مقالات وآراء

زيلنسكي في واشنطن الأهداف والتداعيات…

‭}‬ بتول قصير
تشكل زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن أكبر مفاجأة للعالم منذ بدء الحرب الروسية ـ الأوكرانية في شباط الماضي، أحد أهمّ دلالاتها تكمن في العلاقة الوطيدة بين واشنطن وكييف، وإمداداً عسكرياً ضمن خطة مساعدة كبيرة جداً لصالح أوكرانيا.
الزيارة المفاجئة والتي أعلن عنها قبيل ساعات، أثارت تكنهّات كثيرة أحاطت برحلة زيلينسكي إلى واشنطن، وطريقة خروجه من كييف بعد حوالي 10 أشهر من الحرب، خصوصاً أنه منذ اندلاع الحرب يقضي زيلينسكي معظم وقته في مكان سري، الأمر الذي يضع احتمالية التدخل الدولي لمساعدته على الخروج من أوكرانيا ضمن الاحتمالات المتعدّدة الواردة.
أحد أبرز هذه الترجيحات، انّ زيلينسكي قد غادر يوم الإثنين، بينما تمّ بث بيان وصور يوم الثلاثاء، على سبيل التشتيت، عن زيارته إلى باخموت في شرق أوكرانيا، والذي أعلن انها تمّت قبيل ساعات قليلة من توجه الأخير الى واشنطن، بحيث تمكن من الوصول عبر القطار سراً ثم بمروحية إلى قاعدة القوات الجوية الصغيرة في لاسك بجنوب بولندا، في الوقت الذي كانت طائرة تابعة للقوات الجوية الأميركية تنتظره هناك، والتي نقلته إلى قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا بعد ظهر يوم الإثنين.
أما الاحتمالية الثانية فترجح بأنّ الجيش التركي هو من أجلى الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وذلك على خلفية رصد طائرتين عسكريتين تركيتين كانتا عالقتين في كييف منذ فبراير/ شباط الماضي، حلقتا يوم الثلاثاء من العاصمة الأوكرانية باتجاه اسطنبول، في إشارة الى انّ الرحلتين العسكريتين للطائرتين التركيتين، سبقتهما مفاوضات طويلة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأوكراني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبطبيعة الحال فالزيارة الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب، لا بدّ انها تكتسب زخماً استراتيجياً، كونها تتضمّن إعلان الرئيس بايدن عن تقديم مساعدة أمنية إضافية بقيمة 1.8 مليار دولار، كما أعلنت واشنطن عن نيتها تقديم صواريخ باتريوت (أرض ـ جو) المتطورة لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة القوات الروسية. وتزامنت الزيارة مع تصديق صندوق النقد الدولي، أمس الأربعاء، على تقديم 1.4 مليار دولار بشكل طارئ لدعم أوكرانيا في تمويل النفقات ودعم ميزان المدفوعات. بالإضافة الى إعلان البيت الأبيض إنه سيدرّب القوات الأوكرانية على كيفية استخدام نظام باتريوت في دولة ثالثة، وأنّ هذا سيستغرق بعض الوقت، ويجري العمل حالياً أيضاً في الولايات المتحدة على دفع فاتورة من شأنها أن تمنح أوكرانيا أكثر من 40 مليار دولار في شكل تمويل إضافي مع اقتراب العام 2023، وفي ما يتعلق بالإنفاق الإجمالي على الدعم العسكري المباشر منذ بداية الصراع، التزمت الولايات المتحدة أكثر بكثير من أيّ دولة أخرى.
أما روسيا قد حذرت من أنّ العتاد الذي تزوّد به الولايات المتحدة أوكرانيا سيكون أهدافاً مشروعة للضربات الروسية. خاصة انّ واشنطن ليست لديها النية لدفع زيلينسكي إلى طاولة التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أوعز لقواته اعتبار هذه البطاريات أهدافاً مشروعة للجيش الروسي، وقد صدرت أوامر له باستهدافها بمجرد دخولها الأراضي الأوكرانية، مما سيصعّد حدة التوترات في الأيام المقبلة.
وعليه يمكن القول انه طالما ما زالت أميركا تحقق مكاسب جيوسياسية واقتصادية من النزاع، في حين وصلت عائدات شركات الطاقة الأميركية، المسجَّلة في البورصة، إلى مستويات قياسية في الربعين الأخيرين، وفقاً للأرقام التي أعدّتها مؤسسة «ستاندرد أند بورز». والموهبة الأميركية التي تحترفها في تصدير الأزمات ومشاريع الفوضى إلى مختلف دول العالم، انطلاقاً من مبدأ «أميركا أولاً». فإنّ روسيا ترنو لاستعادة أمجاد امبراطوريتها، من خلال المضيّ بالتمسك بتحقيق أهدافها وهي تحويل أوكرانيا إلى دولة آمنة عسكرياً على الحدود الروسية والتوقف عن تزويدها بأسلحة حلف الناتو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى