الفن التشكيلي السوري في 2022… تميز محلي وعالمي معارض وتكريم مبدعين قدموا مواضيع وجدانية ووطنية واجتماعية
دمشق ـ سانا
حضر الفن التشكيلي السوري بقوة في الساحة الثقافية لعام 2022 فنثر زخارفه من نحت ورسم وبورتريه وتصوير ضوئي وفوتوغرافي على أروقة العديد من الصالات العامة والخاصة، مقدماً وجوهاً فنية شابة، وعروضاً لمخضرمين برزوا في عالم الفن التشكيلي، عبر معارض محلية وعربية وعالمية فردية وجماعية وحتى استعادية.
وعملت كل من وزارة الثقافة السورية ومديرية الفنون الجميلة جاهدة على تقديم هذا الفن بأبهى صورة عبر نشاطات وفعاليات شملت جميع المحافظات، إضافة إلى تكريم المبدعين والقامات الفنية بمسابقات وجوائز محلياً وعالميًا، ناهيك عن المعارض التي سلّطت الضوء على قضايا وجدانية ووطنية واجتماعية.
وتميّزت التجارب الشابة الفردية والجماعية في أغلب المحافظات منها معرض طلاب المعهد العالي للموسيقى، ومعرض متخرجي الفنون الجميلة.
ولم يخلُ الفن التشكيلي السوري هذا العام من أسماء وعناوين لقامات فنية كبيرة وإبداعات فذة مثل الهواجس والعواطف التي جسّدها (الورق) في معرض للفنانة التشكيلية أسماء فيومي، وأسرار شهرزاد للتشكيلي محمد العلبي، والحنين للماضي في لوحات عمار الشوا، أما قيامة السنديان فسلطت الضوء على الفن التشكيلي في حياة الشاعر الراحل خالد أبو خالد.
وشهد عام 2022 معارض مشتركة بين سورية ودول صديقة جمعت القضايا الإنسانية على لوحات فنية، برزت فيها هموم الشعوب عالمياً مثل (نيكولسكوي.. تهاتف المصائر) المعرض الذي وثق الأعمال الإرهابية التي طالت معلولا ونيكولسكوي، وكذلك معرض بعدسات التشكيليين قدّموا فيها صوراً فوتوغرافية عكست الواقع السوري.
وجالت اللوحات الفنية في أنحاء العالم لتقدّم وجه سورية الحضاري بكل الألوان التعبيرية للفن التشكيلي فاستطاعت الفنانة التشكيلية السورية المغتربة في كندا رندة حجازي أن تحقق تميزاً وحضوراً بارزاً من خلال نيلها الميدالية الفضية عن مشاركتها في معرض فني أقيم في القاعة الملكية بكنيسة القديسة مادلين في باريس، وبرزت لوحات الفنانة هيام سلمان كجسر ثقافي بين سورية واليابان في معرض أقيم بالعاصمة اليابانية طوكيو.
وأقيم معرض في موسكو للفنان نزار صابور بعنوان “الحياة لا تموت” واحتفى النادي الثقافي العربي في إمارة الشارقة بأعمال الفنان التشكيلي السوري بشير بشير من خلال احتضانه لمعرضه الفردي الـ31 بعنوان “التكوين والتجريد”.
كما افتتح المعرض الفني للفنان السوري المغترب في سويسرا مفيد حنا وأقامت جمعية زنوبيا للسيدات في أستراليا بالتعاون مع مركز الملكة فيكتوريا للسيدات معرضها التشكيلي الأول تحت عنوان أمل.
وشاركت الفنانة السورية العالمية سارة شمة بلوحة (ميرا وسانجيف) بمعرض الصيف للأكاديمية الملكية للفنون في لندن 2022 وحضر الفن التشكيلي السوري في المعرض الفني “إشراقات 2022” الذي أقيم في دبي بالفن التشكيلي العربي المعاصر.
وعكست المعارض الاستعادية دوراً مهماً لمستوى التجارب الفنية لأجيال من الفنانين المخضرمين إلى جانب تجارب فنية شبابية تجتهد لتصنع بصمتها الخاصة ومنها معرض للفنان عز الدين شموط، ومعرض فني بحلب تحية لروح الفنان فاتح المدرس، ومعرض بعنوان “جيل الحداثة” لأعمال 35 فناناً وفنانة من رواد الحركة التشكيلية السورية، ومعرض استعادي لأعمال النحات السوري فؤاد أبو عساف بمناسبة الذكرى الأولى لرحيله، وثلاثون عملاً في فن الغرافيك السوري ضمن المعرض الاستعادي السابع.
