«ثنائية اللغة العربية – الفرنسية» والغنى بين الثقافتين محاضرة للدكتورة ماريا حبيب
استضافت مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية في مقرّها في طرابلس، الدكتورة ماريا حبيب في محاضرة بعنوان «تأثير ثنائية اللغة العربية – الفرنسية على بناء الهوية عند الشباب في لبنان».
حضر الندوة مدير ثانوية مار إلياس في الميناء الأب إبراهيم دربلي، مدير ثانوية بكفتين – الكورة بشارة حبيب، مدير الثانوية الوطنية الأرثوذكسية – القبة إيلي بيطار والناظرة نهى الحاج يونس، ومثلت ثانوية الجنان هنا حداد، وأساتذة جامعيون ومهتمون.
وألقى رئيس الهيئة الإدارية لـ «مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية» الدكتور سابا قيصر زريق كلمة ترحيب وتعريف بالمحاضرة الدكتورة ماريا حبيب وقال: «كيف لي أن أترك اليوم لغيري أمر تقديم محاضرتنا والتعريف عنها وأنا الذي عرفتها منذ طفولتها، وها نحن اليوم نستقبلها مكتملة الأوصاف الأكاديمية. تخرجت الدكتورة حبيب من جامعة القديس يوسف للآباء اليسوعيين في بيروت، مع إجازة تعليمية في علم النفس، تلتها درجة الماجستير في العلوم التربوية من جامعة البلمند، حول «إكتساب المفاهيم اللغوية» بدرجة مشرّف جدا مع الحق بالنشر، لتتوج مسيرتها العلمية بدكتوراه في العلوم التربوية من جامعة بول فاليري في مونبيليية فرنسا، وعنوانها «تأثير الثنائية اللغوية على التصورات الهُوِياتية للشباب في لبنان».
أضاف: «الدكتورة ماريا خبيرة في منهجية البحث وأصول تعليم اللغة الفرنسية وتنمية الأطفال والتلامذة في مراحل الدراسة الابتدائية، كما في تخطي الصعوبات التعليمية ومواكبة المعلمين والمعلمات في ممارستهم لمهنتهم، وهي كذلك باحثة نهمة في مواضيع تربوية شتى وحالياً هي أستاذ مشارك في المعهد اللبناني لإعداد المربين في حرم الشمال لجامعة القديس يوسف للآباء اليسوعيين».
ثم تحدثت الدكتورة حبيب فتناولت «أهمية موقع لبنان كمساحة متعددة اللغات ومكاناً للقاء بين الشرق والغرب»، وقالت: «الفرنسية والإنكليزية هما اللغتان الغربيتان اللتان برزتا دائماً في لبنان إلى جانب اللغة العربية حيث تؤديان وظائف مختلفة ومتكاملة. وفي ظل الانتداب الفرنسي جعل دستور عام 1924 تدريس اللغة الفرنسية إلزامياً في جميع المدارس كلغة رسمية بالتزامن مع اللغة العربية، وبعد إستقلال لبنان فإن اللغة العربية الفصحى كانت تُعتبر اللغة الرسمية الوحيدة في لبنان وقد أدى الوضع المخصص للغة الفرنسية إلى نشوء العديد من الصراعات الإيديولوجية والطائفية».
ثم تطرّقت إلى وضع اللغات في المدارس اللبنانية و«ما تنص عليه المادة 10 من الدستور اللبناني لعام 1943 بأن المدارس حرة في اختيار لغة التدريس إنطلاقا من اسباب إيديولوجية حيث يتم تدريس اللغات الغربية في جميع المدارس اللبنانية وهي لغات التعليم في المواد العلمية، كما يتم تدريس اللغة العربية الفصحى كلغة تواصل، في حين يتحدث المواطنون اللغة العربية باللهجة اللبنانية».
وبيّنت «كيفية تفاعل اللبنانيين حيال ثنائية اللغة من حيث الأبعاد الاجتماعية والثقافية والنفسية»، وقالت: «إن دراسة تأثير اللغة الفرنسية كلغة ثانية في تكوين الهوية عند الشباب تشير إلى أي مدى تأخذ البرامج اللبنانية في تدريس اللغة الفرنسية في الاعتبار الواقع اللبناني واحتياجات مجتمعه مما يوضح المفاهيم الأساسية التي تكمن وراء إشكاليتنا الثقافية وما يتعلق بالهوية والانتماء».
وتابعت: «إن اختيار تعريف المفاهيم ليس مستقلاً عن اختيار ارتباط الكلمات، هدفها الرئيسي هو نفي أو تأكيد النتائج التي تمّ الحصول عليها من خلال الإجابات التي تم جمعها والتي تدل أنه حين تكون كلتا اللغتين موجودتين في الوقت نفسه في سياق معين فإن اختيار تعريف المفاهيم بالكلمات الإستقرائية المقدمة في الاختبار ستنتج لنا مقاربة للنتائج التي تم الحصول عليها».
وختمت حبيب: «لا نلاحظ اي انقسام أو انفصام لدى الشباب في بناء تصورات هويتهم الذاتية بين الثقافتين واللغتين على الرغم من تباعدهما بل نرى بالأحرى تكاملا وغنى بين الثقافتين تمنح الأفراد المرونة والانفتاح والقدرة على التكيّف.. وفي الواقع إن الثقافة الشرقيّة لا تعزل اللبنانيين عن الثقافة الثانية بل على خلاف ذلك فإنّ النتائج التي توصلنا إليها أوضحت أن التردّدات بين النظامين اللغويين والثقافتين لا تزال واضحة في ما يتعلق بتمثلاتهم على الدين والجنس والوطن وبغض النظر عن انتمائهم الاجتماعي – المجتمعي او التقسيم الطبقي الاجتماعي لانتمائهم».