينية العربية.
في لبنان بقيت العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر فوق الطاولة، مع بيان توضيحيّ لحزب الله وردّ مباشر للتيار، ما أوحى بأن الأمور تحتاج الى المزيد من الوقت والصيانة قبل أن تعود الى نصابها، ما لم تأخذها السجالات وبعض الحسابات الخاطئة الى مكان آخر.
أوضح حزب الله في بيانه أنه لم يقدم وعداً بعدم عقد اجتماع للحكومة أو بعدم مشاركته في مثل هذا الاجتماع أو بمقاطعته كل اجتماع لا يشارك فيه التيار، بينما جاء في رد التيار أن الأمور تبدو ملتبسة وبحاجة الى المزيد من الإيضاح عند حزب الله، وأن التيار متمسك بالصداقة، لكن عند حدود الدور والشراكة.
على الصعيد الرئاسي، عدا الجلسة الباهتة التي عقدها مجلس النواب، وكان جديدها توزيع التيار الوطني الحر لأصوات نوابه على عدد من الأسماء، كان الحدث في زيارة المعاون السابق لوزير الخارجية الأميركية الدبلوماسي ديفيد هيل لرئيس مجلس النواب نبيه بري، تبعتها زيارة السفيرة الفرنسية آن غريو، ولم يعرف ما إذا كانت كل من الزيارتين بداية لتحرك أميركي في الملف الرئاسي، ولا ما إذا كانت هناك علاقة بين الزيارتين وما انتهت اليه زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لواشنطن ولقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، وكان لافتاً إعلان الرئيس بري استعداده لتحويل جلسة الخميس المقبل المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى جلسة للحوار حول الاستحقاق الرئاسي.
وكما كان متوقعاً لم تأتِ الجلسة التاسعة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية بمتغيرات ومفاجآت، لكن الجديد هو تعادل عدد أصوات النائب المرشح ميشال معوض مع عدد الأوراق البيضاء، ما يؤشر الى بداية تحول واستدارة في موقف التيار الوطني الحر وافتراقه عن حزب الله في الملف الرئاسي، إذ وزع تكتل لبنان القوي أصواته بين الورقة البيضاء وعدة مرشحين كترجمة لكلام رئيسه النائب جبران باسيل في مؤتمره الصحافي أمس الأول بأنه في حلٍ من أمره بموضوع التصويت، وهذا التعادل السلبي في الأصوات كان أولى انعكاسات الخلاف بين «حارة حريك» و»ميرنا الشالوحي» على الصعيد الرئاسي بعد الحكومي. وقد أراد باسيل وفق مصادر نيابية لـ»البناء» توجيه رسالة للثنائي حركة أمل وحزب الله بأن خياراته مفتوحة وقد يذهب الى اتجاه رئاسي معاكس لموقف «الثنائي» وإعلان دعم مرشحين آخرين من داخل التيار أو خارجه، لكنه في الوقت نفسه لم يكسر الجرّة مع «حارة حريك» ولم يصوّت لمرشح أخصام الحزب (القوات اللبنانية والكتائب) بالتصويت لميشال معوّض أو آخر ينتمي الى هذا الفريق.
وقد تكون المرة الأولى التي تشهد خطوط العلاقة بين «الحزب» و»التيار» سجالات وبيانات إعلامية متبادلة تتضمن عبارات عتاب وتشكيك بالمصداقية لكلا الطرفين، حيث كان لافتاً استخدام التيار في بيانه كلمة «زعم» بعدما كان العتاب والسجالات تتم في الغرف المغلقة والاجتماعات الخاصة.
هذه الوقائع تؤشر وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن الأمور تتجه الى تصعيد في ظل «الحجّ العوني» الى «الكنيسة المارونية»، من خلال زيارة الرئيس ميشال عون الى بكركي اليوم ويسبقه اليها النائب باسيل للقاء البطريرك مار بشارة الراعي الأمر الذي سيرفع من منسوب التوتر الطائفي ويتوّج رئيس التيار حملة التصعيد في اطلالة إعلامية مساء الأحد المقبل، حيث يتحدّث بالتفصيل عن مسار العلاقة مع حزب الله والبيانات الأخيرة والموقف والتوجّه في المرحلة المقبلة.
ووفق المعلومات، فإن باسيل سيزور الصرح البطريركي وسيضع الراعي في أجواء الأزمة التي سبقت وأعقبت جلسة مجلس الوزراء على أن يجدد دعوته إلى رعاية كنسية لحوار مسيحي – مسيحي يطرح رئيساً من رحم الإجماع الذي قد يتولد من هذا الحوار.
