العلاقات السعودية الإيرانية: اليمن أولوية الرياض… وعودة السفارات بوابة إيران / قمة عمان تبدأ اليوم… ولبنان يحضر في بيانها الختامي… وليس في مباحثاتها/ ميقاتي يرفض المراسيم الجوالة… واجتماعات الحكومة مؤجلة لكنها باقية على الطاولة/
كتب المحرّر السياسيّ
رغم مواصلة التداول بمواقف وتحليلات تريد إبقاء قضية حادثة العاقبية حاضرة في التداول السياسي تبدو أنها ذاهبة للتراجع من المشهد لصالح تحقيق فني على قاعدة التسليم بأن ما جرى حادث ناتج عن سوء تفاهم تحول الى سوء تصرّف، ويبدو أن التحقيق يحدّد المسؤوليات وشكل المحاسبة، بينما يغيب الاستحقاق الرئاسي عن التداول السياسي لما بعد الأعياد، وربما حتى النصف الثاني من الشهر المقبل، لذلك ملأت التوقعات وأحياناً التمنيات الفراغ السياسي والإعلامي، حول ما يمكن أن يجري في قمة عمان لدول جوار العراق، أو على هامشها، خصوصاً مع الاهتمام الذي يوليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للتوصل الى تفاهمات تضم الأطراف المعنية بالاستحقاق اللبناني والمؤثرة فيه، وكلها مشاركة بمستويات مختلفة في قمة عمان، حيث تحضر إيران والسعودية وأميركا ومصر، لكن لا يبدو أن في جيب الرئيس الفرنسي تصوراً معيناً للحل من جهة، ولا تبدو أولويات الأطراف التي يرغب بالانخراط معها بتفاهمات جاهزة لذلك. فالعلاقات السعودية الإيرانية تتقدّم على ما عداها لانعكاسها المباشر على الوضع في العراق وفي اليمن وفي الاستقرار في مياه الخليج، واستطراداً تشكل مفتاح التوصل لفرصة فرنسية بطرح الملف اللبناني على الطاولة، والعلاقات السعودية الإيرانية وفقاً لمصادر دبلوماسية مشاركة في قمة عمان، لا تزال في مرحلة الإنعاش، ولم يتضح بعد ما إذا كانت فرصة عقد لقاء بين الطرفين ستكون متاحة على هامش القمة، في ضوء أولوية سعودية عنوانها طلب المساعدة الإيرانية في الملف اليمني، كتعبير عن حسن النيات كما يسمّيها المسؤولون السعوديون، بينما يعتبر الإيرانيون أنهم ليسوا بديلا عن اليمنيين الذين يملكون رؤيتهم واستقلالهم التفاوضي، وأن إيران يمكن لها ان تساعد عندما تستقيم العلاقات السعودية الإيرانية، وتتحرر النقاشات فيها بما في ذلك للوضع في اليمن من قراءة سعودية اتهامية لإيران بالوقوف وراء ما يجري في اليمن وإنكار حقيقة وجود مشكلة يمنية تعبر عنها قوى حقيقية لها مصالحها وتمثيلها، ولذلك تعتبر طهران ان اعادة العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الرياض بوابة إعادة بناء الثقة ووضع الحوار الاقليمي في نصابه الصحيح، ومن ضمنه الحوار حول الملفات الساخنة ومنها اليمن، وفي ضوء تشخيص مشترك للأوضاع تتبلور فرص المساهمة في الحلول والمبادرات. وعلى خلفية هذه القراءة لقمة عمان وما حولها تعتقد مصادر سياسية ان لبنان الذي لن يغيب عن البيان الختامي للقمة أسوة بكل قمة إقليمية او عربية، بدليل بيان قمة الجزائر وبيان القمة الصينية الخليجية والقمة الصينية العربية، دون أن يعني ذلك أن نقاشاً جرى في اي من هذه القمم لمبادرات تخص لبنان، وهذا ما تعتقد المصادر أنه سيحدث في قمة عمان.
داخلياً، تحدث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى وفد من نقابة محرري الصحافة اللبنانية، فأعلن رفضه لصيغة المراسيم الجوالة التي تحدث عنها الوزير هنري خوري في لقاء الوزراء القضاة الذين كلفهم اللقاء التشاوري ببحث الشأن الحكومي واقتراح مخارج دستورية وأطر قانونية لعقد اجتماعات الحكومة، وأكد ميقاتي أنه متمسّك بالدعوة لاجتماعات للحكومة عند الضرورة وبصلاحيّته بوضع جدول أعمال الجلسات على ان يناقش مع الوزراء في مطلع الجلسة، نظراً لغياب رئيس الجمهورية الذي كان يطلع على جدول الأعمال ويناقشه مع رئيس الحكومة، وقد انتقلت صلاحيته الى الحكومة، وكشف ميقاتي عن تفكيره بعقد جلسة للمجلس الأعلى للدفاع لمناقشة الوضع الأمني واتخاذ تدابير بصدده إثر حادثة العاقبية لكنه صرف النظر عن ذلك منعاً لالتباسات في فهم الدعوة وتصويرها استفزازاً يتخذ طابعاً سياسياً أو طائفياً.
