أخيرة

بين ديغول ولبنان…

‭}‬ مريانا أمين
كيفما ذهبت في فرنسا تقرأ إس شارل ديغول…
من مطار شارل ديغول ، إلى ساحة أو شارع شارل ديغول، إلى حديقة أو مصنع شارل ديغول، وإلى بحار الشرق وصلت أيضاً «حاملة طائرات شارل ديغول» التي تسير بالوقود النووي ويبلغ طاقمها نحو ألف شخص، حيث استقبلتها السلطات الأردنية في ميناء العقبة أحسن استقبال بعد يومين من استقبالهم للرئيس ماكرون.
حاملة الطائرات ديغول كانت قد رست في السنوات السابقة في المياه الليبية؛ وهي أولى سفن الدفع النووي في أوروبا الغربية.
أما فنياً فيوجد منحوتات من البرونز تخليداً لديغول في معظم المدن الفرنسية وأهمّها منحوتة في مدينته التي ولد فيها (ليل ـ Lille).
ديغول الذي جُرح وأسره الألمان في بداية الحرب الكونية الأولى واعتبر من عداد القتلى، ثم اكتُشف حياً وحاول الفرار فأخذ عقاباً وسجن سنتين ونصف السنة.
لكن! حتى خلال عزلته حاول الفرار خمس مرات.
كلّ هذا كان أهون عليه من عمله كرئيس دولة.
فهو الذي قال: «كيف يمكنك أن تحكم بلداً فيه 246 نوعاً من الأجبان»؟
ونيكولا ساركوزي حذا حذوه بقوله: «كيف تريد أن تحكم بلداً يوجد فيه 258 نوعاً من الاجبان»؟
إذن! لقد زاد عدد أنواع الأجبان في فرنسا ما بين عهد ديغول وعهد ساركوزي، واليوم ازداد العدد أكثر خاصة عشرات الأنواع الرومانسية والساحرة المذاق.
فاختلاف أنواع الأجبان كاختلاف أنواع البشر في فرنسا التي تحتوي على أحزاب كثيرة وأعراق مختلفة وألوان متعددة تعيش في وطن واحد، بجذور مختلفة أتت إليها حاملة عادات وتقاليد لا تُعدّ ولا تُحصى ليحتضنهم العلم الفرنسي، ويقدّم لهم كلّ أساليب الراحة والطمأنينة.
أما اليوم وإذا كان الأمر في عهد ماكرون أصعب ما يكون داخلياً وخارجياً لتأثير أوروبا الشرقية وحروبها على فرنسا!
فكيف لوطننا لبنان!؟
الذي سمّى شارعاً باسم «الجنرال ديغول» في بيروت.
ديغول الذي عاش في لبنان ثلاث سنوات ليبقى منزله مصنفاً ضمن المباني الأثرية في منطقة المصيطبة البيروتية إلى يومنا هذا.
لكن! كيف لرئيس لبناني أن يحكم بلداً صغيراً فيه 246 نوعاً من النبيذ وزيت الزيتون!؟
كيف لرئيس أن يحكم خمسة ملايين نوع ولون من البشر، وكلّ مواطن يُشبه صنفاً فريداً من الأجبان، ويعتبر نفسه أرقى عرقاً وألذّ مذاقاً وأصفى جذوراً؟
وكيف لرئيس أنّ يؤمّن الحرية والأمن للبلاد في ظلّ هذا الوضع الاقتصادي الصعب! وإذا رجعنا إلى قول ديغول لخبرته الطويلة في خوض الحروب على أنواعها بقوله: «لا يمكن لدولة لا تملك قنبلة نووية أن تعتبر نفسها حرة تماماً»؟!
بالطبع قوله قابل للنقاش لأنّ في تراثنا اللبناني الذي تجتمع فيه النخوة وعزة النفس العربية نستطيع أن نحصل على الحرية وعلى دحر أعتى عدو في الشرق يمتلك قنبلة ذرية. فالحياة وقفة عز فقط!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى