بندقية للإيجار!
} محمد حسن الساعدي
ما ان تحصل أحداث تصعيدية سياسية، حتى يكون الشارع واحداً من محطاتها، ويكون الشباب هم وقودها، وما حصل فعلاً من أحداث تأزيمية، خلال التظاهرات الأخيرة في جنوب العراق، ومنذ انطلاق التظاهرات التشرينية ونحن نراها تنعكس من الشارع وفيه…
كذلك صارت جهات كثيرة تسعى لتحقيق أهدافها عبر النزول الى الشارع، وعبر استخدام كلّ الوسائل القانونية وغير القانونية، من أجل مصالح ضيقة، أو غايات فردية أو أجندات، تعتبرها هدفاً تعمل لتحقيقه.
ما يحصل في محافظة ذي قار لا يدخل في خانة المطالبة بالحقوق، بقدر ما هو صراع مناصب، بين تجار الدم والمال والكرسي، وهم يسعون الى أن يكون شباب المحافظة وقوداً لهذا الصراع، لذلك كان من أولويات القوى الأمنية، الضرب بيد من حديد، أمام كلّ المحاولات في تسييس المدينة، وجعلها بمتناول يد العصابات، والتجار الذي يحاولون التحكم بالمحافظة، حتى وصل الحال الى ان يتدخلوا بالعقود التي تقوم بها المحافظة مع الشركات العالمية، والخاصة بإعمار المدينة، حيث يسعى هولاء الشباب ومن يقف خلفهم من أصحاب الأجندات والتجار، الى تجنيد هولاء المساكين، من أجل قطع الطرق او محاصرة الشركة التي تريد تنفيذ المشروع، أو حتى محاصرة المحافظة، وهذا ما تمّ فعلاَ خلال محاصرة المحافظة مؤخراً وإحراقها.
ما يحصل في محافظة المظلومية (الناصرية) خصوصاً أو الجنوب عموماً، لا يمكن تصويره إلا خروجاً عن المألوف.. بل مستغرب تماماً.
الجنوبيون هم الشهداء الأحياء، وهم الجنود الأوفياء بيد مرجعيتهم، بل هم أهل التقاليد والعادات والحظ والبخت، وما يجري اليوم من هتك الحرمات وحرق الممتلكات، لا يمكن إدراجه إلا في خانة التآمر، على هذا الجزء الحي من العراق .
ما يجري من تخريب للممتلكات وقتل للنفس المحترمة، لا يمكن عدّه إلا تخطيطاً مبرمجاً لحرق الجنوب كله، وتنفيذ مخطط بإشراف اللوبي الصهيوني، وبالتعاون مع بعض دول الخليج، والتي لم ولن تدّخر جهداً في تخريب الوضع السياسي للبلاد، وإثارة النعرات الطائفية والقومية، ولكن هذه المرة ستكون حرباً (شيعية ـ شيعية) تحرق الأخضر قبل اليابس، إضافة الى تنفيذ كلّ خطوات هذا المخطط الخبيثة، في السيطرة على المدينة، وإخراج السجناء من الإرهابيين والقتلة من العرب والخليجيين في سجن الناصرية…
لذلك فإنّ ما يجري من تخريب متعمّد وحرق للممتلكات العامة والخاصة، وهو تصعيد مفاجئ خصوصاً أنّ عمليات التخريب تدور في جغرافية محدّدة، وهي المحافظات الجنوبية، فيا ترى ما هي الدوافع او الأهداف التي يحاول فيها المحتجّون الوصول إليها؟!
الهدف معلوم وواضح للجميع، ألا وهو إدخال محافظات الجنوب في الفوضى، وذلك من أجل منع أيّ انتخابات مقبلة، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، إضافة الى الدعم الكبير الذي تتلقاه جماعات التخريب، والتي تسعى الى إيجاد حالة «الفوضى الخلاقة» في الجنوب وإشعال فتيل الاقتتال بين أبناء البلد الواحد.
هناك مسؤوليات كبيرة تقع على العشائر العريقة في جنوب البلاد، كما انّ هناك واجباً شرعياً عليها في ضرورة المحافظة على تماسك المجتمع، ومنع انزلاقه الى حرب طاحنة، تقودها عقول التخلف والجهل نحو الهاوية، وهذا ما تسعى إليه القوى الغربية في عكس فشل القوى السياسية «الشيعية» في الإدارة والحكم…
كما على الدولة مهامّ حساسة ومهمة، في الكشف عن هذه التظاهرات وحماية البريء منها، وملاحقة الأجندات ومحاسبتها، بل من المؤكد ضرورة بث الوعي السياسي بين أبناء الجنوب أنّ البلد بلدهم، وأنّ مطالبهم حقة، وينبغي على الحكومة ان تسعى جاهدة لتحقيقها…
كما أنّ على الحكومة تنفيذ المطالب المشروعة، للشعب العراقي عموماً والمناطق المحرومة خصوصاً، وتوفير الخدمات وبما يتسق والشعارات التي رفعتها حكومة السيد السوداني.