وكانت العلاقات الإعلامية في «الحزب» قد أوضحت في بيان ردت خلاله على كلام باسيل، مشدّدة على أن «الحزب لم يقدّم وعداً لأحد بأنَّ حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا بعد اتفاق جميع مكوّناتها على الاجتماع، حتى يعتبر الوزير باسيل أن اجتماع الحكومة الذي حصل هو نكث بالوعد. ما قلناه بوضوح سابقاً وبعد التشاور والتوافق مع الرئيسين بري وميقاتي هو التالي: أ- حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا في حالات الضرورة والحاجة الملحّة. ب- وفي حال اجتماعها فإن قراراتها ستؤخذ بإجماع مكوّناتها ولم نقل إن الحكومة لن تجتمع إلا بعد اتفاق مكوناتها. ج- ومن جهة أخرى، فإنَّ حزب الله لم يقدّم وعداً للتيار بأنه لن يحضر جلسات طارئة للحكومة إذا غاب عنها وزراء التيار».
ولفت البيان الى أنَّ «الصَّادقين لم ينكُثوا بوعد وقد يكون التبسَ الأمر على الوزير باسيل فأخطأ عندما اتّهم الصَّادقين بما لم يرتكبوه». أضافت العلاقات الإعلامية للحزب: «إن مسارعة بعض أوساط التيار الى استخدام لغة التخوين والغدر والنكث خصوصاً بين الأصدقاء، هو تصرّف غير حكيم وغير لائق. ويبقى حرصنا على الصَّداقة والأصدقاء هو الحاكم على تعاطينا مع أي رد فعل، خصوصاً أنَّ لبنان اليوم أحوج ما يكون الى التواصل والحوار والنقاش الداخلي للخروج من الازمات الصعبة التي يعانيها».
ولم يتأخر ردّ التيار عبر اللجنة المركزية للإعلام والتواصل، مشيرة الى أن «الاتفاق الذي حصل على عدم جواز عقد جلسات لحكومة تصريف أعمال تم التأكيد عليه في جلسة مجلس النواب في 3/11/2022»، معتبرة أن «ما ورد في بيان العلاقات الإعلامية في حزب الله هو ملتبس جداً ويحمل تناقضاً بين الحرص على إجماع مكونات الحكومة في اتخاذ القرارات، فيما لا ينسحب ذلك على حضور الجلسات، فإذا لم يكن هناك إجماع في الحضور، فكيف يكون في اتخاذ القرارات؟!».
وأكدت اللجنة أن «التيار يعرف معنى الصداقة جيداً لأنه يقدم كل ما يلزم في سبيل حفظها والحفاظ عليها، إلا ما يتعلق بمسألة الدور والوجود والشراكة. وبكل الأحوال، إن رئيس التيار سيتحدث عن كل هذه المغالطات ويكون كلامه أكثر شرحاً وإيضاحاً حول ضخامة ما حصل في مقابلته الإعلامية ليل الأحد على محطة LBC».
وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن «تصعيد النائب باسيل أبعد من مسألة جلسة مجلس الوزراء التي أتت كأحد تعبيرات وتجليات الأزمة المزمنة بين التيار والحزب، وبدأت منذ قرار المجلس الدستوري بالطعن ضد بند اقتراع المغتربين في قانون الانتخاب ثم الانتخابات النيابية ووصولاً الى دعم حزب الله ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورفض باسيل لهذا الخيار، وبالتالي هناك تراكمات انعكست سلباً على هذه العلاقة ما يضعها أمام امتحان صعب، وقد يكون أصعب مما سبقه».
وأشار عضو تكتل «لبنان القوي» النائب غسان عطالله، بعد انتهاء جلسة مجلس النواب أن «حضور حزب الله جلسة الحكومة ضرب الشراكة الوطنية وكلام باسيل لم يكن كما ذكر ببيان الحزب».
إلا أن مصادر أخرى تقلل من أهمية «الفورة الباسيلية» وتشبهها بأنها «عاصفة في فنجان» سببها الملف الرئاسي وتنتهي بعد التفاهم مع الحزب على هذا الملف. وأوضحت مصادر مقرّبة من التيار والحزب لـ»البناء» أن التصعيد لا يعني سد أبواب الحوار والتواصل بينهما وقد تحصل لقاءات حوار في أي وقت، وما حصل في مجلس النواب أمس يؤكد ذلك». وعلمت «البناء» أن نواباً من الطرفين يعملون على التهدئة واحتواء الموقف وشرح وجهات النظر وفتح أبواب الحوار.
وكان باسيل وصل الى ساحة النجمة متأخراً 37 دقيقة عن موعد الجلسة، والتقى بعد الجلسة، نائبي كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض وحسن فضل الله في أحد أروقة المجلس بمشاركة عدد من نواب تكتل لبنان القوي.
