كيف ننتصر في حرب المناخ؟
} سارة السهيل
عايشنا في السنوات الأخيرة طفرات غير مسبوقة في درجات الحرارة بمختلف بقاع المعمورة، بشكل لم نعهده من قبل، وعانينا كثيراً من مشكلات «الإجهاد» الحراري وتلف الكثير من المحاصيل، بينما عانت شعوب كثيرة من الفيضانات والأعاصير والعواصف والأمطار الغزيزة وزيادة السيول، وجفاف البحيرات والانهار.
كلّ هذه المظاهر تعدّ من تجليات تغيُّر المناخ، الذي يعرف بأنه تغيُّر في أنماط درجة الحرارة والرياح خلال فترة معينة من الزمن تستمرّ لسنوات، بسبب تأثير الأنشطة البشريّة الصناعية والكيماوية ومساهمتها في انبعاث الغازات الدفئية بالغلاف الجوي، مثل ثاني أُكسيد الكربون والميثان وأُكسيد النيتروز وبروميد الميثيل وغيرهم، الى جانب فقدان الغابات الرطبة مما تسبّب في تشكيل ظاهرة الاحتباس الحراريّ .
تمَّ اكتشاف التغيُّر المناخي، عندما تمّت ملاحظة التغيُّرات الطبيعية في المناخ القديم والتعرُّف على التأثير الطبيعي «للصوبة» الزجاجية. وترتَّب على تنامي التغيُّر المناخي كوارث تهدّد بقاء العديد من المدن الساحلية مثل الاسكندرية وغرق الدلتا في مصر بفعل ارتفاع منسوب المياه في البحر المتوسط وذوبان الأنهار الجليدية.
والاختلال في مواسم سقوط الأمطار وأماكنها مما قد يصيب بعض المناطق بالتصحُّر ومن اختلال التوازن البيئي للزروع والحيوانات، بجانب انتشار العديد من الأمراض والأوبئة مثل الملاريا و حمَّى «الضنك» بسبب انتشار البعوض على خطوط العرض والارتفاعات العليا.
وأمام هذ الكارثة التي تهدّد بقاء الإنسان على الأرض، فإنّ مواجهة التغيير المناخي تعدّ قضية عالمية تتطلب التعاون والإسراع في تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري باستخدام الطاقة النظيفة والتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.
ولا شك انّ العالم بحاجة الى توسُّع زيادة الغطاء النباتي وتبني سياسات زراعية جديدة تتكيّف مع متغيّرات المناخ لحماية المحاصيل، وتقليل الخسائر وإنتاج بذور زراعية قادرة على الصمود أمام هذه التحديات .
انّ هذه الأزمة العالمية تحتاج الى تعاون دولي من أجل تمويل الدراسات الخاصة بالبذور المبتكرة لتحمُّل التغيّر المناخي، ووضع سياسات زراعية جديدة تقلل من تكلفة إهدار الماء في المحاصيل المستهلكة للمياة بشكل أكبر، والتوسع في زراعة الأشجار التي تقلل من التصحُّر في المناطق المرتفعة الحرارة .
وأدعو عالمنا العربي إلى مجابهة الأمّية البيئية بوضع خطط إعلامية وتعليمية وثقافية لنشر الوعي بالثقافة البيئية، وأيضاً نشر الوعي بين المزارعين بأساليب الزراعة الذكية مناخياً، وهي كتوجه عالمي يستهدف التكيُّف مع تغيُّر المناخ، باستخدام أنواع المحاصيل المقاومة للجفاف أو الملوحة، وكفاءة استخدام موارد المياه ومعالجة الآفات.
وأظنّ أمام أزمة نقص المياة في عالمنا العربي أو أية مشكلات محتملة للتصحّر، فإننا مطالبون بسرعة تغيير سياساتنا الزراعية بالتوقف عن آليات الرزاعة القديمة، والاستثمار الجيد للمساحة الزراعية وفقاً لكمية المياه المتاحة .
الضرورة تفرض علينا زراعة الأشجار التي تظلل بفروعها وأغصانها الشوارع للعمل على ضبط درجة الحرارة بالصيف، وعلاج التصحر بزرع الأشجار الكثيفة السريعة النمو ومنع الرمال والغبار وتراكمه.
فـ أشجار «النيم» يمكن جلبها من الهند، لمنع التصحّر وعلاجه، فهي تستهلك ماء أقلّ وتنمو بسرعة وفي تربة مالحة، وتتحمّل درجة حرارة 50 درجة، ويُستخرج من ثمارها مواد تستخدم في صناعة مواد التطهير والوقاية من أمراض الجدري. وزراعة هذه الشجرة بالأرض المغطاة بالرمال تحوّلها إلى واحة خضراء في وقت قصير وتغذي التربة وترطبها وتمنع التصحّر.
وهناك العديد من الأشجار التي تساعدنا في معالجة التغيّر المناخي وتقلل من درجة حرارة الصيف منها: شجرة الرماد، والزان والقيقب، والبلوط.
وإطــلاق حــملات في بلادنــا العربية لزراعــة الأشجار وزيادة الغطاء النبــاتي، لتنقيــة المياه والجـو، مع حملات لنشر ثقافة ركوب الدراجات لتقليل استخدام السيارات، والتعاون المجتمعي في تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل.