التركي ومعاهدة أضنة مع سورية… أيّ خفايا تدور خلف الكواليس؟
} هشام الهبيشان
من جديد، وبعد فشل الأتراك في محاولة التقارب السياسي مع دمشق، يحاول الأتراك إضفاء شرعية على عملية الغزو الجديدة للأراضي السورية «غزو مناطق شرق الفرات»، والتذرّع بالمعاهدة «الأمنية» بين تركيا وسورية «معاهدة أضنة ـ 1998» والتي يدّعي الأتراك أنها تنص على الحفاظ على الأمن القومي التركي على طول الحدود بين الجانبين وبعمق 30 كم، مع أنّ بنود الاتفاق «الغير معلنة بشكل كامل «غير ذلك بالمطلق «ولا تنصّ على التعدّي على سيادة سورية بأيّ حال من الأحوال».
هنا من الواضح، أنّ الوجود والاحتلال التركي بدأ يتحوّل إلى أمر واقع، في شمال وشمال شرق سورية، لا بل يحاول الأتراك إضفاء شرعية سياسية وأمنية للتمدّد بمساحات جغرافية جديدة، والأخطر هنا أنهم يحاولون فرض هذا الوجود وذلك التمدّد بالقوة، وهنا، لا يمكن إنكار حقيقة انّ هناك احتلالاً وغزواً مباشراً وعلنياً برياً للأراضي السورية من قبل النظام التركي، وهناك حرب تصريحات إعلامية تؤكد انّ الأتراك كما قلنا إعلاه يستعدّون لاحتلال وقضم المزيد من الأراضي السورية شمالاً وشرقاً.
وعلى أرض الواقع، فالواضح بالفعل أنّ هناك استعداداً تركياً، لبدء عملية غزو جديدة للأراضي السورية «شرق الفرات»، وإقامة منطقة آمنة بالشراكة مع الأميركي المنسحب، وبغطاء اتفاقية أضنة لاقناع موسكو بالقبول، فوسائل الإعلام التركية المقرّبة من النظام التركي قالت انّ الجيش التركي جاهز لإطلاق معركة «شرق الفرات»، والحجة والذريعة جاهزة وهي انّ العملية تستهدف مقاتلي ميليشيا حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» شمال شرق سورية، فاليوم الحديث يدور انّ تركيا قد حشدت قوات عسكرية بحجم القوات التي شاركت في عملية «درع الفرات وغصن الزيتون»، واليوم أيضاً تؤكد وسائل الإعلام هذه بأنه تمّ حشد عشرة آلاف من القوات التركية الخاصة على الحدود مع سورية، مع إعطاء الأوامر لكلّ من القوات التركية والمجاميع المسلحة في شمال سورية الموالية لتركيا بالجهوزية التامة، للتوسع قدر الإمكان باتجاه عمق مناطق الأكراد شرق الفرات، «سلماً عبر استنساخ نموذج تفاهمات منبج مع الأميركي بمناطق عدة شرق الفرات»، أو حرباً «عبر استنساخ نموذج عفرين ـ غصن الزيتون «.
وهنا، لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الأتراك حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية من خلال السعي للسيطرة والنفوذ على مساحات جغرافية من شمال سورية، فالنظام التركي أظهر منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط شمال سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي السوري، وهذا الأمر ينطبق على أطماع الأتراك بالشمال السوري، فكانت لهم صولات وجولات في هذا السياق، وهذا ما يتعارض بمجموعه مع بنود اتفاق أضنة»، ويؤكد حقيقة أنّ التركي لم يلتزم بالمطلق بأيّ من بنود اتفاق أضنة.
وهنا، بات من المؤكد أنّ التهديد والحديث التركي عن الاستعداد لعملية عسكرية لغزو «شمال شرق» الأراضي السورية «بحجة الوجود الكردي»، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يخطط له الأتراك بعموم مناطق الشمال السوري، فمحاولة وصل منطقة نفوذ تركية تمتدّ من شمال شرق سورية إلى شمال غربها هو مخطط تركي قديم، ولهذا هم يسعون للاحتفاظ بمنطقة نفوذ جديدة «منبج» بشمال سورية وبالريف الشمالي الشرقي لحلب بالتحديد لضمان فرض سيطرة تركية ومساحة نفوذ ومناورة تركية جديدة بالملف السوري، فتركيا لم تهدّد بهذه العملية العسكرية لمحاربة ميليشيا قوات سورية الديمقراطية أو حزب العمال الكردستاني، وإنما جاء هذا التهديد بعد ان تيقنت بأنّ مساحة المناورة لها بسورية قد ضاقت بشكل كبير بعد تضييق الخناق عليها في إدلب، ولهذا قرّرت الاستعداد للتحرك بشمال شرق سورية، لإيجاد هامش وأوراق مناورة جديدة لها بالملف السوري.
ختاماً، من الطبيعي ان يشكل الاحتلال والغزو التركي خطراً كبيراً على مستقبل الدولة السورية سياسياً وأمنياً وجغرافياً وديمغرافياً، وهذا ما يؤكد أنّ المرحلة المقبلة ستشهد أحداثاً دراماتيكية عسكرية وسياسية في مسار وتداعيات ونتائج الغزو والاحتلال التركي للأراضي السورية، وهذا ما يؤكد أنّ الدولة السورية والجغرافيا السياسية السورية قد دخلت بمرحلة اشتباك دولي ـ إقليمي جديد، وعلى ضوء نتائج هذا الاشتباك سترسم حتماً من جديد الخارطة السياسية والجغرافية للاقليم والمنطقة العربية ككلّ.