الحسيني في ذمّة الله وبيانات نعي استذكرت مآثره: عرّاب الطائف وقيمة وطنيّة وتشريعيّة نزيهة
غيّب الموت أمس، رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني عن عمر ناهز الـ85 عاماً، إثر إصابته بإنفلونزا حادّة استدعت نقله إلى غرفة العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركيّة لتلقّي العلاج، منذ الثالث من كانون الثاني الحالي. ويُشيّع جثمان الراحل اليوم الخميس في بلدته شمسطار – بعلبك وسط حداد رسمي لثلاثة أيّام اعتباراً من يوم أمس، أعلنه في مذكّرة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وقد نعاه العديد من المسؤولين والشخصيّات السياسيّة معبّرين عن الألم لخسارته. وفي هذا السياق، اعتبر الرئيس العماد إميل لحّود، أنّه برحيل الحسيني «خسر لبنان رجل دولة بامتياز، ليس فقط لأنّه كان خبيراً دستوريّاً وقانونيّاً ورجل مؤسّسات ووطنيّاً إلى أقصى حدّ، بل هو امتلك صفة تكاد تُصبح نادرة لدى الطبقة السياسيّة، وهي النزاهة والترفّع، وقد شكّل فقدانهما أساس خراب البلد، وكانت نتيجته ما نعيشه اليوم من أزمات وانهيار».
أضاف في بيان «لقد ساهم الرئيس الحسيني في إنهاء الحرب في لبنان عبر دوره في إنجاز اتّفاق الطائف، وكان له موقف جامع خلال فترة تولّيه رئاسة المجلس، وقد جمعنا الاحترام المتبادل والحرص على وحدة لبنان وأبنائه».
وختم الرئيس لحّود «وبقدر افتقادنا للراحل العزيز، نأمل أن تطلِّع الأجيال الجديدة على مزايا هذا الرجل، لعلّ الاقتداء به يُساهم في نهوض الوطن وتخلّصه من الآفات التي يعاني منها».
أمّا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، فقد نعى الحسيني في بيان قال فيه «بمزيد من الرضى والتسليم بمشيئة الله سبحانه وتعالى، باسم الشعب اللبناني أنعى إلى اللبنانيين كبيراً من كبار لبنان، وقامة وطنيّة من قاماته التي ما بدّلت تبديلاً، نذرت جُلّ حياتها دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويّته الوطنيّة والقوميّة، جهاداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيّبة. عنيت به رفيق الدرب دولة رئيس مجلس النوّاب السابق السيد حسين الحسيني والذي برحيله وارتحاله إلى جوار ربّه، نفقد ويفقد لبنان قيمة إنسانيّه وتشريعيّة ونضاليّة لا تُعوَّض».
وختم «إنّني باسمي الشخصي وباسم الزملاء النواب أتقدّم من أسرة الراحل وآل الحسيني ومن أهلنا في البقاع وبلاد جبيل ومن الشعب اللبناني بأحرّ التعازي».
ونعاه الرئيس ميقاتي الذي اعتبر أن بغياب الحسيني «تُطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق»، مشيراً إلى أنّ حضور الحسيني «شكّل علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسيّة على مدى سنوات عديدة».
بدوره رأى الرئيس سليم الحص في بيان، أن بوفاة الحسيني «يتكبّد لبنان واللبنانيون خسارة لا تُعوّض في الانفتاح والحوار الوطني والتشريع والمعرفة في مجلس النوّاب». وقال «لبنان فقد اليوم قامة وطنيّة عالية وقيمة دستوريّة رفيعة وبغياب الرئيس الحسيني تُطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل الوطني والسياسي المشترك».
أضاف «كان الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وهو الرائد الأساسي الذي أسهم في إنجاز وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتّفاق الطائف، بغيابه نخسر أنا وعائلتي صديقاً عزيزاً مخلصاً تشاركنا هموم الوطن في كثير من المحطّات الوطنيّة».
وختم «نودّعه اليوم، لكن إرثه الوطني الغنيّ بالنزاهة وبالإنجاز باقٍ أبداً في الضمير وفي الذاكرة الوطنيّة، وفي تاريخ الوطن رجل الدولة المشرف بامتياز».
