أولى

القضاء وكذبة التسييس

– يمكن تقبّل فكرة أن القضاة في لبنان مسيّسون بالمفرق كل حسب خصوصية ولاءاته وخياراته مع هذا الفريق أو ذاك أو خارج كل الولاءات، وأن القاضي يتبع او لا يتبع في أحكامه او قراراته وخياراته معايير قانونية صرفة او يدخل عليها السياسة وفقاً لخيار شخصي حر، لأن كذبة أن في لبنان قضاء بالجملة يتبع لحكم سياسي يصدر التعليمات ويتحكم بمواقف القضاة، لم يعد ممكناً تقبلها ولا تصديقها، وبات معيباً التحدث فيها، بل إن مطلب استقلالية القضاء صار أمراً مثيراً للسخرية.
– خلال العام الماضي اندلعت أكبر أزمة بين القضاء مجتمعا وبالجملة وبين أكبر قوتين سياسيتين، واحدة متهمة بأنها تمسك ادارة النظام السياسي هي حركة أمل ورئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والثانية متهمة بأنها تمسك بالنظام الأمني وتهيمن على قرار النظام وتديره هي المقاومة بقيادة حزب الله. وكان محور المعركة مساءلة قاضٍ كلف بالتحقيق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت هو القاضي طارق بيطار. وكانت النتيجة فشل أمل وحزب الله في مواجهة القاضي بيطار من داخل المؤسسة القضائية التي يمثلها مجلس القضاء الأعلى، ثم فشل أكبر في مواجهة القاضي بيطار من داخل المؤسسة السياسية التي تمثلها الحكومة.
– سواء كان القضاء مستقلاً أو تابعاً لجهة سياسية مناوئة للمقاومة، فالخلاصة هي أنه لا يستقيم الحديث عن القضاء كذراع لفرض هيمنة المقاومة على الدولة، بعد هذه المواجهة ونتائجها. والغريب العجيب أن خصوم المقاومة عندما لا يعجبهم قرار قضائي إجرائي ربما تكون خلفياته ما دون السياسة، ويكون قرار القاضي فيه فردياً على الأرجح، كحال توقيف وليم نون، يتذكرون شعار القضاء التابع والمسيّس والنظام والقمع وكم الأفواه. وعندما يقف القضاء بالجملة وراء مواقف تشبه مواقفهم ينسون ما قالوا ويصير القضاء سيادياً لا تحركه الا القواعد القانونية.
– نسخة بائسة عن السياسة نعيشها في لبنان.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى