موسكو تعلن وقفا أحاديا للنار في الميلاد الشرقي… ومجلس النواب الأميركي تجاوز فشل 1923 مراوحة رئاسية مستمرة… ودعوة لجلسة جديدة… والمبادرات لا تزال تدور حول القشرة أزمة الكهرباء والفيول إلى تفاقم… والمجلس الدستوري يتوازن بين الموازنة والطعن
} كتب المحرّر السياسيّ
لا يبدو أن وقف إطلاق النار سيبصر النور في جبهات أوكرانيا مع حلول عيد الميلاد وفقاً للتقويم الشرقي، فالقرار الروسي الأحادي استجابة لنداء الكنيسة الأرثوذكسية ودعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لقيت دعوات معاكسة في كل عواصم الغرب وفي كييف، بعكس مرات سابقة تم خلالها الاتفاق على وقف إطلاق النار، ما يعني أن جولة تصعيد ستكون قريباً على جبهات القتال.
دولياً، أيضاً أخفق مجلس النواب الأميركي للمرة الثامنة بانتخاب رئيسه الجديد، مع تكرار مشهد امتناع عدد من النواب الجمهوريين عن التصويت للمرشح الجمهوري كيفن مكارثي، ومع الفشل في إنجاز الانتخاب في الجولة التاسعة يكون المجلس قد سحب الرقم القياسي في عدد الجولات الفاشلة من أزمة عام 1923 التي استمرت لثماني جولات وانتهت في الجولة التاسعة بانتخاب فريديريك جيليت الجمهوري رئيساً.
في لبنان تستمر المراوحة الرئاسية دون إحراز أي تقدّم مع التوقعات بتوجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة لجلسة جديدة الخميس المقبل، بينما لا جديد على صعيد الحوار بين الكتل النيابية التي تشكل جبهتين متقابلتين، كل منهما تتشكل من أربعين نائباً وتدعم أحد المرشحين النائب ميشال معوض والوزير السابق سليمان فرنجية، وبينهما أكثر من أربعين نائباً يبحثون عن مرشح ثالث يمكن أن يحقق فرصة توفير النصاب اللازم لجلسة يفوز بها في دورتها الثانية بالرئاسة بالأغلبية المطلقة، بينما تسعى كل من الجبهتين الكبيرتين على اكتساب تأييد عدد من النواب الذين بات التيار الوطني الحر ونوابه أبرزهم وأكثرهم عدداً، حيث ينتظر أن يكون الملف الرئاسي على طاولة الحر بينه وبين حزب الله مجدداً، في موعد لم يُحدّد بعد، والمبادرات الجارية لحلحلة رئاسية وفقاً لمصادر نيابية لا تزال تدور داخل النواب الأربعين الواقفين خارج الجبهتين الرئاسيتين الكبيرتين، ولذلك لا يُعتبر أي تقدّم فيها أكثر من إضافة مرشح ثالث الى المرشحين الحاليين، إذا توافق النواب المستقلون والتيار الوطني الحر وعدد من نواب التغيير على مرشح واحد وهو أمر مستبعَد، لأنه لن يؤدي إلى أي تقدم باتجاه انتخاب الرئيس الجديد، ما لم يتم التوافق مع إحدى الجبهتين الكبيرتين على الأقل.
على صعيد أزمة الكهرباء والفيول، دخل لبنان في العتمة الجزئية مع توقف معمل الزهراني لغياب الفيول. وقد يدخل في العتمة الكاملة عندما يلحق به قريباً معمل الذوق ومعمل الجية، فيما التجاذب القانوني انتقل من جبهة رئاسة الحكومة ووزارة الطاقة، إلى جبهة وزارتي المالية والطاقة، بينما سجل على جبهة المجلس الدستوري صدور قرار البتّ بالطعن المقدّم ضد قانون الموازنة، وكان القرار بنظر مصادر نيابية متوازناً، لجهة إبطال مواد مطعون بها ورد الطعن ببعضها الآخر، بما يضمن تسيير أعمال الدولة.
فيما تراجعت حدّة الاشتباك الكهربائي بين السراي الحكومي وميرنا الشالوحي على خلفية ملف الكهرباء وأزمة المراسيم وانعقاد جلسة مجلس الوزراء، طفت جملة من الملفات القضائية على سطح المشهد الداخلي، لا سيما ملف الطعن في الموازنة والتحقيقات بملف حادثة العاقبية، وحضر مشروع قانون «الكابيتال كونترول» مجدداً على طاولة اللجان المشتركة في مجلس النواب، كما سجلت حركة نيابية على خط رئاسة الجمهورية خرقت الجمود القائم في ظل غياب المبادرات، علماً أن المراوحة لا زالت سيّدة الموقف.
ويقوم النائب المستقل غسان سكاف بحراك باتجاه عدد من القوى السياسيّة، فبعد زيارته رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، زار سكاف أمس الأول رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل.
وأوضح سكاف لـ»البناء» أنه تمّ نقل كلامه في غير مكانه، موضحاً أنه التقى باسيل لكن الأخير لم يطرح اسم وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب كمرشح رئاسيّ، بل سُئِل سكاف عن ما ذكرته إحدى الصحف عن أن بوحبيب طرح نفسه مرشحاً، وبالتالي لم يطرح باسيل هذا الأمر خلال لقائهما. كاشفاً أن باسيل طرح عدداً من الأسماء للتوافق، لكن سكاف فضل عدم الخوض بالأسماء بانتظار نضوج أحدها، ولفت إلى أنه التقى جعجع وباسيل وعدداً من رؤساء الكتل النيابية ولمس تجاوباً من الجميع، لكن العبرة بترجمتها على أرض الواقع.
وأكد سكاف أنه سيواصل جولته على القوى السياسة في محاولة للتوصل الى قواسم مشتركة بين الجميع ثم الى صيغة توافقية قبل جلسة مجلس النواب المقبلة، لكن جمع الأطراف على مرشح ما أو مواصفات معينة أو برنامج عمل للمرحلة المقبلة مهمة ليست سهلة.
وكان سكاف قد أكد أن «النائب ميشال معوّض ما زال المرشح الجدي لرئاسة الجمهورية»، موضحًا أنّ «التفتيش عن بديل له غير مطروح الآن ولم يُطرح».
وإذ رجحت مصادر نيابية أن يدعو الرئيس بري الى جلسة لمجلس النواب الخميس المقبل، حذّرت عبر «البناء» من «وضع اقتصادي واجتماعي خطير وتفلت أمني في حال استمر الفراغ الرئاسي لعدة أشهر، لا سيما أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم كل يوم، على صعيد الكهرباء وسعر الصرف والمصارف وأزمة الودائع واحتياطات وقدرة الصمود لدى مصرف لبنان ومؤسسات الدولة وكافة القطاعات في ظل شلل حكومة تصريف الأعمال والنزاع الدستوري عليها، ومنبهة الى أن التأخير بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وتأليف حكومة جديدة وإنجاز الإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد سيأخذ البلد إلى مزيد من الانهيار المالي والاقتصادي والفوضى الاجتماعية»، مشيرة الى أن اللبنانيين أمام فرصة للبننة الاستحقاق وعدم انتظار الخارج والتوصل الى تفاهم على شخصية لرئاسة الجمهورية.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «مرشح الثنائي حركة أمل وحزب الله لا يزال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ولم يبحث بمرشحين آخرين مع أحد»، وأشارت الى أن «قول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إنه يقبل برئيس لا يطعن ظهر المقاومة ليس كافياً لانتخابه رئيساً للجمهورية، بل يجب توافر مواصفات ومؤهلات عدة»، وكشفت أن الوزير السابق جهاد أزعور لم يُعرَض على الحزب كمرشح رئاسيّ رسمياً. كما كشفت أن الفرنسيين عرضوا على الإيرانيين تسهيل انتخاب الرئيس في لبنان فجاء الرد الإيراني بأن لا علاقة لنا بهذا الملف ولا نتدخل به ولا بالوضع اللبناني.
واعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة إثر اجتماعها الأسبوعي «أن انتخاب رئيس الجمهورية دون أي تأخير أو ربط له بحركة الخارج وإسقاطاته، هو مطلب وواجب وطني»، داعية للإسراع إليه «واعتماد أقصر الطرق الدستورية والوطنية المشروعة لإنجازه». ورأت أن «الاتفاق المحلي الوطني السبيل العملي المتاح للقيام بهذا الواجب الأساسيّ وعدم تأخيره أو انتظار سراب التدخلات الخارجية لإخراجه».
واعتبرت الكتلة أن «الانتظام في سير عمل المؤسسات الدستوريّة في البلاد، وتجسيد معاني التعاون والتوازن في ما بينها، هما من أهم مؤشرات استقرار ونظم الأوضاع في البلاد، وخلاف ذلك ليس على اللبنانيين أن يتوقعوا سوى المزيد من المهازل التي تحصل بين الوزارات والإدارات والمؤسسات والأجهزة كالتي نشهدها في استيراد الفيول لزوم تشغيل الكهرباء، وما تسرّب عن التطويع الأخير في جهاز أمن الدولة».
وعلمت «البناء» أن الرئيس ميقاتي فرمل اندفاعه للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء بعدما لمس عدم حماسة بعض القوى لا سيما حزب الله لحضور جلسة من دون تفاهم سياسي مسبق، لا سيما أن الحزب تمنى على ميقاتي التريث بأي دعوة. علماً أن مستشار ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس لفت الى أنه في حال وجد ميقاتي ما يستدعي عقد جلسة سيدعو في الوقت المناسب، لا سيما في ظل وجود الكثير من الملفات الملحة.
وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» كاتباً «القوى والمرجعيات السيادية العظمى تتذرّع بحجج دستورية واهية لتعطيل أي اجتماع وزاري لتسيير أمور الناس وحتى أن البعض طعن في الموازنة وصولاً إلى العبث المطلق وكلهم ينتظر كلمة السر الخارجية التي لم تأت بعد، وفي هذه الأثناء ونتيجة تعطيل المجلس العسكري تبرز الخلافات الى العلن».
وكان المجلس الدستوريّ أصدر قراره النهائيّ بقانون موازنة 2022 وقضى بإبطال بعض بنود القانون وردّ بنود أخرى، وذلك بعد طعن عدد من النواب التغييريين به. وأهم البنود: إبطال المواد 16 و21 و32 و89 و19 من القانون المطعون فيه لعدم دستوريتها.
كما تمّ إبطال عبارة «الفئات المعفاة منه» الواردة في المادتين 53 و54، وكلمة «يصدر» من المادة 109 من القانون المطعون فيه، وبالتالي حذفها من نص المواد المذكورة، وردّ طلب إبطال القانون المطعون فيه لمخالفته المواد 32 و83 و84 و87 من الدستور، ورد طلب إبطال المواد 11 و17 و22 و82 و87 و99 من القانون المطعون فيه، وردّ طلب إبطال المادة 111 من القانون المطعون فيه، مع تحصينها بالتحفظ التفسيري الإلزامي الوارد في متن هذا القرار».
وقال رئيس المجلس القاضي طنوس مشلب: «اعتبرنا أنه يجب ان يكون هناك سعر رسميّ واحد للصرف وقد فسّرنا هذا الأمر». وأضاف: «بلدنا ليس بوضع طبيعي لنطلب من الحكومة ومجلس النواب وجود قطع حساب في الموازنة، وفسرنا تعدّد أسعار الصرف على أن يكون محدداً للجميع ولم يبطل هذا البند».
وتابع: «قرارتنا ملزمة وعملنا منذ أكثر من شهر على الطعون في ما خصّ الموازنة». وأشار إلى أن «في الموازنة هناك ما ألغيناه وما فسّرناه وقراراتنا ملزمة والمجلس الدستوري هيئة مستقلّة ولسنا مرتبطين بأحد».
وأوضحت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» أن المواد التي قبل الطعن بها ثانوية وليست أساسية وبالتالي الموازنة مستمرة وطبقت وقيد التنفيذ، كما تمّ فصل فرسان الموازنة عن مشروع الموازنة كتعديل قانون الشراء العام، موضحة أن الموازنة ذات مفعول رجعي أي ستطبق على الأشهر الماضية منذ إقرارها وفق الأصول القانونية والدستورية.
على صعيد آخر، ادعى القضاء اللبناني على سبعة أشخاص، من بينهم موقوف واحد سلّمه حزب الله إلى الجيش، في قضية إطلاق رصاص على دورية للكتيبة الإيرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، أدى إلى مقتل أحد عناصرها، وفق ما أفاد مصدر قضائي الى وكالة فرانس برس.
وأفاد المصدر بأن «مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي ادعى على الموقوف محمّد عياد بجرم قتل الجندي الإيرلندي ومحاولة قتل رفاقه الثلاثة بإطلاق النار عليهم من رشاش حربي». وادعى كذلك، وفق المصدر ذاته، على «أربعة أشخاص معروفي الهوية ومتوارين عن الأنظار وعلى اثنين آخرين مجهولي الهوية بجرائم إطلاق النار تهديداً من سلاح حربي غير مرخص وتحطيم الآلية العسكرية وترهيب عناصرها». وأحال عقيقي الملف مع الموقوف على قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوّان لإجراء التحقيقات وإصدار المذكرات القضائية اللازمة.
وأعلنت قيادة الجيش، أنه «بعدما أنجزت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني التحقيقات الأساسية في حادثة العاقبية، أحالت الملف الأساسي على القضاء المختص».
وبعد اعتكاف دام لأشهر، دعا مجلس القضاء الأعلى القضاة للعودة إلى ممارسة مهامهم، بما يؤمن استمرارية المرفق العام القضائي وتسيير عمل المحاكم وجميع الدوائر القضائية، وبما يتناسب مع حاجات ووضع كل محكمة ودائرة قضائية وفقًا للإمكانيات المتاحة، وذلك في ضوء ما تم تحقيقه لتاريخه وما جرت مناقشته في الجمعية العمومية للقضاة العدليين التي انعقدت بتاريخ 28/12/2022».
وأكد المجلس مواصلة السعي لتحقيق هذه المطالب، مشددًا على ضرورة صون التضامن القضائي الذي كان وسيبقى العامل الجوهري الأساس، لقيام القضاء بدوره ومهامه في تطبيق القانون وتحقيق العدالة، ولو في ظل حد أدنى من المقومات الضرورية واللازمة في هذه الأوضاع الصعبة والاستثنائية».