وأشارت كتلة الوفاء للمقاومة إلى أنّها تلقّت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الحسيني «بعد عمرٍ حافلٍ بكثيرٍ من الاهتمامات والإسهامات بالشأن السياسي والوطني العام وتكلّل بما كان له من دورٍ مهمّ على صعيد إقرار وثيقة الوفاق الوطني والتعديلات الدستوريّة التي تحقّقت في ضوئها»، معربةً عن حزنها «لفقد هذه القامة الوطنيّة».
وغرّد النائب حسن مراد عبر حسابه على «تويتر»، كاتباً «أحد عرّابي الطائف الذي أوقف الحرب الأهليّة المدمّرة رحل عنّا اليوم. رحم الله حسين الحسيني الذي سيبقى ذكره طيّباً ما بقيَ لبنان».
وقال رئيس «تيّار الكرامة» النائب فيصل كرامي في بيان «يرحل الكبار ويبقى حضورهم راسخاً في الوطن»، واصفاً الحسيني بأنّه «واحد من هؤلاء الكبار، رجل الدولة ورجل الانفتاح والحوار والسلم الأهلي، رجل اتّفاق الطائف، والمرجع السياسي والدستوري، والنهج الوطني والعروبي».
واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب فادي علامة عبر «تويتر»، أنّ برحيل الحسيني «نفتقد هامة وطنيّة ورجل حوار ومُشرِّع شهد على مراحل مفصليّة من تاريخ لبنان».
بدوره، غرّد النائب طوني فرنجية عبر حسابه على «تويتر» قائلاً «بغيابك اليوم يخسر لبنان برلمانيّاً لامعاً ورجلاً عَمِلَ من أجل إنهاء الاقتتال في لبنان، فكان رمزاً من رموز اتفاق الطائف. عزاؤنا للأهل والأقرباء والمحبين وكل اللبنانيين».
وتقدّم الوزير السابق نقولا تويني بأحرّ التعازي لعائلة الحسيني وللشعب اللبناني «لفقدانه قامة وطنيّة شريفة عليمة». وقال في بيان: «عمل الفقيد طوال حياته في خدمة لبنان وشعبه واخترع سبلاً للتقارب والرحمة والوئام بين أبنائه وأطيافه السياسيّة والمذهبيّة وتبوأ أعلى المناصب واعتكف عندما شعر أن العمل من خارج الدولة مفيد للناس والدولة معاً. قابلته عند عزوفه فقال لي العزوف رياضة في فكر النزاهة والتأمّل واجب علينا».
واتّصل عميد «المجلس العام الماروني» الوزير السابق وديع الخازن بالرئيس برّي مُعزّياً بالحسيني، ومثنياً على «المزايا التي كان يتمتّع بها واعتداله، فضلاً عن التزامه الدائم الميثاقيّة الوطنيّة الجامعة». واعتبر الخازن في بيان، أنّ برحيل الحسيني «يفقد لبنان مرجعيّة دستوريّة ومحافظاً على لبنان وطن الرسالة والعيش المشترك الإسلامي ـ المسيحي».
ونعى رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب السابق طلال أرسلان في تغريدة له على «تويتر» الحسيني كاتباً «رحل اليوم صديق خلدة الكبير، الكبير في فكره ووطنيّته وتواضعه وأخلاقه، رحل دولة الرئيس المحبّ الشريف الذي أفنى عمره في خدمة وطنه وشعبه. الرئيس حسين الحسيني الأخ الكبير والصديق والشاهد على عقد زواجي، رحمة الله عليك».
كما نعى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الحسيني الذي قضى معظم عمره «في العمل الوطني والسياسي والنيابي صاحب السيرة الحافلة بالعطاءات والمواقف الوطنيّة والإسلاميّة الوحدويّة نصرة لقضايا الوطن والأُمّة، فساهم مع الإمام السيّد موسى الصدر وإخوانه في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة «أمل» ورفع لواء رفع الحرمان عن المناطق المحرومة في لبنان وتصدّى للحرب الفتنة بين اللبنانيين، رجل الحوار وداعية الانفتاح والتعاون بين اللبنانيين عمل بجدّ لترسيخ العيش المشترك وتحصين السلم الأهلي».
