إكرام الطائف دفنه…
عماد محمد ياغي
عندما نقرأ تلك المقرّرات المخطوطة فى ثنايا وثيقة الطائف قد يتعجّب البعض ويحاول جاهداً أن يدافع عن حقوق طائفته المسلوبة في مواد الطائف، وذلك فى ردّ فعل سريع، وتتراءئ أمام أعيننا أقصوصة مظلومية الطوائف وكيف انّ تلك الوثيقة قد صنعت وجدان وروح العيش المشترك بل وساعدت فى جمع أوصاله وجعلت الشعب يألف تلك الحياة بكلّ تحدياتها.
فقد أوحت الوثيقة بعد حرب أهلية طاحنة أنها بمثابة شروق للبنان الجديد وأنها المياه العذبة التي ستروي ظمأ اللبنانيين التواقين لبناء دولة المؤسسات.
ومن الطبيعي انّ المكونات التي شاركت في الحرب، وأنهاها القرار الدولي، استعانت بمواد الطائف التي أعادت بناء دولة طائفية وبقيت مقرّرات تلك الوثيقة في النصوص ولم تطبّق في النفوس فأضحت كمريض في العناية يتنفس عبر أجهزة اصطناعية ولا يعلن عن وفاته.
اليوم مع وفاة عراب الطائف الرئيس حسين الحسيني أصبح من الواجب إكرام الطائف ودفنه، حيث ثبت بعد 33 سنة وبالوجه الشرعي انّ الطائف لم يكن يوماً بالمفهوم التطبيقي والواقعي وثيقة لبناء الدولة بل اتفاقية هدنة، وانتقل أغلب المشاركين في الحرب الأهلية من حرب الشوارع والمدافع الى حرب اقتسام الجبن والعسل، فكان لبنان بلد اللا وطن واللا مواطنة.
عندما يكون اللبناني جائعاً وهو مبتسم إعلم أنه قد ماتت بداخله أشياء لا تستطيع كلّ الوثائق والاتفاقات ان تجعله مواطناً يبحث عن مخرج وحلّ، فكلّ فرد منا أصبحت لديه جمهوريته الخاصة في الصحة والأمن والغذاء والكهرباء والماء وكلّ متطلبات الحياة، بعدما عجزت السلطة ان تكون راعية لأبسط حقوق الإنسان.
تلك الوثيقة لا جدوى منها ولا معنى وعلى اللبنانيين ان يجدوا نظاماً بديلاً يجعلهم ضمن دولة لها معالم على كافة المستويات، ولهذا فإنّ إكرام الطائف دفنه دون صلاة بل بطهارة مع الاحتفاظ بحماية ظهر المقاومة ودعمها طالما انّ العدو يدنس الأراضي المقدسة في فلسطين المحتلة.