دبوس
الحرب الناعمة كنعومة الأفعى
هكذا تعمل حرب أميركا الناعمة، ولبنان مثلاً، الهدف، ضرب حزب الله من الداخل، بعد الفشل في إلحاق الهزيمة به من خلال الحرب الخشنة في عام 2006، وبعد الفشل الآخر من خلال تطويقه وعزله ومن ثم إضعافه بمحاولة إسقاط الدولة السورية، تعمد منظومة القوى المعادية للمقاومة الى تفعيل نوع آخر من الحروب، وهي الحرب الناعمة التي يمكن تلخيصها بما يلي، تفشيل الدولة اللبنانية من خلال الحصار والعقوبات، وتجفيف مصادر الدخل، والهبات والمعونات، وعدم العمل على ترميم الوضع المتهاوي للدولة، ثم توجيه أصابع الاتهام للمقاومة في كلّ الدمار والانهيار الذي تحدثه دولة الهيمنة وأتباعها في لبنان…
لا يساورني أدنى شك فيه هو انّ محور الهيمنة يعتمد في المقام الأول على الأدوات الداخلية التي تنخر الجسد اللبناني كما السمّ يسري في كلّ طبقات القيادة والإدارة والإعلام والجهاز القضائي والأمني والسلطة التشريعية والتنفيذية، والتي تتحرك مقابل المال والعطايا والامتيازات!
من نافل القول التذكير بأنّ واحدة من الناجعات للتصدّي لمثل هذه التكتيكات الناعمة لاختراق الداخل هي تغليظ عقوبة أولئك الذين يتلقون المال من الخارج لتنفيذ الأجندات المعادية للوطن ولمقاومته، وتحصين الحاضنة الشعبية للمقاومة، نمتلك الفعل في التحصين، ولا نمتلك الفعل في التغليظ، هذه هي المعادلة، ويبدو من مراقبة الموقف ومنذ الهجمة الناعمة الى الداخل انّ ديدن وفلسفة المقاومة ترتكن الى الدفاع الفلسفي، بحيث لا يُصار الى الإجراء التحسبي الاحترازي الوقائي، بل الى التصدّي لتفريغ العدوان من محتواه بأمثل الطرق، والاحتساب الى الصبر الاستراتيجي ومبدأ تقليص الخسائر، والاكتفاء بمنع الانزلاق، وكظم الغيظ، والتعالي على الجراح، وامتصاص تهافت المتهافتين، ووضع المصلحة العليا فوق أيّ اعتبار.
سميح التايه