حي القيمرية في دمشق اختصار لتاريخ أقدم عاصمة مأهولة في العالم
حُفِر على جدران وأزقة حي القيمرية الدمشقي تاريخ أقدم عاصمة مأهولة في العالم، وهو الذي يشغل منطقة متوسطة بين أحياء مدينة دمشق فهو يصل بين بابي توما والسلام ومنطقة العمارة والجامع الأموي، محتضنا تفاصيل جميلة تشمل مختلف أنواع الصناعات اليدوية التي تشدّ الزائر إليها.
وأطلق على حي القيمرية العريق في القرن التاسع عشر حسب كتاب «دمشقيات» للباحث منير كيال «الهند الصغرى»، وذلك لما يضمه من أنواع مختلفة من الصناعات الفاخرة وأصناف النسيج المميزة، حيث شكل على مدار سنوات متنفساً لأهالي دمشق ومحيطها لقضاء أوقات جميلة والتمتع بروحانية المكان بكل ما يحمله من عبق الماضي والتاريخ العريق.
يتسابق رواده منذ ساعات الصباح الباكر للسير في الطريق العتيق ذي الحجارة السوداء يرافقهم صوت فيروز المنبعث من المقاهي والمحال التجارية وتفاصيل أخرى كمحال الأكل والبن والسكاكر والتحف، إلى جانب العروض الفردية التي تقدمها مجموعة من الشباب لرسم الوجوه مباشرة أو كتابة أسماء الأحباء على الرمل الملون أو حبات الأرز أو أخذ صورة تذكارية في هذا الحي المغرق بالجمال أو شراء ورود جورية تباع في أزقة الحي أو زيارة المطاعم والمقاهي المنتشرة في جوانبه.
ويتميّز الحي ببعض المأكولات الشهية التي يختص بها كالبيتزا والكرواسان، ومن ثم الجلوس في مقهى النوفرة لشرب الشاي «الخمير».
كما يجد السائح في القيمرية ضالته من التحف والهدايا التي تعكس بساطة وجمالية العمل اليدوي السوري العريق.
ولهذا الحي قصص وذكريات كثيرة مع المحبين فهو المكان الذي يجمعهم باستمرار، حيث تجمعهم تفاصيل عديدة منها كتابة أسمائهم على حبة الأرز ورسم وجوههم بقلم الرصاص على الورق الأبيض وطباعة رسوم محببة على ملابسهم وتشكيل أول حرفين من أسمائهم بحبات الرمل الملون.
كما يشهد حي القيمرية ازدحاماً غير مسبوق في فترات الأعياد والمناسبات والعطل الرسمية، وتاريخياً يمتد حي القيمرية وفق تعريف الباحثين في هذا الإطار من شرقي المسجد الأموي عند باب جيرون غرباً إلى حي الجورة الذي يفصله عن حي باب توما شرقاً ويفصل هذا الحي عن الشارع المستقيم – امتداد سوق مدحت باشا حي الخراب جنوباً.
أما التسمية فتعود إلى مدرسة أقامها الأمير ناصر الدين القيمري أحد قواد الناصر الأيوبي وعُرفت باسم المدرسة القيمرية الجوانية الكبرى، كما يتميز بوجود دور قديمة فيه تأسر الناظر إليها لكونها تتميز بالطابع الدمشقي والروابط الاجتماعية الوثيقة بين السكان القاطنين فيه.