دبوس
التداعيات الحتمية
الفلسفة الشيطانية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأميركية في هذا الصراع المحتدم على مسرح العالم برمته تستند الى خلق مناقض لكلّ واحدة من بؤر التصدي للهيمنة في منطقة المحيط لكلّ واحدة من هذه البؤر، فيتسنّى لأميركا حينئذ إغراق كلّ ساحة من هذه الساحات في صراع لا ينتهي، يترتب عليه مشاغلة دول التصدي بمحيطها في عملية استنزاف لن يخرج أيّ طرف من أطراف هذا الصراع إلا وقد استنزف تماماً، وفي أفضل الحالات ضعيفاً غير قادر على ان يكون طرفاً مؤثراً في مقارعة الهيمنة وبالتالي في حالة جهوزية لتقديم التنازلات التي لن تكون في مصلحة تطلعاته ومقدرته على ان يشكل تهديداً جدّياً لأميركا، روسيا تنخرط ضدّ الناتو الغربي، وإيران تنخرط في صراع ضدّ الناتو الشرق أوسطي، كما سماه الملك الأردني، والصين تزجّ في صراع طاحن ضدّ ناتو شرق آسيوي، فلا تخرج أيّ من القوى الثلاث التي تتصدّى للهيمنة الاميركية إلّا وقد أنهكت واستنزفت على الصعيد الاقتصادي والعسكري، فتضطر الى تقديم التنازلات في نهاية المطاف، مما يوقف، أو في أقلّه يبطئ من اندفاعتها كيما تشكل تحجيماً للجبروت الأميركي والرغبة المتصاعدة في مزيد من نهب الثروات وإذلال الشعوب.
لا ريب ان المجمع الصناعي العسكري في أميركا الآن في حالة من الغبطة والفرح لأنه يحقق أرباحاً قياسية، وآخر شجونه وهمومه ان هذا المنتج الذي يغرق به ساحات القتال، يقتل الناس بمئات الآلاف، أو حتى بالملايين، الاعتبار الأول الذي يتحكم بقرار التصنيع وتطوير تكنولوجيا القتل هو الربح المادي، ولا شيء سوى الربح المادي، ولتذهب البشرية برمّتها الى الجحيم، ولكن الذي لم يتحسّب إليه فلاسفة السياسة وصانعي القرار في البيت الأبيض، هو عنصر الشعوب، سواءً في أوروبا، او في الشرق الأوسط، او في شرق آسيا، والتي ستخرج إلى الشوارع، انْ لم تكن قد بدأت بالتدفق فعلاً لتقول لقياداتها الألعوبة بيد البيت الابيض، بأننا لن نرضى أبداً ان نكون وقوداً لحروب أميركا، بينما تقوم كارتلات صناعة القتل بتحقيق الأرباح وكنز جيوبها بالمال، وانّ غداً لناظره قريب.
سميح التايه