بعدما انشغل اللبنانيون بمتابعة كأس العالم للعام 2022 في قطر واستمتعوا بأجواء الحماس والتشويق التي رافقت المباريات لا سيما التصفيات النهائية، عادوا تدريجياً الى واقع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد وهمومهم ومشاكلهم التي لا تنتهي، لكن أعياد الميلاد ورأس السنة ستُعيدهم مجدداً لبعض الوقت الى أجواء الفرح، قبل أن ينطلق العام الجديد بأزماته واستحقاقاته المتعددة والشائكة.
وتترقب الأوساط السياسية بصيص أمل من الاجتماعات والقمم الخارجية علًها تنعكس على لبنان بتسوية لأزمته السياسية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعدما سُدّت أبواب الحل الداخلي بفشل المجلس النيابي بانتخاب الرئيس بعشر جلسات وإجهاض الحوار الذي دعا اليه رئيس المجلس نبيه بري.
وعلمت «البناء» أن لا مبادرة عند الرئيس بري بديلة عن الحوار وهو سيمارس صلاحياته الدستورية ويقوم بواجبه بالدعوة الى جلسات لانتخاب الرئيس بدءاً من الأسبوع الثاني من العام المقبل ويضع الكرة في ملعب الكتل النيابية، وهو لم يعدم وسيلة إلا وقام بها للتوفيق بين الكتل النيابية والقوى السياسية للتفاهم على المرحلة المقبلة ومن ضمنها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وخريطة طريق للإنقاذ الاقتصادي، لكن الرئيس بري منفتح على كافة الاقتراحات وعلى رأسها الحوار الداخلي وعدم انتظار المبادرات أو التسويات الخارجية، فعلى الأقل تأمين أرضية داخلية لأي مساعدة خارجية أو ظروف إقليمية ودولية تنعكس إيجاباً على لبنان.
وفي وقت حضر ملف لبنان في لقاءات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في العاصمة الأردنية عمان، تعقد فيها قمة «بغداد 2» اليوم بمشاركة دول الجوار العراقي وأبرزها إيران والسعودية على أن يستعرض ماكرون الملف اللبناني في القمة، وتضمين بيانها الختامي فقرة عن لبنان، وسيحاول أيضاً وفق المعلومات بحث الملف الرئاسي مع الدول المشاركة في القمة والمؤثرة في لبنان، لا سيما أميركا وإيران والسعودية وكيفية مساعدة لبنان للخروج من حالة الشغور الرئاسي كخطوة أساسية على طريق الإنقاذ.
وتشير أجواء فرنسية لـ”البناء” الى أن الرئيس الفرنسي شدّد خلال لقاءاته في قطر والأردن على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وإقرار الإصلاحات الأساسية والاستمرار بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، لكن لم يتم الدخول بأسماء محدّدة على رغم تأييد فرنسا أو غيرها لمرشحين معينين، لكن المهم لدى باريس هو التوافق الداخلي على مرشح كي يجمع اللبنانيين ولا يفرقهم ما يسهل عملية إنجاز الاستحقاقات الأخرى التي لا تقل أهمية لا سيما تأليف حكومة والإصلاحات.
وتشير الأجواء الى أن ماكرون كان ينوي زيارة لبنان في عيد الميلاد لتمضية العيد مع قوات اليونيفيل في الجنوب، لكنه عدل عن الزيارة وفضل البقاء على متن حاملة الطائرات الفرنسية والانتقال الى الأردن للمشاركة في القمة ثم يعود الى فرنسا.
ولفت المكتب السياسي لحركة أمل، في بيان، إلى أنّ “الحوار هو أرقى أشكال الديمقراطية في صناعة الحلول بدلاً من التفنن في صناعة الأزمات».
وغرّد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على “تويتر”: “لا أحد من النواب في موقع مساءلة زملائه النواب، فكل نائب وكل كتلة نيابية يتحمّلون مسؤولية انتخاب رئيس للجمهورية، وبسبب عدم وجود غالبية متَّفقة ترجح الانتخاب تحتاج الكتل إلى الاتفاق. اجلسوا واختلفوا فقد تنفتح فرصة، ولكن مع الاختلاف وتقاذف المسؤولية فالفرصة معدومة. الحريصُ يحاول».