كما أصدرت هيئة الرئاسة في حركة «أمل» بعد جلسة إسثنائيّة، بياناً نعت فيه «الأمين العام السابق للحركة رئيس المجلس النيابي السابق السيد حسين الحسيني»، معتبرةً أنّ برحيل الحسيني «يفقد لبنان وتفقد الحركة واحداً من قياداتها المؤسّسين الذين رافقوا مسيرة الامام القائد السيد موسى الصدر منذ الانطلاقة وطيلة سنوات تغييب الإمام الصدر ورفيقيه في ليبيا».
واعتبر المنسّق العام لتجمّع اللجان والروابط الشعبيّة معن بشّور، أنه سيبقى اسم الرئيس الحسيني «في تاريخ لبنان المعاصر اسماً خالداً لما قدمه لبلده من مواقف وحدويّة، وبما أرساه في العلاقات بين اللبنانيين من قيم الانفتاح والاعتدال والتفاهم والتواصل والتفاعل والتكامل، وهي قيم حرص الرئيس الراحل على تجسيدها في اتّفاق الطائف الذي اعتبره كثيرون أباً له، حافظاً لمداولاته، حريصاً على روحه التي تؤكّد وحدة اللبنانيين وعدم جواز إلغاء أيّ لبناني اللبناني الآخر أو إخضاعه أو التسلّط عليه».
ونعى الرئيس العالمي للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم عبّاس فواز في بيان الحسيني، معتبراً أنّ برحيله «يفتقد الوطن قامة مميّزة من رجالاته الكبار. ترك بصمات كبيرة في مسيرته الوطنيّة، رائد من رواد الحوار، رجل دولة، نادى دائماً بدولة المؤسّسات، من كبار رجالات اتّفاق الطائف، حريص دائم على تطبيق الدستور، حمل همّ الوطن ونادى بالتوازن الوطني في كلّ مواقفه. مآثره كبيرة».
وختم «باسمي، باسم المغتربين وباسم المجلس العالمي «للجامعة اللبنانيّة الثقافية في العالم» أتقدّم من أسرة الفقيد وعموم الشعب اللبناني بأسمى آيات العزاء داعياً المولى العزيز أن يسكنه الفسيح من جنانه».
ورأت «ندوة العمل الوطني»، في بيان، أنّ بغياب الحسيني «تُطوى صفحة مشرقة من تاريخ التشريع البرلماني الحافل بالإنجازات الوطنيّة ولا سيّما اتفاق الطائف».
وأعرب نقيب محرِّري الصحافة اللبنانيّة جوزف القصيفي، في بيان، عن حزنه لغياب الحسيني «عرّاب اتّفاق الطائف الذي ظلّ حتى الرمق الأخير يرى فيه أكثر من مجرد اتّفاق: وثيقة وفاق وطني ودافع عنه بشراسة، معتبراً أن شيطنته من قبل البعض سببها عدم تنفيذ كامل بنوده».
وقال القصيفي «كان الحسيني أحد رموز الاعتدال والانفتاح في لبنان، ومن جيل آمن بالعيش الواحد وبمكانة وطنه ورسالته كأرضِ تلاقٍ وتفاعل للحضارات والأديان السماويّة، ونسج علاقات متينة وراسخة مع الفاتيكان والمرجعيّات الروحيّة الإسلاميّة والمسيحيّة في لبنان وداعياً إلى كلمة سواء. وتميّزت علاقاته بالصحافيين والإعلاميين بالاحترام، والتفهّم والرغبة الدائمة في الحوار البنّاء، وهو الداعي إلى حريّة مسؤولة هي عماد المجتمع».
وختم «في وداع صديق بهذه القامة والهامة، لسنا نملك سوى القول: إنّ الموت حقّ، وأنّ من كان له مثل هذا الحضور الرائد والوازن، سيبقى ذكره مخلّداً. رحمه الله رحمةً واسعة، ولعائلته جميل الصبر والعزاء».