السعودية لتفاهم استراتيجي مع الصين
يعرف القادة السعوديون أنهم كانوا يستطيعون توقيع مئة اتفاقية منفصلة مع الصين دون استخدام مفردة تفاهم استراتيجي، إذا كانوا يرغبون بتفادي المزيد من الغضب الأميركي، وهم يعلمون أن قيمة هذه المفردة سياسية ومعنوية لجهة الإيحاء الذي تريد تقديمه للرأي العام ويعبّر من خلاله كل طرف للآخر، وتوجّه رسالة للآخرين أصدقاء وخصوماً عن النيات الجدية لدى الطرفين للسير بعيداً بلا حدود في بناء أفضل العلاقات ومستويات التعاون.
الاتفاقيات التفصيلية بين السعودية والصين التي تجاوزت العشرين اتفاقية وزادت قيمتها عن 120 مليار دولار، لم تعُد هي ما يقلق واشنطن، بمقدار ما يقلقها القرار السعودي بالإعلان عن تفاهم استراتيجي وشراكة استراتيجية مع الصين، وواشنطن تعلم ماذا تريد أن تقول عندما تستخدم مثل هذه التوصيفات لعلاقتها بدولة أخرى، ولذلك تفهم ما تريد السعودية قوله، باعتبار الصين مصنفة كدولة منافسة جاءت تعزّز نفوذها، وفقاً لما تقوله التعليقات الأميركية على زيارة الرئيس الصينيّ الى السعودية والقمم التي ترافقها.
اليوم تُعقد قمة صينيّة خليجيّة وقمة صينيّة عربيّة، وفي خلفية كل من القمتين ما تمّ في القمة السعودية الصينية، وتحت سقف التعاون الاستراتيجي والشراكة الاستراتيجية بين الصين والسعودية، سيخرج إعلان عن تفاهم استراتيجي خليجي صيني وعربي صيني. وهذا يعني أن السعودية قرّرت المضي قدماً ببلورة موقع ثالث سعودي أولاً، وخليجي عربي تحت قيادتها ثانياً، يفتتح مرحلة جديدة، لا تكون فيها السعودية ومن خلفها الخليج والعرب مجرد امتداد أميركي، ولم يعد موضع نقاش تحديد حدود الاستقلال التي تتمكن السعودية من المضي بها قدماً، طالما أنها ستكون دون ما تستدعيه المجاهرة بالشراكة الاستراتيجية مع الصين التي تعلنها واشنطن خصماً أول على الساحة الدولية.
الخشية من أن نسمع غداً من يتحدث من بين الذين كانوا حتى الأمس يطبّلون للسعودية، عن خوف لبناني من أن تتسبب المواقف السعودية بخصومة مع واشنطن بسبب «تهوّرها» بالذهاب بعيداً في العلاقة مع الصين!
التعليق السياسي