كل ذلك الإبداع الفني تكلل بجوائز تكريمية متنوّعة فردية وجماعية ولكل أنواع واختصاصات الفن التشكيلي، وأيضا لشخصيات فنية رائدة ومسابقات مختلفة، منها تكريم الفائزين في مسابقة البوستر للموسم الثاني، وتكريم أيقونات سورية رائدة في الفن التشكيلي، إضافة إلى جوائز عالمية حصل عليها كل من التشكيلية السورية صبا رزوق عن جائزة السلام الدولية في اليابان، والفنان رائد خليل فاز بجائزة في مهرجان دولي برومانيا.
وبدأت المساحة الفنية الأوسع في الموسم الخامس لأيام الفن التشكيلي السوري الذي أطلقته وزارة الثقافة في الشهر العاشر احتفاء بمئوية الفنان المعلم فاتح المدرس تحت شعار “سبعون عاماً من الحداثة”، وهو إشارة إلى مرور سبعين عاماً على فوز لوحته كفر جنة بالجائزة الأولى، في المعرض السنوي الثالث عام 1952، والتي تم اعتبارها بدايةً لتاريخ الحداثة في الفن التشكيلي السوري.
وتضمنت الاحتفالية إقامة العديد من المعارض في صالات العرض العامة والخاصة، وندوات أكاديمية ومسابقات احترافية، منها معرض الخريف السنوي في قلعة دمشق، ومعرض الحداثة في صالة الشعب، ومسابقة البورتريه من وحي أعمال فاتح المدرس في قلعة دمشق، ومسابقة تصميم البوستر في مكتبة الأسد الوطنية.
أما صالة مشوار فقدّمت عرضا بانوراميا للمراحل التي عاشتها الحركة التشكيلية في سورية، من خلال ما تيسّر من المنشورات والكاتالوجات الصادرة في فترات مختلفة، إضافة إلى دعوات المعارض الرسمية والخاصة التي شهدتها الحركة التشكيلية السورية على امتداد الجغرافيا السورية.
وتضمّنت أيام التشكيل السوري تكريم قامات فنية كبيرة مثل ممدوح قشلان وإلياس الزيات وعلي الكفري ضمن معرض ضمّ أكثر من 50 مشاركاً، وتكريم الفنانة التشكيلية سوسن جلال بذكرى وفاتها الأولى، ثم أتى معرض إعلان نتائج مسابقة البورتريه المعتمدة على تقنية إعادة التدوير كتتويج لجهود الوزارة في دعم شريحة الشباب من الفنانين الأكاديميين.
الفن التشكيلي في هذا العام حمل على عاتقه قضايا وطنية واجتماعية مهمة جسّدتها الأعمال الفنية الكثيرة مثل قضية المرأة التي قدّمها معرض المرأة السورية فراشة من حديد و(المرأة .. رؤى متقابلة في أعمال نذير نبعة وليلى نصير)، أما قضية المقاومة فكانت من خلال معرض فني افتتح بمناسبة يوم القدس العالمي في المركز الثقافي الإيراني في مدينة اللاذقية، ومعرض بعنوان القدس هي المحور نظمه اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين بمناسبة يوم القدس العالمي احتضنته صالة الشعب، كما برزت القضية الفلسطينية ورموزها في رؤى 40 فناناً وفنانة في يوم الأرض.
القضايا الإنسانية وهموم الشعوب جانب من رسائل المحبة والسلام والرسائل التاريخيّة التي برزت فيها صورة سورية الحضارية من خلال المعرض الفني الذي أقامه غاليري ليليت ونظمته وزارة الثقافة والمركز الثقافي الروسي في قصر الأمير عبد القادر الجزائري بدمشق، والمعرض الرقمي عن الفسيفساء التاريخية في سورية بعنوان “لا تزال سورية مصدر الفنون”.
وحجز النحت مكانة خاصة في هذا العام عبر الأعمال المميّزة لـ15 نحاتاً في ملتقى النحت السوري الأول بطرطوس وملتقى سيلينا السادس نبضت المنحوتات البازلتية بالجمال في عيون الوادي وحمل عنوان (جبال الصوان)، كما شكل معرض (النحاتين السوريين) الذي أقيم في غاليري البيت الأزرق بدمشق حواراً فنياً وبصرياً مهماً بين أعمال عدة أجيال ينتمون للفن التشكيلي السوري المعاصر.
من ناحية أخرى خسرت الحركة التشكيلية السورية قامات فنية مبدعة قدمت أعمالاً فنية خالدة في تاريخ الفن التشكيلي السوري، ومنها الفنان التشكيلي الكبير الياس الزيات والفنان التشكيلي الفلسطيني علي الكفري والعلامة الفارقة في التشكيل السوري الرائد ممدوح قشلان والتشكيلي والنحات الدكتور عبد الله السيد و التشكيلي فداء منصور.