وعلمت “البناء” أن الأيام المقبلة خلال عطلة الأعياد ستشهد اتصالات وربما لقاءات بين حزب الله والتيار الوطني الحر في محاولة لرأب الصدع الذي حصل مؤخراً على خلفية جلسة مجلس الوزراء، وذلك بعدما دخل وسطاء على الخط، وأولى الخطوات التي قادت الى التهدئة هو المخرج الذي ساهم حزب الله بتسويقه لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالتفاهم عبر اللجنة الوزارية – القضائيّة حول عقد أي جلسة لمجلس الوزراء وتحديد مفهوم تصريف الأعمال وآليات اتخاذ القرارات وعقد الجلسات، ما أدى الى تبريد الأجواء المحتقنة رغم إصرار ميقاتي على انعقاد الحكومة، عندما تستدعي الحاجة. كما علمت “البناء” أن جهوداً تجري بين قيادتي الحزب والتيار على ضبط القواعد الحزبية للطرفين وتعمل قيادة التيار على ضبط “الرؤوس الحامية” داخل التيار والتأكيد على أهمية التفاهم وتنظيم الخلاف بين “ميرنا الشالوحي” و”الضاحية”.
وفيما أخفق الاجتماع الرباعي الوزاري الذي عُقد السبت الماضي في التوصل الى صيغة تحيي العمل الوزاري، قال ميقاتي أمس: “عند الضرورة والحاجة سأدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد، وفق الصلاحيات الدستورية المنوطة بي، لكن في الوقت الراهن لا شيء طارئاً يستدعي عقد جلسة”. وأعلن رفضه صيغة “المراسيم الجوّالة” التي يقترحها البعض، لأن لا سند دستورياً لها”، مشدداً على أنه “لن يطبق الا ما ورد في الدستور وروحيته”.
وعن موضوع مطار بيروت وما قيل عن أسلحة إيرانية يتم إدخالها قال “اجتمعت الاسبوع الفائت مع قائد الجيش ومع القادة الامنيين وأكدوا جميعاً أن التحقيقات التي اجريت وأكدت أن ما قيل غير صحيح، ولا أسلحة تدخل من المطار”، و”لدى الحديث في ملف المطار، وبعد حادثة اليونيفيل، كنت بصدد دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الانعقاد بصفتي نائب رئيس المجلس، ولكنني عدلت عن الموضوع حتى لا يُقال إننا نستفز أحداً».
وعلى صعيد حادثة العاقبية في الجنوب أعلن ميقاتي أن الجيش يجري التحقيقات اللازمة في الحادثة ونأمل الوصول الى النتيجة قريباً.
وخلال لقائه مجلس نقابة المحررين في السراي الحكومي قال: “إن المزايدات في هذا الملف مرفوضة، وكذلك مرفوض الاستخفاف بخطورة ما حصل أو اعتباره حادثا عادياً أو عرضياً. الحادثة يجب أخذها بجدية، وإجراء كامل التحقيقات والمحاسبة. هذا الملف أتابعه مع قيادة الجيش التي تجري التحقيقات اللازمة ونأمل الوصول الى النتيجة قريباً”. وأضاف: “لكون الحادثة حصلت خارج نطاق عمليات اليونيفيل، فمن المرجّح أنه لم يكن مخططاً لها”.
وعن ملف بلدة رميش الحدودية قال: “لقد طلبت من الجيش تقريراً كاملاً عن الموضوع، علماً أن التعاون قائم بين الجيش واليونيفيل في هذا الملف، ويتم الكشف ومراقبة المواقع التي يتم الحديث عنها والتابعة لجمعية “أخضر بلا حدود”.
وكان وزير الدفاع موريس سليم زار مقر الوحدة الإيرلندية لتقديم واجب العزاء واجتمع مع القائد العام لليونيفيل وقائد وضباط الكتيبة الإيرلندية. وأكد سليم، أن “التحقيقات جارية في حادثة العاقبية والأجهزة الأمنية تقوم بدورها”، مؤكداً انه “سيحاسب كل من أقدم على فعل كهذا”. ووصف “العلاقة القائمة بين اليونيفيل وبين الجيش اللبناني بعلاقة تعاون، واليونيفيل تقوم بدور هام جداً لحفظ الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان العزيز، والتعاون بينها وبين الجيش مستمر في كافة المجالات لحفظ هذا الاستقرار”.