ووفق المعلومات فإن النائب ألان عون هو من رتّب اللقاء بعدما قاد جولة اتصالات ليلية بين الطرفين أفضت الى احتواء الخلاف ومنع تجاوزه الخطوط الحمراء.
ولم يعتمد «التكتل» اسم مرشح معيّن، واكتفى بعض نوابه بإسقاط أوراق تحمل عبارة «معوض» او «ميشال» او بدري ضاهر في صندوقة الاقتراع.
وكان المجلس النيابي التأم برئاسة رئيسه نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في جلسة تحمل الرقم 9.
وبعد فرز أصوات الدورة الأولى، أتت النتائج كالتالي: 39 صوتاً لميشال معوّض و39 ورقة بيضاء و5 أصوات لعصام خليفة و9 أصوات لـ»لبنان الجديد» و1 «لأجل لبنان» وصوت واحد لزياد بارود وصوت واحد لصلاح حنين و3 أصوات لبدري ضاهر وصوت واحد لفوزي أبو ملهب وصوت واحد لـ»التوافق» وصوت لـ»معوّض بدري ضاهر» و4 أصوات ملغاة، من أصل 105 أصوات.
وقبل الدورة الثانية، طار نصاب الجلسة، وحدّد بري جلسة الخميس المقبل على ان تكون الأخيرة هذا العام كما قال، متمنياً أن يوافق الجميع على الحوار لتحويلها الى جلسة للحوار.
وفي مستهلّ الجلسة، توجّه عضو تكتل القوات النائب فادي كرم لبري بالقول: «البلد ينهار وأنت من أكبر المسؤولين عن تدارك الأمور ويمكنكم دعوة كل المقاطعين الى وقف هذه المقاطعة». وبعد تصفيق لكرم اثر انتهاء مداخلته، ردّ بري: «احاول الدعوة الى الحوار من اجل اختصار هذا الوضع وآمل أن يقتنع الناس بالحوار».
من جانبه، قال النائب هادي أبو الحسن في الجلسة: اما ان ننتظر الخارج او ان نحاول إيجاد مرشح في الداخل، لذا نرى ان من المعيب استمرار هذا المسلسل ولا حلّ إلا بفتح المجال للتشاور من اجل عقد جلسة حوار على طاولة مستديرة تحت عنوان اختيار رئيس. أما النائب ملحم خلف فسأل: هل من عائق دستوري في بقاء النواب داخل المجلس؟ ورد عليه برّي قائلاً: أنا فاتح استراحة هون؟
وكرّر رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع رفضه التام لوصول باسيل أو فرنجية إلى رئاسة الجمهورية مهما كانت التضحيات. وأكد عدم وجود «فيتو» من قبل «القوات» على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية بشرط إجراء تعديل للدستور.
وانعكس المناخ السياسي المتوتر على أسواق الصرف والاستهلاك، وسجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعًا جديدًا حيث سجل 42450 للمبيع و42550 للشراء، وسط توقعات خبراء اقتصاديين بأن يرتفع أكثر في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة والمأزومة.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة برودة سياسية في ظل تجميد الجلسات النيابية التشريعية وفي ظل مغادرة الرئيس نجيب ميقاتي الى السعودية للمشاركة في القمة الصينية – السعودية على أن تعود الملفات السياسية والاقتصادية الى سخونتها مطلع الأسبوع المقبل، إذ علمت «البناء» أن ميقاتي دعا الوزراء الى لقاء وزاري تشاوري الاثنين المقبل سيكون تمهيداً لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء.
ومن غير المتوقع أن يتغير الاصطفاف الوزاري عن الجلسة الماضية، وقال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام: «لا أحبّ ازدواجية المواقف ولم أًحبّذ مشاركتي في جلسة الحكومة لـ»أعمُل بطل» خصوصًا أنّ الجلسة قد يكون لها خلفيات سياسية وأنّها قد تضرب المكوّن المسيحي والجلسة «صارت مسرحية هزلية».
على صعيد آخر أكّد المدير العام للطيران المدني فادي الحسن، تعليقًا على تصريح مصادر قناة «العربية – الحدث»، عن «استخدام رحلات شركة «معراج» الإيرانيّة لنقل الأسلحة إلى «حزب الله»، ما سيؤثّر على عمل مطار بيروت»، أنّ «هذا الخبر عار من الصحّة، وأنّ الشّركة الّتي بدأت أوّل رحلة لها إلى مطار بيروت الدولي في 14 تشرين الثّاني الماضي، تستوفي كلّ الشّروط الأمنيّة، وتوقيت هذا الخبر مؤذ لسمعة مطار بيروت».