وتوقفت مصادر سياسية عند تعمّد بعض الجهات استثمار حادثة العاقبية بالتزامن مع معركة الاستحقاق الرئاسي، متوقعة اشتداد الحملة على حزب الله كلما طال أمد الفراغ أكثر، محذرة عبر “البناء” من تحميل الحزب مسؤولية تدهور الأوضاع في لبنان اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً من خلال إلصاق تهمة الهجوم على دورية اليونيفيل بالحزب لتكون ذريعة لفرض عقوبات دولية على الحزب وتحميل الدولة مسؤولية عدم تنفيذها، ويظن أصحاب هذه الخطة أنها ستدفع الحزب والقوى السياسية الداعمة له للسير برئيس للجمهورية وفق الرؤية الخارجية الأميركية – الخليجية.
ويوضح وزير الخارجية والسفير السابق د. عدنان منصور لـ”البناء” أن مرور دورية اليونيفيل على طريق العاقبية – صيدا بيروت لا يعد خروجاً عن نطاق عملها الجغرافي طالما أنها لم تكن بمهمة أمنية، فلها الحق وفق القرار 1701 بالمرور على طريق الجنوب – بيروت للقيام ببعض المهمات غير الأمنية كتبديل القوات والسفر عبر المطار، لكن لا تستطيع تنفيذ أي مهمة أمنية خارج نطاق عملياتها الأمنية في جنوب الليطاني، ما يعزّز الشك بوجود طابور خامس استهدف دورية القوات الدولية لإيقاع الفتنة بين اليونيفيل وأهالي الجنوب وتحميل الحزب المسؤولية، وما يزيد الشكوك أكثر تضخيم ما يحصل في بلدة رميش واتهام الحزب أيضاً.
ويربط منصور حادثة العاقبية بالخرق الديبلوماسي الذي حصل ضد لبنان عبر قرار مجلس الأمن الذي صدر في أيلول الماضي بتعديل على القرار 1701 ويقضي بعدم تقييد حرية اليونيفيل وحركتها. وحمل منصور رئيس الحكومة والمندوبة اللبنانية في الأمم المتحدة المسؤولية، لأنهما لم يعترضا مسبقاً على هذا التعديل ولم يتواصلا مع روسيا والصين من أجل عدم إجراء هذا التعديل.
ويُخشى وفق منصور أن ينتهز الخارج الفرصة من حادثة العاقبية من أجل اتخاذ قرارات ضد المقاومة والطلب من لبنان تنفيذ ما يُطلب منه تحت طائلة تعرّضه لإجراءات قاسية.
في غضون ذلك، وعلى خلفية حادثة رميش، أعلن مختارا بلدة عيتا الشعب علي دقدوق وخليل سرور، أننا حضرنا لقاء مع بعض الأهالي في بلدة عيتا الشعب، ومع مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في “حزب الله” عبد الله ناصر حيث قال في تعليق له على اللغط الإعلامي حول عمل جمعية “أخضر بلا حدود” في التشجير والمحافظة على البيئة الحرجية: “إننا على تواصل دائم مع أهلنا في “رميش” وتسود العلاقة بين أهالي “رميش” والقرى المحيطة الإلفة والتعاون والمحبة، وإن أي إشكال او سوء فهم تتم معالجته بالطرق الأخوية وبالتعاون والتواصل وأنا قمت بمعاينة مكان عمل جمعية “اخضر بلا حدود”.
ولفت ناصر إلى أنه “بعيداً عن أجواء التحريض والتأجيج الاعلامي والسياسي، فإننا على أرض الواقع نتلاقى بعيش مشترك ودائم، حيث لا تفرقة فيه بين قرية “رميش” والقرى المحيطة على كافة المستويات”.
على صعيد آخر، كشف وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار، حول اجتماع 13 كانون الأول، أنّ “أحد السفراء قال إننا فاسدون وأوروبا لا تستطيع الاستمرار بالدعم المادي وإنهم مع عودة النازحين ولكن العودة الضئيلة، وعلى لبنان إيجاد الحلول وكأنه يقول لنا ادمجوا السوريين”. وأضاف حجار في حديث تلفزيوني: “قلت للسفير اعملوا معروف زيحوا من الدرب تنرجع النازحين وما بدنا مساعداتكم ولهجته لم نسمعها حتى أيام الانتداب”. وأوضح أن “جزءاً من المجتمع الدولي يريد التوطين وأنا لم أقل اتركولنا فسادنا بل قلت كما ترون الفساد بلبنان أنظروا إليه لديكم أيضًا”.